اخبار سوريا
موقع كل يوم -عكس السير
نشر بتاريخ: ٢٦ حزيران ٢٠٢٥
القلب السليم هو أساس عمل الجسم بكفاءة، إذ يضخ الدم ويوصل الأكسجين والعناصر الغذائية الأساسية إلى مختلف أنحاء الجسم.
وتُعدّ أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفاة حول العالم، حيث تودي بحياة قرابة 18 مليون شخص سنوياً، بحسب منظمة الصحة العالمية.
ومن بين كل خمس وفيات بأمراض القلب، أربع حالات يعود سببها إلى النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.
ويؤكد أطباء القلب أن الحفاظ على صحة القلب أمر يمكن تحقيقه من خلال ممارسات يومية، ويُقاس ذلك لدى البالغين بمعدل نبض يتراوح بين 60 و100 ضربة في الدقيقة أثناء الراحة.
ويقول الدكتور إيفان ليفين، طبيب القلب من الولايات المتحدة: 'يمكننا تقليل الأضرار التي تصيب القلب في وقت مبكر من الحياة عبر نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة، والامتناع عن التدخين'.
لكن، هل الأمر بهذه البساطة؟ هل يعني القلب السليم بالضرورة أن يُقلّل خطر الإصابة بنوبة قلبية؟
بدايةً، ما هي النوبة القلبية؟ النوبة القلبية تحدث عندما ينقطع تدفق الدم إلى القلب فجأة.
وعندما ينقطع تدفق الدم الذي يحمل الأكسجين إلى القلب، قد تتضرر عضلة القلب أو تبدأ بالموت. بدون علاج فوري، قد تتعرض عضلات القلب لأضرار لا يمكن معالجتها. وإذا تلف جزء كبير من القلب بهذا الشكل، قد يتوقف القلب عن النبض، وهو ما يعرف بالسكتة القلبية، مما يؤدي إلى الوفاة.
نصف الوفيات الناتجة عن النوبات القلبية تحدث خلال الثلاث إلى الأربع ساعات الأولى بعد ظهور الأعراض، لذلك من الضروري التعامل مع أعراض النوبة القلبية كحالة طارئة تستدعي العلاج الفوري.
ويُعد مرض الشريان التاجي السبب الأكثر شيوعاً للنوبات القلبية، حيث تتراكم مادة دهنية تُسمى 'اللويحات' على جدران الشرايين، مما يجعلها ضيقة جداً، ويؤدي إلى إعاقة تدفق الدم بسهولة.
يُصاب حوالي 805 آلاف شخص في الولايات المتحدة بنوبة قلبية كل عام، منهم 605 آلاف لأول مرة، و200 ألف شخص سبق وأن أصيبوا بها من قبل.
ويعني ذلك أن شخصاً واحداً يُعاني من نوبة قلبية كل 40 ثانية تقريباً، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.
كيف أعرف أنني أعاني من نوبة قلبية؟ يُمكن أن تحدث النوبة القلبية مصحوبة بمجموعة من الأعراض، أكثرها شيوعاً ألم في الصدر، ولكن مع ضغط شديد وضيق في الصدر، وليس مجرد ألم حاد.
وقد تشعر بعض النساء بآلام في الصدر، بالإضافة إلى ألم في الرقبة والذراعين.
وتقول الدكتورة أيلين بارسيغيان، طبيبة القلب من كاليفورنيا، إن النوبة القلبية قد تُشخّص في البداية على أنها عسر هضم. ولكن، على عكس عسر الهضم، غالباً ما تُسبب النوبة القلبية ألماً في أجزاء أخرى من الجسم، مثل الذراع الأيسر والفك والظهر والمعدة.
ومن الأعراض الأخرى للنوبة القلبية الدوخة أو اختلال في التوازن، التعرق المفرط، ضيق التنفس، وصوت صفير عند التنفس.
وعلى الرغم من أن بعض النوبات القلبية تحدث فجأة، إلّا أنه قد تظهر أحياناً علامات تحذيرية قبل ساعات أو حتى أيام من حدوثها. قد يكون ألم الصدر الذي لا يزول مع الراحة بمثابة إنذار.
وتقول الدكتورة أيلين بارسيغيان: 'بعد ثلاث ساعات، قد تبدأ عضلة القلب المتضررة بالموت إذا لم يُستعاد تدفق الدم، لذا أنصح بمضغ قرص أسبرين حتى وصول المسعفين'.
ويؤكد أطباء القلب على ضرورة الحصول على العلاج فوراً إذا كنت تشك في إصابتك بنوبة قلبية.
ويقول طبيب القلب الأمريكي الدكتور إيفان ليفين: 'يجب أن تعرف من أنت وعوامل الخطر لديك؛ العمر، والوزن، وعادات التدخين وتناول المشروبات الكحولية، بالإضافة إلى تاريخ عائلتك. إذا كانت كل هذه العوامل تؤثر عليك وتشعر بضغط في الصدر، فاطلب المساعدة الطبية الطارئة'.
كيف تقي نفسك من النوبة القلبية؟ هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تقليل خطر الإصابة بنوبة قلبية، وأبرزها خفض ضغط الدم ومستويات الكوليسترول من خلال اتّباع النظام الغذائي وممارسة الرياضة.
