تحدث الكاتب والمحلل السياسي مبارك آل عاتي عن المبدأ الذي تعتمده السعودية والذي يجعلها أنظار جميع أطراف النزاع الإقليمي والدولي سيما في ظل احتضانها مباحثات روسية أمريكية.

وخلال حديثه في برنامج 'قصارى القول' مع سلام مسافر على قناة RT عربية، أكد أن مبدأ الحيادية الاستراتيجية للسعودية القائم والمُعتمد على القوة اقتصادية وعلى وضوح الرؤية السياسية، وعلى قدرة المحافظة على القرار السيادي للبلاد، تعتبر المرتكزات الأساسية التي جعلت السعودية محط أنظار جميع أطراف النزاع الإقليمي والدولي سيما في ظل احتضانها مباحثات روسية أمريكية تمهيدا لاستضافتها لقمة على مستوى رئيسي البلدين.

وشدد عاتي على أن 'السعودية عملت كل السنوات السابقة تحديداً لأجل هذا اليوم وهذه القمة التي يجتمع فيها قادة أكبر دولتين في العالم، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد في ضيافة سمو ولي العهد الذي تجمعه علاقات شخصية معهما'.

وأضاف: 'وأنا أتحدث معكم كان موكب وزير الخارجية الأمريكية يعبر من أمام الرياض لأول مرة،في إشارة إلى أن الرياض تحتضن الوفود الدبلوماسية، وكل ذلك ناتج عن إيمان المملكة العربية السعودية، برئاسة قيادتها السياسية الحالية، بأنها تستحق أن تكون دولة رائدة على الصعيد السياسي وقائدة على المستوى العالمي'.

ووصف عاتي دور السعودية اليوم 'بالمسيطرة على عصب اقتصاد العالم' من خلال الطاقة بمختلف أنواعها، وليس النفط فقط، في ظل إقامة علاقات متوازنة مع 'الخصوم أو مع المتناقضات، سواءً مع الروس أو الأمريكيين أو الأوروبيين أو الصينيين، بالإضافة إلى تمكنها من تصفير خلافاتها وإنهاء ما كان يعرف بقطع العلاقات مع ألد الخصوم وأعدائها'.

وتابع عاتي 'أضف على ذلك سياسة ولي العهد التي تتسم بالبراغماتية، بدءًا من مكافحة الفساد داخليا،مرورا بالسيطرة على المال العام والإنفاق سواء الداخلي أو الخارجي وفق الآلية التي أعلنتها الحكومة للشعب، وإعادة تنظيم المؤسسات القضائية والعدلية والنيابيةوصولًا إلى إقامة مشاريع استراتيجية بعيدة المدى، وغيرها من الحركات التي أدت إلى تطبيع العلاقات حتى مع إيران'.

وعن الفوائد التي تكتسبها السعودية من استضافة قمة بوتين- ترامب، بين عاتي أن 'السعودية كانت تؤمن بأن هناك مكتسبات ستأتي تلقائيًا، سواء كانت سياسية أو اقتصادية'، مضيفا 'ولذلك، أعلن وزير الاقتصاد اليوم أن لدى المملكة العربية السعودية ما لا يقل عن 600 شركة قد افتتحت مقراتها الإقليمية في الرياض. كان من المتوقع أن يصل العدد إلى 500 شركة بحلول عام 2030، لكننا اليوم نسجل أكثر من 600، ونحن في عام 2025، مما يعني أننا حققنا هذا الإنجاز قبل خمسة أعوام. هذه هي الفوائد التي جنتها بلادنا، بالإضافة إلى الفوائد السياسية'.

وشدد عاتي أن كل ذلك 'يُشكل حقيقة لأرض صلبة ترتكز عليها الحكومة في مسيرتها لتحقيق المكاسب التي سعت للحصول عليها في الداخل، ومن ثم أيضاً جني ثمار الأرباح التي وصلت إليها تباعا، حيث أن الاستثمارات العالمية عندما رأت الأمن والاستقرار؛ بدأت تتدفق'.

وأردف: 'اليوم، نحن أشبه ما نكون بكعبة سياسية تتوافد إليها الوفود السياسية، وهذا نتيجة طبيعية، فقد بشر سمو ولي العهد في دافوس الرياض قبل ثلاثة أعوام بأن منطقة الشرق الأوسط ستكون أوروبا الجديدة، ولذلك رأينا اقتناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب يأن الرياض هي المكان المناسب لعقد لقاء هذه القمة التي تأتي في وقت سياسي حاد ومهم جداً يشهده العالم، وفي زمن اقتصادي عصيب جداً على المجتمع الدولي'.

نراهن على الموقف العربي في مواجهة التهجير القسري لأهالي غزة

وأكد آل عاتي أنو مبدأ حل الدولتين في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي يكاد اليوم أن يكون في موضع خطر شديد، مبينا أن السعودية والمنطقة تراهن كثيراً على استمرار ثبات الدول العربية الفاعلة بموقفها الرافض لمطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة إلى مصر والأردن.

وقال إن 'تصريحات ترامب جوبهت برفض سعودي بعد 45 دقيقة من إعلانها، وكان معها مصر والأردن وبقية الدول الخليجية'، مبينا أن 'القمة الخماسية التي ستستضيفها الرياض في العشرين من فبراير الجاري، بمشاركة كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر، ستركز نتائجها على المبادرة المصرية. كما سيتم إقرار البيان الذي ستصدره قمة القاهرة الطارئة، التي دعت إليها السلطة الفلسطينية في السابع والعشرين من فبراير في القاهرة'.

وحول تمكن المملكة من الضغط على أولئك الذين يسعون للتطبيع مع إسرائيل وقدرتها على الحد من هذا الاندفاع، أوضح عاتي أن 'السعودية ومعها مصر وبقية الدول كانت تعتبر مثل هذا القرار قراراً سيادياً في فترة من الزمن، لكن نلاحظ اليوم أن الدول التي أقامت علاقات مع إسرائيل لا تقول إنها شعرت بالندم، لكنها لم تحقق المكتسبات التي كانت تسعى إليها، بل على العكس، رأينا أن إسرائيل هي من حصدت المكتسبات'.

وأضاف: 'أعتقد أن كثيرًا من العواصم قد تراجعت عن قراراتها تلقائيا دون أي تدخل، مع التأكيد على أن المصالح العربية يبدو لي أنها ستغلب كثيرا، خصوصا في المرحلة المقبلة وطبعًا يبقى هنا الدور الريادي للمملكة عنصرًا أساسيا وفاعلا'

المصدر: RT