اخبار سوريا
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ٥ حزيران ٢٠٢٥
إشكالي بحضوره وأفكاره وحتى عبثيته قادني الفضول إلى حوار معه.. لم يتردد لحظة وأتى بطاقته الحيوية.
بدا دمثا في حديثه وهو ما كسر حاجز الجلسة وليعلن بكل شفافية ثورته على كل المفاهيم المغلوطة التي بدأت بالطفو على بعض عادات المجتمع السوري.
اعترفت للفنان نوّار بلبل وأخبرته بأنني أخطأت بالفكرة التي شكّلتها عنه، كنت أظنه بذيئا ووقحا، أو هذا ماصدّرته المقاطع التي يتداولها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي وهو ماجعلني أتردد كثيرا قبل أن أطلب حوارا، ابتسم ضاحكا وقال: 'اللي مابيعرفني بيجهلني..'.
تمرّد على المفاهيم
في حديث من القلب لروسيا اليوم أراد الفنان بلبل أن يقدم عدة إيضاحات بخصوص كل مايثار على صفحات السوشيال ميديا مؤكدا على جملة من الأفكار التي يتبناها قائلا: 'أنا ثائر ولست معارض، وهناك فرق بين المفهومين، الثورة كانت ضد الطغيان وضد كل ما يحّد الحريات، أنا مع التمرد مع الحرية المجتمعية ولست ضد المجتمع، ومع الحرية الدينية ولست ضد الدين، ومع الحرية السياسية في طرح كل الأفكار والمعتقدات، هذا أنا منذ خرجت إلى الحياة العامة أفكر بأوجاع الناس وآلامهم، وبات همّي أن أنقل ما يعانونه عبر المسرح، لذا عمدت إلى استخدام لغة الشارع لغة الناس البسطاء ودخلت بعمق إلى آلامهم وأوجاعهم وطوّرت اللغة المحكية إلى خطاب فكري دون أن ألغي تلقائيته وعفويته، وكان هذا الأمر حاضرا بقوة عبر 'مسرح الخريف' الذي أسسته مع شريكي الفنان رامز أسود، وعرضنا مسرحية 'حلم ليلة عيد' وسافرنا بها إلى الأردن ولبنان وأمريكا وحصلنا هناك على أربع جوائز، ومن ثم إلى إيطاليا والمغرب وبراغ وحصلنا على جائزة الجمهور الثانية. ثم سافرنا إلى إسبانيا وإلى كندا وحصلنا على جائزة أفضل ممثل، ومن ثم إلى اليابان وحصدنا جائزة أفضل ممثل للفنان رامز الأسود، ثم أنجزنا من خلال فرقتنا العمل الثاني وكان بعنوان 'المنفردة' والتي تناولت قضايا حساسة ولامسنا الخطوط الحمراء وقتها وهي معاناة السجناء السياسيين، ما جعلها تحظى باهتمام واسع داخل سوريا وخارجها، لكن اندلاع الثورة السورية دفعني للانضمام لها والثورة ضد الطغيان، بعدها نتيجة المضايقات والملاحقات الأمنية والسجن اضطررت كارها أن أخرج من بلدي، لكن ذلك لم يمنعني من استكمال مشروعي المسرحي'.
سأظل أحارب لأجل ما أؤمن به
وعن مستقبل المسرح القادم في سوريا، يرى بلبل بأنه على حتى اللحظة هناك شيء غامض بالنسبة لي، حتى الآن أستطيع الحديث عن العروض التي قدمتها في فرنسا وهي 'مولانا، والمساواة'، وهناك تساؤلات عن إعادة تقديمها في دمشق، وأنا التقيت السيد وزير الثقافة وأكد على فكرة إعادة تقديم العروض التي قدمتها في فرنسا على مسارح دمشق، فكانت الإجابة بأن سقفي عالي وأخشى ما أخشاه أي أن أقدم أحد العرضين ويتم بسببهما تفعيل زر الرقابة عند الحكومة الجديدة، وبالتالي أخرب على نفسي وعلى من سيأتي بعدي.. قد أكون بطلا وأقدم عرضا منهما، وإذا تم توقيفه أتصدر التريندات، ولكن أنا لا أبحث عن ذلك كل ما أريده أن يكبر هذا العرض ويصبح قيد النقاش وأن نحكي بدون خوف ونكسر حواجز الخوف في دواخلنا وأرواحنا، ولغاية اللحظة وأنا أحارب ثلاث سلطات: وهي السلطة الاجتماعية وليس المجتمع والسلطة الدينية وليس الدين والسلطة السياسية بكافة أشكالها، والمواطن السوري خاصة والعربي عموما خلق ما بين سلطات الحرام وغير المسموح والعيب والانتباه والممنوع السياسي، وضمن هذه اللاءات يطلب من هذا المواطن البريء أن يبدع، ورغم كل ذلك يبدع إنساننا السوري ولكن إذا تم إلغاء هذه السلطات سيكون هناك إبداع خلاق ا.. أود أن أشير إلى أن داعش أصدرت قرارا بقتلي بعد دعوتي للديمقراطية المطلقة وللحرية المطلقة وبسبب جرأتي ومواقفي خسرت الكثير من الناس بسبب هذه المبادىء التي أحملها، وهذه معركتي في الحياة وسأظل أحارب لأجل ما أؤمن به.
