اخبار سوريا
موقع كل يوم -الفرات
نشر بتاريخ: ١ كانون الأول ٢٠٢٥
مراسل الفرات :
في مشهد يجسّد مقولة 'أن تُقاوم يعني أن تخلق'، اجتمع عدد من شباب وشابات دير الزور ليُعيدوا الحياة إلى 'السوق المقبي'، أحد أشهر أسواق المدينة الذي تحوّل بفعل سنوات الحرب إلى رمز للدمار وذاكرة مفتوحة على الألم. في مواجهة هذا الركام، لم يختاروا الأدوات التقليدية لإعادة الإعمار، بل اختاروا سلاحاً أكثر رقياً وتأثيراً هو الموسيقى.
من رحم المعاناة، تُولد النغمة
انبثقت فكرة 'كورال السلام' من إيمان هؤلاء الشباب بأن إعادة بناء الإنسان والروح لا تقل أهمية عن إعادة بناء الحجر، جاءت المبادرة لتعيد إحياء فضاء كان صامتاً لوقت طويل، ليمتلئ ليس فقط بالأصوات، بل بالأمل. لم تكن تلك الحفلة مجرد فعالية فنية عابرة، بل كانت عملاً ترميمياً للوجدان الجمعي، وربطاً متعمداً بين عمق التراث وروح التجدّد.
'يا غزال البر يا بو سويعية'
لم يكن اختيار الأغنية محض صدفة، فالكورال قدّم 'يا غزال البر يا بو سويعية'، وهي من أقدم وأعرق ما حمله التراث الغنائي الديري، هذه الأغنية التي عاشت في البوادي والأرياف والمدن وتردد صداها في الأفراح والمناسبات، هي بمثابة خزان للذاكرة الشعبية، رافقت أهل المنطقة جيلاً بعد جيل.
الغزال في مخيال المنطقة
لم يكن الغزال في هذه الأغنية مجرد حيوان بري، بل يحمل دلالات ثقافية عميقة:
التسمية: يشير 'أبو سويعية' إلى الغزال الذي يعلو رأسه وبر يشبه الساعة الصغيرة أو العباءة التي تغطّي ظهره، وهو وصف دقيق يعكس ملاحظة الإنسان المحلي للطبيعة من حوله.
رمزية الجمال: يمثل الغزال في المخيال الشعري والغنائي للبادية والجزيرة السورية قمة الجمال والنعومة، حيث يشبهونه بالفتاة الجميلة، محمّلاً بمشاعر الحنين والشوق.
الامتداد الجغرافي: تتنوع صور الغزال بين 'غزال الشامية' الأكبر حجماً و'غزال الجزيرة'، ما يربط الأغنية بمساحة جغرافية وثقافية أوسع.
كلمات الأغنية: حكاية حب وشجن
يا غزال البر يا بو سويعية
يمعذّبا قلبي والله خطيّة
ليش تتركني وآني ربيعك
بكل المال يا حبيب ما أبيعك
وِن طعتني يا الغالي لطيعك
نربّى مع الغزلان بالبرّيّة
هذه الكلمات التي تجمع بين لغة التودد والعتاب، والتضحية والوفاء والحلم بالتحرر والعودة إلى الطبيعة ('نربّى مع الغزلان بالبرّيّة')، حوّلها أداء الكورال من ذكرى فردية إلى حكاية جماعية.




































































