اخبار سوريا
موقع كل يوم -درج
نشر بتاريخ: ٣ تموز ٢٠٢٥
أثارت الشروط التي حدّدتها اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري، الكثير من اللغط والمخاوف، وتحديداً شرط حصول المرشح على الجنسيّة السورية قبل آذار/ مارس 2011، الذي أثار قلقاً كبيراً بين الكرد السوريين، خصوصاً الذين حصلوا على الجنسيّة السورية، بموجب المرسوم التشريعي رقم 49 الصادر في نيسان / أبريل 2011، بعد قرابة نصف قرن من الحرمان والتمييز في الهوّية.
هل يستثنى الكرد من مجلس الشعب؟
في عام 2011، صدر المرسوم التشريعي رقم 49 الذي قضى بمنح الجنسيّة السورية للأشخاص المقيّدين في سجلات أجانب الحسكة. هذا المرسوم جاء ليُنهي عقوداً من الحرمان من الجنسيّة عانى منها مئات الآلاف من الكرد السوريين، الذين كانوا يُعرفون بـ 'المكتومين' و 'الأجانب' في محافظة الحسكة.
كان هذا القرار خطوة مهمّة نحو إنهاء التمييز، ودمج هذه الفئة في المجتمع السوري بشكل كامل، مانحاً إيّاهم حقوقاً مدنية وسياسية أساسية، بما في ذلك حقّ الانتخاب والترشّح.
لمتابعة هذه القضيّة، التقى 'درج' مع سراج علي، الذي قال: 'والدي ووالده، حُرما من كلّ شيء في هذه الحياة، جواز السفر، تسجيل الولادات والعقارات والأملاك، رؤية أبنائهم يتخرّجون في الجامعات، المشاركة في الترشيح والتصويت، كلّ ذلك لأننا لم نكن نملك كغيرنا الهوّية السورية'.
أضاف علي: 'قرأت ما نشرته وسائل الإعلام المختلفة حول شرط التجنيس قبل 2011، لا أعتقد أن الكرد سيكونون مشمولين بالقرار، أساساً لن نشارك في الانتخابات بهذه الآلية والطريقة، لكن إن كان الكرد مشمولين، فإننا أمام لوحة جديدة أكثر سوداوية من تاريخ النظام، وأرجّح أن يصدر توضيح ينفي شمول الكرد بالقرار'.
من هم مكتومو القيد والأجانب؟
دعا الرئيس السوري الأسبق ناظم القدسي بالمرسوم التشريعي رقم 39 الصادر في عام 1962، إلى إجراء إحصاء خاصّ في محافظة الحسكة، وليوم واحد فقط، أطلق عليه الكرد اسم 'الإحصاء الجائر'، الذي حُرِم بموجبه مئات الآلاف منهم من حقّ الجنسيّة والهوّية السورية.
وقسّم الإحصاء السكان إلى ثلاث فئات: المواطنون، وأجانب الحسكة الذين جرّدوا من الجنسيّة ومنحوا بطاقة حمراء عوضاً عن الهوّية، ومكتومو القيد الذين قيل إن أسماءهم لم ترد في السجلّات الرسمية، فحرموا من كلّ شيء حتى وثائق التعليم، كحال الكثيرين ممن أنهوا دراستهم حتى الثانوية العامّة بتفوّق، لكن دون أية وثيقة رسمية.
ولم تُصدر وزارة الداخلية في نظام الأسد، أية إحصائيات رسمية لعدد المجنّسين، في حين تقول إحصائيات كردية إن العدد بدأ بأكثر من ألف مُجرّد من الجنسيّة خلال الإحصاء، ومن الطبيعي أن يزداد لاحقاً.
أما مكتومو القيد ووفقاً للمنظّمات الحقوقية الكردية والمحامين العاملين في ملفّ تجنيس المكتومين، فإن عددهم يزيد على 120 ألف مواطن كردي مكتوم القيد، لم ينل منهم الهوّية سوى العدد اليسير فقط.
في حديثه مع 'درج' قال المحامي فهد داوود: 'صدر بلاغ وزاري يحمل الرقم 404 عن وزارة الداخلية، تعلن فيه إلغاء شرط مواليد ما بعد 1962 لحصولهم وأبنائهم على بطاقة الأجانب، وما قبل هذا التاريخ، فإن الجميع مع أبنائهم بقوا مكتومي القيد، وأعلن البلاغ عن بدء تجنس المكتومين ومنحهم الهوّية'.
وأضاف داوود حول قضية المواليد: 'المكتومون انقسموا إلى قسمين، من يملك أصولاً مثل الجدّ، مواطن سوري، لكن الأبناء مكتومو القيد، ومن لا يملك القيد، الجدّ مكتوم والأبناء كلهم وأبناء الأبناء مكتومو القيد'.
ويُرجع داوود أسباب عدم حصولهم على الهوّية بالرغم من بلاغ وزارة الداخلية إلى 'المضايقات الأمنية التي كانت تمارسها شعبة الأمن السياسي في دمشق، وفرعها في الحسكة، وقسمها في القامشلي، وطلب مبالغ مالية كبيرة لقاء منحهم الموافقة الأمنية، إضافة إلى الضغوط على منتسبي الأحزاب الكردية، والمشاركين في التظاهرات التي عمّت المنطقة الكردية الراغبة في إسقاط النظام'.
الإحصاء الجائر
أكّدت منظّمات حقوقية وناشطون كُرد أن إحصاء 1962 شكّل أعمق إجحاف للهوّية الوطنية السورية، وظلم كبير بحقّ مواطنين ولدوا لأم وأب سوريين، ومنهم من ولد أجدادهم في سوريا، لكنّهم لم يستطيعوا إثبات ذلك لأسباب كثيرة مختلفة.
زرنا مكتب المحامي معاذ يوسف لسؤاله عن الإحصاء، فأجاب: 'الإحصاء خرق للمواثيق الحقوقية، وانتهاك لحقوق الإنسان، المواثيق الدولية كلّها ترفض مصطلح مكتومي القيد، أو حرمان مواطن أبسط حقوق الإنسان منذ ولادته ومنحه الجنسيّة'.
وقدّم يوسف بعض الأمثلة والنماذج عن الظلم والحيف، اللذين لحقا بالكرد، قائلاً: 'حُرموا من حقّ العمل والتوظيف والحقوق السياسية والشخصية والتملّك، ومُنع على مكتومي القيد إصدار رخصة قيادة سيارة، أو دفتر العائلة، أو هوّيات لأبنائهم، أو تسجيلهم في دائرة النفوس، أو تثبيت عقد الزواج، مما يلزمهم تسجيل أملاكهم باسم غيرهم'.