اخبار سوريا
موقع كل يوم -سناك سوري
نشر بتاريخ: ٢١ نيسان ٢٠٢٥
منذ تولت السلطات الجديدة إدارة البلاد في كانون الأول 2024 وهي تتعامل مع النساء بشكل تمييزي سلبي، وإذا تتبعنا الاجتماعات والصور التي نشرت على صفحات المحافظات والوزارات نجد النساء مفصولات عن الرجال حتى في مؤتمر الحوار الوطني، على صعيد المحليات تم الفصل بين الجنسين في عدة محافظات وجلست النساء في كثير من الاجتماعات في الصفوف الأخيرة لوحدهن.
تظهر قضية منع الاختلاط حالياً كواحدة من القضايا التي ما لبثت السلطة ان استقرت بالحكم حتى بدأ مسؤولون فيها إجراءات الفصل بين الجنسين. من مبدأ أنه لا يحق للمرأة أن تخرج مع رجل ليس شقيقها أو زوجها أو أن تجلس إلى جانبه في العمل الحكومي. وهو أمر اعتاد عليه المسؤولون في السلطة عندما كانوا في الشمال السوري قبل إسقاط النظام حيث كان هناك توافق بين السلطة الدينية والسياسية على تجريم الاختلاط سواء عبر الفتاوى أو عبر لافتات وضعت في بعض الشوارع كتب عليها 'الاختلاط حرام'.
وخلال الأشهر الماضية انتشرت الكثير من حالات منع الاختلاط بعضها صرح عنها مواطنون علناً تعرضوا لتوقيف في الشوارع وسؤال لإناث وذكور يسيرون في الشوارع عن الرابط بينهما ومنعهم من السير معاً وفي حالات لم يتمكنوا من المنع كما حدث مع الإعلامية نور حداد التي استطاعت الدفاع عن نفسها وعن استقلالها وحريتها الشخصية وهي تتمتع بحيثية ساعدتها على حماية حقوقها التي ربما تفتقدها الكثير من النساء في ظروف مختلفة.
وكذلك شهدنا حملة على السوشيل ميديا ضد شاب يجلس في الحديقة مع فتاة، وأخرى بعد صورة لفتيات التقطن صورة مع عناصر في وزارة الدفاع وكأن الأمر من الكبائر.
إضافة لقرارات مكتوبة وأخرى شفهية داخل مؤسسات حكومية تفرض الفصل بين الجنسين وتحديد أماكن جلوس النساء بما فيها ضمن القطاع الطبي.
إلا أن السلطات لم تدخل علناً للتعامل مع هذه الحالات ولم يخرج أي مسؤول في السلطة ولا من الإعلاميين المتحدثين بإسمها بشكل رسمي أو بشكل غير رسمي ولكنه رسمي. للتعليق على هذه القرارات أو إلغائها علناً، ولم يتحرك مثلاً أحد المحافظين لرفع دعوى ضد قرارت الفصل من مبدأ أنها تخالف الإعلان الدستوري.
بالمقابل مثلاً شهدنا في القصر الرئاسي استقبال الرئيس أحمد الشرع لوفود لم يتم فيها الفصل بين الجنسين ما يبين اختلافاً في التعاطي مع هذا الملف ضمن السلطة يعكس هوة بين السلطة من الأعلى وقواعدها بالإضافة لكوادر هيئة تحرير الشام والشرعيين الذين كانوا فاعلين في الشمال السوري وتحولوا إلى جزء من العمل الحكومي وإن كان بعضهم بشكل غير رسمي.
تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة المادة 5 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي وقعت عليها سوريا
إن هذه الظاهرة تعود لعدة عوامل، على المستوى الحكومي جذرها وجد شرعيين في معظم مؤسسات الدولة يفرضون على هذه المؤسسات هوية معينة. علماً أن وجودهم بحد ذاته أمر مستغرب فهذه مؤسسات حكومية دورها خدمة المواطنين وليس الفصل بينهم. بالوقت عينه فإن عملية الفصل يجب أن تكن خاضعة لقرار الفرد وليس أن تفرض عليه وله حرية تطبيقها سواء كان ذكراً أم أنثى. ناهيك عن أنها لا تحترم التنوع السوري الذي لطالما تم التغني به، فسوريا بلد متعدّد الثقافات والبيئات والعادات وما ينطبق على فئة من السوريين/ات برضاهم/ن لا يمكن فرضه على بقية الفئات قسراً، وأن هذا النوع من الممارسات يعدّ محاولة لإعادة هندسة المجتمع وفق هوية صاحب النفوذ وليس هوية البلاد.
أما على مستوى الفضاء العام والمتعلق بتدخل عناصر شرعيين أو أمنيين بالحريات الفردية والاختلاط بين الجنسين فهي غالباً ماتكون عائدة لفتاوى وقرارات صادرة مسبقاً كان معمولاً بها في الشمال السوري قبل 8 كانون الأول.
تحكم سوريا حالياً بموجب إعلان دستوري أقره رئيس الدولة وأصبح نافذاً من تاريخ 13 آذار 2025 وهو يعد الأساس في إدارة البلاد ويمثل عقداً اجتماعياً مؤقتاً بين السلطة والشعب.
وقد نص الإعلان الدستوري في المادة الثامنه منه على أن الدولة تلتزم بمكافحة جميع أنواع وأشكال التطرف العنيف مع احترام الحقوق والحريات.
وفي المادة 21 تحفظ الدولة المكانة الاجتماعية للمرأة، وتصون كرامتها ودورها داخل الأسرة والمجتمع، وتكفل حقها في التعليم والعمل، وتكفل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمرأة، وتحميها من جميع أشكال القهر والظلم والعنف.
وفي المادة 12 تعد جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية جزءاً لا يتجزأ من هذا الإعلان الدستوري.
وبالعودة للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان مثلاً تنص اتفاقية سيداو التي وقّعت عليها سوريا فإنها تنص العديد من البنود التي تمنع أي تمييز سلبي للمرأة ومنها المادة الثانية التي تلزم الدولة اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة، وإلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزا ضد المرأة.
انطلاقاً من هذه المواد فإن التدخل بين الجنسين بهذا الشكل يعد اتتهاكاً للحقوق والحريات الفردية والاتفاقيات الدولية التي تلزم بها سوريا الأمر الذي يهدد سمعة البلاد أصلاً في المحافل الدولية. ما يجعل مسؤولية السلطة أن تدخل باتجاهين الأول عبر إقرار القوانين والتعاميم التي تمنع كل أشكال التمييز في العمل الحكومي والحياة العامة بما فيها الفصل بين الجنسين لما له من آثار سلبية خطيرة وكذلك على صعيد إبعاد الشرعيين عن المؤسسات الحكومية وتأهيل الكوادر الأمنية والشرطية تأهيلاً يمنع التمييز بين الجنسين ويحض على احترام حقوق الإنسان والحقوق والحريات الفردية.
القضاء على أي مفهوم نمطي عن دور الرجل ودور المرأة في جميع مراحل التعليم بجميع أشكاله، عن طريق تشجيع التعليم المختلط، وغيره من أنواع التعليم التي تساعد في تحقيق هذا الهدف، ولا سيما عن طريق تنقيح كتب الدراسة والبرامج المدرسية وتكييف أساليب التعليم المادة 10 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال المييز ضد المرأة والتي وقعت عليها سوريا