اخبار سوريا
موقع كل يوم -الجماهير
نشر بتاريخ: ٢ حزيران ٢٠٢٥
الجماهير || محمد سلام حنورة
تشكل إعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية منعطفًا مهمًا في تاريخ الاقتصاد السوري، وتُعدّ من أبرز المؤشرات على بدء مرحلة جديدة من التحول والانفتاح الاقتصادي في البلاد، بعد سنوات من العزلة والتدهور الاقتصادي تحت نظام الأسد البائد.
ويأتي هذا الحدث بالتزامن مع تغيّرات سياسية وجيوسياسية عميقة، تؤسس لمناخ اقتصادي أكثر شفافية وانفتاحًا، وتتيح فرصًا حقيقية لإعادة البناء والاستثمار.
تحرك اقتصادي بعد الركود
وزير المالية الدكتور محمد يسر برنية قال :بأن إعادة افتتاح السوق تمثل رسالة واضحة بأن الاقتصاد السوري بدأ في التحرك والانتعاش، بعد سنوات من الجمود والانكماش الناتجين عن الحرب وسياسات الإغلاق.
فهذه الخطوة تُظهر عزم السلطات الجديدة على دفع عجلة النمو، وتُعبّر عن دخول سوريا في مرحلة التعافي الاقتصادي التدريجي، المرتكز على أدوات السوق والمؤسسات المالية المنظمة.
مؤسسة اقتصادية برؤية جديدة
لم تعد سوق دمشق للأوراق المالية مجرد مؤسسة حكومية بيروقراطية، بل وفق رؤية الوزير برنية، فإنها ستتحول إلى شركة خاصة، تمثل مركزًا حيويًا لتطوير الاقتصاد السوري، مع التأكيد على مواكبة التحول الرقمي في المجال المالي.
ويدل هذا التوجه على إيمان عميق بضرورة التحول نحو اقتصاد السوق الحديث، مع ترسيخ قيم العدالة والإنصاف وتمكين القطاع الخاص باعتباره محركًا رئيسيًا للنمو.
بيئة جاذبة للاستثمار
يشكل الافتتاح أيضًا منصة مهمة لجذب الاستثمارات المحلية والدولية. ويؤكد الوزير برنية أن الحكومة الجديدة تعمل على تيسير بيئة العمل والاستثمار، في ظل وجود فرص استثمارية واعدة تتطلب منظومة مالية فاعلة وآمنة. السوق المالي في هذا السياق سيكون الأداة الأبرز لتمويل المشاريع وخلق دورة اقتصادية ديناميكية تشجّع على الإنتاج والابتكار.
استعادة الثقة والمؤسسات
المدير التنفيذي لسوق دمشق، الدكتور باسل أسعد، وصف يوم الافتتاح بأنه يوم تاريخي لسوريا، وأعرب عن جاهزية السوق للعب دورها في المرحلة القادمة، حيث يتوقع أن تكون الاستثمارات أكبر وأوسع في سوريا الجديدة. ويكتسب هذا التصريح أهمية خاصة بالنظر إلى ما تم إنجازه رغم الإمكانيات المحدودة، حيث تم تنفيذ المهام بشفافية وحفاظ على حقوق المستثمرين، وهو ما يعيد الثقة بالسوق المالية السورية.
إعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي
من جانبه، يرى الدكتور عبد الرزاق القاسم، رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية، أن عودة السوق إلى التداول تمثل فصلًا جديدًا في قطاع الأسواق المالية السورية.
وأكد أن رفع العقوبات وبدء الانفتاح على الاستثمارات العربية والدولية يفتحان المجال أمام سوريا لتكون أرضًا خصبة للفرص الاستثمارية، مشيرًا إلى أن الهيئة وضعت رؤية طموحة تتناسب مع إمكانات البلاد وتطلعاتها المستقبلية.
دور محوري في إعادة الإعمار والاستقرار
أما رئيس مجلس إدارة السوق، فادي جليلاتي، فقد اعتبر الافتتاح انطلاقة جديدة نحو اقتصاد مشرق، يعيد لسوريا مكانتها كمركز مالي وتجاري رائد في المنطقة.
وأوضح أن السوق لن يقتصر على تداول الأسهم والسندات، بل سيلعب دورًا فاعلًا في إعادة الإعمار، وتحقيق النمو الاقتصادي، واستقطاب الاستثمارات.
كما سيسهم في استقرار العملة الوطنية وربط الاقتصاد السوري بالاقتصادات العالمية، وهي خطوات جوهرية نحو الاندماج الإقليمي والدولي.
في ضوء هذه التصريحات، يُمكن القول إن إعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية تمثل نقطة تحوّل مركزية في التاريخ الاقتصادي لسوريا، وتؤشر إلى نهاية مرحلة الانغلاق والشلل الاقتصادي، وبداية عصر جديد تسوده الشفافية، والانفتاح، والتكامل مع الاقتصاد العالمي.
إن بناء اقتصاد سوري حديث، قائم على المؤسسات والحوكمة والفرص، لن يكتمل إلا بوجود أدوات فاعلة مثل السوق المالية، وهي اليوم تفتح أبوابها مجددًا على أمل أن تكون جسرًا حقيقيًا بين سوريا الجديدة والعالم.