والكوليسترول مادة موجودة في الدم ضرورية لبناء خلايا صحية. ومع ذلك، فإن ارتفاع مستويات بعض أنواعه يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ويؤكد أطباء القلب على أهمية الحفاظ على نمط حياة صحي كإجراء يومي لحماية القلب.
واتّباع نظام غذائي متوازن يتضمن خفض الدهون وزيادة الألياف، مع تقنين الملح إلى أقل من 6 غرامات يومياً، يُعد خطوة مهمة للحفاظ على ضغط دم طبيعي.
ويُوصى بتقليل استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة وتلك التي تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة، لما لها من تأثير سلبي في رفع الكوليسترول الضار، وتشمل هذه الأطعمة: فطائر اللحم، المخبوزات السكرية، منتجات المعجنات، اللحوم المصنعة، الزبدة، والمنتجات التي تحتوي على زيت النخيل.
في المقابل، من المهم أن يحتوي النظام الغذائي على الدهون غير المشبعة، فهي ترفع الكوليسترول الجيد وتساعد في تنظيف الشرايين من التراكمات.
وتوجد هذه الدهون المفيدة في: الأسماك الدهنية، والأفوكادو، والمكسرات، والزيوت النباتية.
وتقول الدكتورة أيلين بارسيغيان، إن 'حمية البحر الأبيض المتوسط ممتازة، وقد ثبت علمياً أنها تقلل من أمراض القلب والأوعية الدموية'.
ويُعتبر الجمع بين نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام من أكثر الطرق فعالية للحفاظ على صحة القلب. كما أن الحفاظ على وزن صحي يقلل من فرص الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
وينصح طبيب القلب الدكتور إيفان ليفين بممارسة الرياضة لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يومياً، خمسة أيام في الأسبوع. لكن نصيحته الأهم لنمط حياة صحي هي: 'لا تدخن أبداً، ولا تستخدم السجائر الإلكترونية'.
ووجدت دراسة أُجريت على 24,927 شخصاً أن الأشخاص الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية والسجائر التقليدية معاً يواجهون نفس مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنةً بمن يدخنون السجائر التقليدية فقط، وفقاً لجمعية القلب الأمريكية. في حين أن من يستخدمون السجائر الإلكترونية فقط، كانوا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة تتراوح بين 30 في المئة إلى 60 في المئة.
وتشير جمعية القلب الأمريكية إلى أن واحداً من كل خمسة مرضى أُصيبوا سابقاً بنوبة قلبية، قد يُعاد إدخاله إلى المستشفى نتيجة نوبة قلبية أخرى خلال فترة خمس سنوات.
لكن وصف أدوية مثل 'الستاتين' و'الإيزيتيميب' بعد النوبة القلبية الأولى، اللذان يعملان على خفض الكوليسترول في الدم، يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بنوبة ثانية، وفقاً لدراسات من كلية إمبريال لندن وجامعة لوند في السويد.
وتوضح الدكتورة بارسيغيان في ختام حديثها، أن هناك أدلة متراكمة منذ سنوات تؤكد العلاقة المطردة بين انخفاض مستوى الكوليسترول الضار وانخفاض فرصة الإصابة بمشاكل في القلب والأوعية الدموية.
ارتفاع النوبات القلبية بين الشباب رغم أن خطر الإصابة بنوبة قلبية يزداد عادةً مع التقدم في العمر، إلّا أن بيانات المركز الوطني للإحصاءات الصحية في الولايات المتحدة تُظهر تزايداً في الحالات بين الشباب الأصغر سناً.
ففي عام 2019، تعرض نحو 0.3 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و44 عاماً لنوبة قلبية، بينما ارتفعت النسبة إلى 0.5 في المئة بحلول عام 2023.
ويُفسّر الدكتور إيفان ليفين هذا الارتفاع إلى تغيّرات في أنماط الحياة، أبرزها الإفراط في تناول الأطعمة المصنعة وقلّة ممارسة النشاط البدني لدى هذه الفئة العمرية.
ويقول: 'نحن جميعاً بحاجة إلى التحرك أكثر. ليس بالضرورة الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، ولكن على الأقل ممارسة أي نوع من النشاط. ما يقلقني هو أن أنماط الحياة الخاملة والسلبية أصبحت أكثر شيوعاً منذ وباء كورونا، خاصة بين من يعملون من المنزل'.
ورغم أن التدخين معروف بدوره في الإصابة بتصلب الشرايين (تراكم الدهون داخل الشرايين)، إلا أن أطباء القلب، ومنهم الدكتور ليفين، يعبّرون عن قلقهم المتزايد من التأثيرات غير المعروفة للسجائر الإلكترونية على صحة الشباب.
وتضيف الدكتورة أيلين بارسيغيان: 'العوامل الوراثية، مثل فرط كوليسترول الدم العائلي، تسهم أيضاً في زيادة احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية المبكرة. كما أن العوامل البيئية مثل التوتر المزمن وقلة النوم تُعد اليوم من الأسباب المتزايدة التي لا ينبغي تجاهلها'. (BBC)