اخبار سوريا
موقع كل يوم -العهد الإخبارية
نشر بتاريخ: ١٨ أذار ٢٠٢٥
مريم نسر - صحيفة الديار
كما الجنوب حال البقاع في هذه الأيام: اعتداءات ونزوح واحتلال قرى. 'هيئة تحرير الشام' تحتلّ مساحة أكبر من تلك التي تحتلها 'إسرائيل' في الجنوب، لكن لا إعلام يَنقل الواقع، ولا دولة تتحرّك لتستعيد أرضها وتُعيد أهلها إليها وتحميهم، وكأن الناس متروكون لمصيرهم والأرض كذلك.
فمشكلة البقاع وتحديدًا منطقة الهرمل وقُراها لأنها الأقرب حدوديًا بحُكم موقعها الجغرافي إلى سورية، بظلّ واقعها الجديد المفتوح على كلّ الاحتمالات، منذ الإعلان عن سقوط النظام السابق واستلام الإدارة الحالية بمجموعاتها المسلحة (هيئة تحرير الشام) وسيطرتها على البلاد، وصولًا إلى أحداث الساحل السوري وما شهدته من قتل ودماء، وما بينهما من حركة نزوح كثيفة إلى لبنان ليس للسوريين فقط، بل لللبنانيين الذين تركوا أراضيهم وأرزاقهم وممتلكاتهم في سورية وجاؤوا إلى لبنان بصفة 'نازخين'.
كالعادة لم يلقَ هؤلاء النازحون اللبنانيون قبل السوريين أي اهتمام من قِبل الدولة اللبنانية، ولم يَحظَ النازحون السوريون الجُدد حتّى باهتمام أو التفاتة من الجهات المانحة، التي رَعت مَن سبقهم بسنوات، تقول المصادر، فالعبء كلّه والمسؤولية يَحملها حزب الله وحده، كما تُقدِّم بعض الجمعيات المساعدة في هذا الإطار. فحتّى اللحظة لم تضع الحكومة الحالية أي خطة للمعالجة، أو حتّى للنظر في هذه الأزمة الجديدة التي تزيد من عبء النزوح السابق وتسير باتّجاه التفاقم أكثر فأكثر.
بالإضافة إلى هذه المشكلة، هناك ثلاث مشكلات يواجهها لبنان لناحية الحدود مع سورية، يُنتظر من الدولة اللبنانية التحرّك لحلّها، وفق المصادر:
1 - في ما يتعلّق بالنازحين اللبنانيين الذين أتوا من سورية، وتحديدًا من القصير وريفها أي من اثنتين وعشرين قرية إلى لبنان، تتخطّى مشكلتهم الإيواء، فهي أكبر من مسؤولية ذات طابع إنساني، فكما أن هذه المهمّة واجب على الدولة اللبنانية، كذلك إعادة بيوتهم وحفظ أرزاقهم في أراضٍ داخل سورية يمتلكونها بسندات عقارية مُثبتة تعود إلى ما قبل قيام الدولتين، واجب عليها أيضًا، لكن حتّى هذه المهمّة لم تأخذ الحكومة اللبنانية أي خطوة للتحدّث مع الإدارة السورية الجديدة بشأنهم، فبيوتهم بعضها احتلتها 'هيئة تحرير الشام' وبعضها الآخر أحرقتها، فمن يُعيد لهؤلاء الناس حقوقهم؟؟!!...
2 - هناك نقاط محسومة لبنانيتها احتلتها 'هيئة تحرير الشام'، وفق المصادر، مثل قرية الصفاوي الحدودية التي هي قرية لبنانية، سجلاتها وعقاراتها تصدر من الدوائر اللبنانية المختصة منذ عشرات السنين، بُناها التحتية من طرق وكهرباء ومياه نفّذتها الوزارات اللبنانية المعنية، حدودها الجغرافية واضحة على الخرائط الحدودية، فأهلها يحتفظون بالوثائق وسندات التمليك اللبنانية، بالإضافة إلى أنه في العام الماضي أُعيد بناء وتوسيع مدرسة القرية وتم افتتاحها من قِبل وزير التربية اللبناني، كلّ هذه الإثباتات الموجودة والتي قُدِّمت، رد عليها الجيش اللبناني أنه وفق 'غوغل' هذه القرية سورية وليست لبنانية، بحسب ما أكدت المصادر، فبين غوغل من جهة، والخرائط والعقارات والسندات الرسمية من جهة أخرى، سيطرت 'هيئة تحرير الشام' على أرزاق اللبنانيين وهجّرتهم من قريتهم، بانتظار اعتراف السلطة اللبنانية بها.
3 - حتّى النقاط المتنازع عليها بين لبنان وسورية، سيطرت عليها 'هيئة تحرير الشام'، وفق المصادر، وهذا كاحتلال أيضًا، لأنه من المفروض أن تجري محادثات بين الدولة اللبنانية والإدارة السورية الجديدة، لحل هذا الموضوع وتحديد هوية هذه النقاط، لكن حتّى الآن الدولة اللبنانية تلتزم الصمت ولا تُحرِّك ساكنا، ً لحفظ ترابها وسيادتها التي ترفعها الحكومة الحالية شعارًا لها في عهد جديد تريد فيه بسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية...
إذًا، على ما يبدو البقاع كما الجنوب... لا بل أسوأ حال منه، لأنه على الأقل 'الجنوب' موجود في الخطابات واللقاءات والمواقف العلنية وعلى منابر الجهات الرسمية، بغضّ النظر إن كانت الدولة تستطيع تحريره وإعادة الأهالي إلى قراهم أم لا، أما في البقاع فرغم الاحتلال والاعتداءات اليومية، هناك غياب تام للدولة عن هذه المنطقة التي لم تجتمع من أجلها الحكومة لمرة واحدة، للبحث في قضية وطنية كبرى بمستوى احتلال أراض لبنانية...