اخبار تونس
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١ كانون الأول ٢٠٢٥
استراتيجية لمواجهة خطر استنزاف احتياطات مياه الشرب بـ26.68 مليار دولار
تعرف إدارة الموارد المائية في تونس تحولاً كبيراً بالانتقال من خطط التخزين إلى حوكمة التصرف بالحفاظ على المياه التقليدية وتدوير المستعملة، وذلك من طريق استراتيجيتها الجديدة في التكيف مع التغيرات المناخية والانتقال من الاكتفاء بتخزين الثروة المائية إلى تدوير المياه باعتماد المعالجة والرسكلة.
وضعت الحكومة استراتيجية 'المياه 2050' لمواجهة خطر استنزاف احتياطات مياه الشرب، وركزت خطة عمل بقيمة 23 مليار يورو (26.68 مليار دولار) لضمان الوصول إلى المياه بحلول عام 2050.
وهو مشروع ضخم بدعم من البنك الأفريقي للتنمية وشركاء دوليين آخرين، ويظهر الالتزام بالاستثمار بكثافة في الحفاظ على هذا المورد الحيوي، ومن أهم مقوماته تمويل الصرف الصحي وإعادة التدوير.
ويهدف المشروع إلى جانب حماية النظام البيئي إلى تعزيز إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعة، وبذلك، تصبح إعادة تدوير المياه استثماراً لمعالجة شح المياه والحفاظ على إنتاجية قطاع اقتصادي رئيس، لكن يواجه هذا المشروع تحديات متعلقة بالبنية التحتية المهترئة ومصاعب تقنية إلى جانب الكلفة الطاقية.
وتعاني تونس ظاهرة الشح المائي، إذ يتوفر للفرد 450 متراً مكعباً من المياه في العام، وهو تحت سقف الفقر المائي العالمي الذي يبلغ 1000 متر مكعب، وتحت خط الفقر المائي المدقع الذي يبلغ 500 متر مكعب.
وتغطي خدمات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه (عمومية) 94 في المئة من الوسط الريفي و100 في المئة من الوسط الحضري في تونس.
وكشفت المتخصصة في الأحياء المائية آمال جراد أن الموارد المائية في تونس تبلغ 4766 مليون متر مكعب في العام، تتوزع بين 55 في المئة مياه سطحية و45 في المئة موارد جوفية.
ويستحوذ القطاع الزراعي على 79 في المئة من هذه الموارد بما قيمته 2150 مليون متر مكعب في العام، ومياه الشرب على 15 في المئة منها بما قيمته 420 مليون متر مكعب، والقطاع الصناعي على 3 في المئة من هذه الموارد بـ145 مليون متر مكعب، بينما لا يزيد نصيب القطاع السياحي على واحد في المئة بما يساوي 35 مليون متر مكعب.
وتتمثل المخاوف في استغلال 95 في المئة من الموارد، إذ تعاني المائدة المائية الاستغلال المفرط الذي ناهز 120 في المئة، مما أدى إلى ارتفاع مخيف في نسبة الملوحة إلى غرامين لدى 35 في المئة من الموارد، و1.5 غرام لدى 53 في المئة.
وتزيد العوامل المناخية من أخطار الاستنزاف بتراجع كميات الأمطار، وتوقعات بارتفاع معدلات الحرارة في الصيف إلى 33 درجة مقابل 30 درجة في أفق عام 2050، و15 درجة شتاءً مقابل 12 درجة.
وترتكز استراتيجية تونس 'المياه 2050' على خريطة طريق لتأمين الثروة المائية بصفة مستدامة، وذلك من طريق الحوكمة الحديثة، ولن يتجسد هذا دون تشجيع الإدارة الفعالة للموارد.
وتصف الخبيرة في مجال المياه والتدوير ألفة محجوب ذلك بالاستثمار في الثروة المائية من طريق معالجة المياه المستعملة، وقالت لـ'اندبندنت عربية' خلال حضورها في مركز التغيرات المناخية التابع للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات أنه يتحقق من طريق زيادة معدل إعادة التدوير إلى 80 في المئة بمعالجة 450 مليون متر مكعب من إجمال 560 مليون متر مكعب بحلول عام 2050.
وتتجاوز نسبة معالجة المياه 95 في المئة من المياه المستعملة في تونس وتناهز 300 مليون متر مكعب عام 2025، وعولجت 295 مليون متر مكعب عام 2024، مما يمثل 10 في المئة من الموارد المائية، لكنها لم تحقق التغطية المرجوة للاستعمالات الزراعية وغيرها، ولم يتجاوز اعتمادها في الزراعة نسبة 4 في المئة.
بهدف الحفاظ على الثروة المائية التقليدية واعتماد المياه المعالجة في مجالات أخرى غير الاستعمال المنزلي، وبحكم احتواء المياه المعالجة على أكثر من 99 في المئة مياه وواحد في المئة من مواد عضوية تعوض الأسمدة المعتمدة في الزراعة، فهي مثالية للاستعمال الزراعي.
وتضيف محجوب، 'لكن لا تزيد المناطق التي تستفيد من الري بهذه المياه في تونس عن 7807 هكتارات، 47 في المئة منها أشجار مثمرة و39 في المئة أعلاف و12 في المئة حبوب، موزعة على 17 محافظة. وهنا يأتي دور البحث العلمي للعمل على هذه النقاط مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة للتوفيق بين الحاجات المائية والأسمدة، بهدف ترفيع استعمال المياه المعالجة من 4 في المئة فحسب في الزراعة في الوقت الحالي إلى 80 في المئة في أفق 2050'.
وتضيف 'لكن تواجه هذه المشاريع المرتبطة بالاستراتيجية الجديدة عوائق تقنية عديدة، إضافة إلى هشاشة البنية التحتية للديوان الوطني للتطهير (عمومي) من قنوات التصريف وصولاً إلى شبكة الري المنتهية الصلاحية في عديد من المساحات، علاوة على إشكاليات الحاجات التكوينية للمستعملين للمياه المعالجة والتوعية بأهميتها، تليها معضلة الكلفة المرتفعة لكلفة الطاقة، مما يفسر الاتجاه مستقبلاً إلى اعتماد الطاقة البديلة، علماً أن الكلفة تناهز 170 مليم (0.056 دولار) في المتر المكعب، وهي قابلة للتطور، مما يحتم العمل على اعتماد الطاقة المتجددة للضغط على الكلفة'.
وكشفت محجوب عن اعتماد هذه المياه في تجارب بيئية مختلفة على غرار حقن المياه الجوفية بالمياه المعالجة، لكنها ظلت تجربة نموذجية، إذ تفتقر تونس إلى مواصفات استعمالها للحقن.

























