اخبار سوريا
موقع كل يوم -قناة حلب اليوم
نشر بتاريخ: ١ كانون الأول ٢٠٢٥
في خطوة تُعتبر ترجمة عملية للتقارب السياسي، تشهد العلاقات التركية-السورية حراكاً دبلوماسياً نشطاً يهدف إلى إعادة ربط البلدين بجسور اقتصادية متينة، ووفقاً لتقارير إعلامية تركية، تُعد أنقرة لإعادة فتح القنصلية العامة السورية في مدينة غازي عنتاب، فيما تعمل على تعزيز تمثيلها الدبلوماسي في دمشق بعد غياب طويل.
وتُظهر التطورات الأخيرة نهجاً واضحاً يقوم على إعادة البناء الدبلوماسي كمدخل أساسي للتعاون الاقتصادي، فقد عينت تركيا مؤخراً نائب وزير الخارجية، نوح يلماز، سفيراً لها في دمشق، وهي المرة الأولى منذ 13 عاماً التي تُعين فيها أنقرة سفيراً في العاصمة السورية.
كما بدأت القنصلية العامة التركية في حلب عملها فور افتتاح السفارة، فيما لا تزال الجهود جارية لإعادة تفعيل السفارة السورية المغلقة في أنقرة، ويأتي هذا في إطار تأكيد يلماز نفسه على أن استقرار سوريا ووحدتها أراضيها يمثل 'أولوية أساسية' لتركيا وقضيتها الاستراتيجية الأولى في المنطقة.
تنشيط التجارة الحدودية
قالت صحيفة ملييت التركية إن أنقرة تتجه لإعادة فتح القنصلية السورية في غازي عنتاب بعد تعيين سفير جديد في دمشق، ما يمهد لعودة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، مؤكدة أن هذه الخطوات ستنشط التجارة الحدودية، وتعيد الثقة للمستثمرين، وتخلق فرص عمل في المدن الحدودية، كما تجري مباحثات حول اتفاقية بحرية ومشاريع بنية تحتية تشمل الطرق والسكك الحديدية والمطارات، فيما 'أكبر تحدٍ هو توفير التمويل، لكن في حال تأمن، ستنطلق مشاريع إعادة إعمار واسعة في سوريا'.
ونقلت عن مصادر دبلوماسية أن إعادة فتح القنصلية العامة السورية في غازي عنتاب مدرجة على جدول الأعمال، حيث 'تنتظر المناطق الحدودية، مثل غازي عنتاب وشانلي أورفا، استعادة مجدها السابق ومن القضايا التي من شأنها تطوير العلاقات الاقتصادية وضمان الحراك الاقتصادي في المنطقة هو فتح السفارات والقنصليات'.
ويعتبر المراقبون أن استئناف البعثات الدبلوماسية بالكامل ليس مجرد خطوة سياسية رمزية، بل هو شرط حيوي لإعادة بناء الثقة وتسهيل التفاعل المباشر بين رجال الأعمال والمستثمرين في البلدين، مما يخلق البيئة القانونية والمؤسسية الآمنة اللازمة لأي تعاون اقتصادي جاد.
انتعاش متوقع للتجارة والاستثمارات
من المتوقع أن يؤدي فتح المعابر الدبلوماسية والقنصلية إلى إطلاق العنان لإمكانات اقتصادية كبرى، خاصة في المناطق الحدودية:
· انتعاش التجارة الحدودية: من المرجح أن يُعزز فتح القنصلية في غازي عنتاب التجارة الحدودية المباشرة، التي كانت تعتمد في السابق على وساطات معقدة، ويُتوقع أن يستفيد من ذلك بشكل خاص مصدرو السلع الأساسية مثل الأغذية والنسيج ومواد البناء.
· خلق فرص عمل: ستساهم حركة البضائع والنشاط التجاري المتجدد في توفير فرص عمل في المدن التركية والسورية الحدودية التي عانت من ركود اقتصادي طويل، مما يدعم التنمية الإقليمية.
· جذب الاستثمارات: يخلق المناخ الدبلوماسي الإيجابي جواً من الثقة لدى المستثمرين، ويسهل إطلاق مشاريع مشتركة، خاصة في القطاعات التي تملك فيها تركيا خبرة كبرى وتحتاجها سوريا بشكل عاجل، مثل الطاقة واللوجستيات والزراعة وإعادة الإعمار.
· تسهيل الخدمات المالية: قد يمهد الطريق لفتح مكاتب تمثيلية متبادلة للبنوك وشركات التأمين، مما يقلل المخاطر على المستثمرين ويُسهل التحويلات المالية وتمويل المشاريع.
تحديات التمويل وفرص التكامل
على الرغم من هذا التفاؤل، يقف تحدي التمويل كعقبة رئيسية أمام تحويل الخطط إلى واقع، وفقا للمصدر، فمشاريع إعادة الإعمار واسعة النطاق في سوريا والبنية التحتية المشتركة (كالاتفاقيات البحرية وطرق النقل والسكك الحديدية) تتطلب استثمارات ضخمة.
إلا أن نجاح إطلاق مجلس الأعمال التركي السوري المشترك (STİK) في إسطنبول مؤخراً، والذي سجل أكثر من 730 طلب عضوية خلال يومين فقط، يُظهر وجود رغبة قوية لدى القطاع الخاص في كلا البلدين، كما أن الزيارة التاريخية لوزير التجارة التركي عمر بولات إلى دمشق في أبريل 2025 واتفاق الطرفين على السعي نحو اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، يشيران إلى إطار مؤسسي قيد التشكيل لدعم هذه الشراكة.
وتبدو تركيا وسوريا على أعتاب مرحلة تحول استراتيجي يصل إلى التعاون الاقتصادي الواسع، ويُعد إعادة فتح القنصليات وتعيين السفراء الخطوة الأولى العملية في هذا المسار، والتي من شأنها، إذا ما أُحيطت بضمانات أمنية وقانونية كافية، أن تطلق العنان لإمكانات اقتصادية هائلة تكمن في الجوار الجغرافي والتكامل الاقتصادي والتاريخ التجاري المشترك.




































