لذلك طردوني من مخيم الزعتري!
عدنان ديوب و'العهد': البحث عن الفردوس المفقود في الدراما الشامية
وعن ثقافة اللجوء والتي تحولت إلى اتفاق أن الإنسان والمسرح يعيشان في أقسى الظروف، وعاش ذلك في عرضه المسرحي' شكسبير في الزعتري'؟ يقول بلبل: 'إن موضوع العرض المسرحي 'شكسبير في الزعتري' والذي قدمته في مخيمات أهلنا السوريين في الأردن كانت بداية الفكرة موجهة نحو الأطفال واللعب معهم وتغيير المفاهيم التي يمتلكونها ومحاولة خلق معادلة حضاريّة غير متعارضة مع ثقافة الناس الذين يعبّرون بقول الله وأكبر، ولا إله إلا الله، فأضفت جملة هاملت 'أكون أو لا أكون' إلى قاموسهم المعرفي وهذا يسجل بمفهوم المسرح التنويري، وجاء هذا الأمر بعد اشتغال دام لأكثر من أربعة أشهر وكان الغرض من الدخول إلى المخيمات هو معرفة وضع أهلنا كما أسلفت، ونتيجة الصدى الذي أحدثه العرض اتصل بي مسرح الغلوب البريطاني وعرض تقديم إكسسوارات شكسبير مجانا، وتمت تغطية العرض إعلاميا ولقي أصداء كبيرة، لكن المخابرات الأردنية والمفوضيّة السامية العليا للاجئين، التابعة للأمم المتحدة، قاموا بطردي من الزعتري، لذا عرضت في بيت الجرحى السوري في عمان، مسرحية 'روميو وجوليت' لشكسبير، وبنيت صيغة العرض على أساس أنّ روميو مُهجّر وجريح في عمان، وجوليت محاصرة في مدينة حمص. وكان العرض منقسم لفضائين مسرحيين، واحد في عمان، والثاني في حمص، والرابط بين المكانين، اتصال عبر السكايب. كان عرضا مدهشا أيضا بكل المقاييس. لكن مُنع العرض بعدها، فقام المركز الثقافي الفرنسي بدعوتي للعمل عندهم، وهناك قدمت مسرحية 'سفينة الحب'، الذي يحكي معاناة اللاجئين العابرين البحر إلى أوروبا.
نعم لدولة القانون
وفي سؤال عن السردية السورية التي رسمها بلبل، هل أبعدت الثورة بمضامينها وأهدافها عن التطرف والإرهاب لحساب سردية أكثر جمالا وتحضرا، وهل ما زال يمتلك نفس الصورة، يجيب بلبل بكل تأكيد وخاصة أننا محكومون بالأمل، ونحن قمنا بالثورة وذهب مليوني شهيد من أجل الكرامة والمحافظة على كرامة السوري، ليس المهم أن نحب بعضنا، بل المهم أن نحترم بعضنا كمواطنين على الأقل، والحب يأتي في مرحلة لاحقة، ونعود إلى دولة القانون.
النقابة وقراراتها مثل عرس النور
وعن حالة الجدل المثارة في نقابة الفنانين وقراراتها، يضحك بلبل ساخرا مؤكدا أن مايحدث في النقابة هو عرس نور...، وعندما أسب وأشتم وأستشيط غضبا ليس لأن فلانا أيد الأسد أو مجده، هذه حرية شخصية لاعلاقة لأحد بها، أنا فكرتي أن هذا الفنان أساء للجمهور السوري وسأقول مثالا محمد قبنض ليس لأنه مجد الأسد بل لأنه استغل حاجة الناس من أجل لقمة العيش وعندما أراه سأبصق في وجهه، وبخصوص سلاف لا علاقة لي إن مجدت الأسد أو لا بل لأنها أساءت للشعب السوري.
ميسون شباني - RT