اخبار سوريا
موقع كل يوم -تلفزيون سوريا
نشر بتاريخ: ٣٠ أذار ٢٠٢٥
أُعلن مساء السبت 29 آذار/مارس 2025 عن تشكيل الحكومة السورية الانتقالية الأولى، وذلك خلال جلسة علنية في قصر الشعب بدمشق. استهلّ الرئيس أحمد الشرع كلمته بالإعلان عن الحكومة، مستعرضاً التحديات الراهنة، ومؤكداً على ألا تسامح مع الفساد أو التهاون في محاربة الظلم، مشدداً على أن العدل هو أساس كل شيء.
وبحسب الإعلان الدستوري، فإن الحكومة الجديدة لا تتضمن منصب رئيس مجلس الوزراء، نظراً لاعتماد النظام الرئاسي، حيث يُشرف رئيس الجمهورية مباشرة على عمل الوزراء. وقد أبدى الرئيس، خلال كلمته، اهتماماً كبيراً بمواكبة التطور التكنولوجي، لا سيما في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، معلناً بدء العمل على بناء البنية التحتية اللازمة لذلك، من خلال تأهيل الكوادر، واستقطاب الخبرات، وإنشاء مراكز بحث وسوق محفِّز لتحقيق هذا الهدف.
وقد حملت الحكومة الانتقالية تغييرات لافتة، لم تقتصر على استبدال الوزراء فحسب، بل شملت أيضاً تعديلات بنيوية في هيكلية الحكومة وتشكيلتها العامة.
تغييرات بنيوية نحو نظام أكثر رشاقة
شهدت الحكومة الانتقالية الجديدة تغييرات بنيوية واضحة على مستوى تشكيل الوزارات، سواء من حيث استحداث وزارات جديدة أو إعادة دمج بعض الحقائب أو تغيير تسمياتها، بما يعكس أولويات المرحلة الانتقالية.
أبرز هذه التغييرات تمثّل في استحداث وزارات لم تكن موجودة في الحكومات السابقة، مثل وزارة الطوارئ والكوارث، التي جاءت استجابةً لحاجة ملحّة في إدارة الأزمات والكوارث الإنسانية والطبيعية المتكررة في البلاد. ومن الوزارات الجديدة أيضاً وزارة الرياضة والشباب، التي تعكس توجّهاً نحو تعزيز البعد المجتمعي والتنموي في مرحلة ما بعد الصراع.
كما تم إنشاء وزارة الطاقة، وهي وزارة جامعة يُفترض أنها تحل محل وزارات كانت منفصلة سابقاً، مثل النفط والكهرباء، في محاولة لتوحيد إدارة الموارد الحيوية تحت مظلة واحدة. وفي خطوة إدارية لافتة، تم دمج حقيبتي الاقتصاد والصناعة تحت مسمّى 'وزارة الاقتصاد والصناعة'، بما يعكس رغبة في تنسيق السياسات الإنتاجية والاقتصادية ضمن جهة تنفيذية واحدة.
في المقابل، تم الاستغناء عن عدد من الوزارات أو إعادة هيكلتها، مثل 'وزارة النفط والثروة المعدنية'، و'وزارة الكهرباء'، و'وزارة الموارد المائية'، وهي وزارات يُفترض أن اختصاصاتها قد أُدمجت ضمن 'وزارة الطاقة'. كما تم حذف 'وزراء الدولة'، أي الوزراء من دون حقيبة، من التشكيلة الجديدة، وهي مناصب كانت غالباً تُستخدم سابقاً لأغراض رمزية أو سياسية دون مهام تنفيذية حقيقية.
كذلك، لم تُدرج ضمن التشكيلة الجديدة وزارات مثل 'وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك'، و'وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية'، وهي خطوات قد تعني إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية عبر إدماج هذه الصلاحيات ضمن وزارات أخرى وعلى الأغلب ستدمج تحت وزارة الاقتصاد والصناعة.
الحكومة الانتقالية مقارنة بحكومات نظام الأسد البائد
شهدت التشكيلة الوزارية الجديدة تحولاً جوهرياً بالمقارنة مع آخر حكومتين في عهد النظام السابق، برئاسة كل من محمد غازي الجلالي وحسين عرنوس، سواء من حيث الحجم أو التوزيع المذهبي والجغرافي.
فقد بلغ عدد الوزراء في الحكومة الانتقالية 23 وزيراً فقط، مقابل 28 وزيراً في حكومة الجلالي و29 في حكومة عرنوس، ما يعكس توجهاً واضحاً نحو تقليص الجهاز التنفيذي وتخفيف العبء البيروقراطي في هذه المرحلة المفصلية.
واحدة من السمات البارزة في الحكومة الجديدة هي ارتفاع نسبة الوزراء الجدد، حيث بلغ عدد الوزراء الذين يشغلون المنصب لأول مرة 17 وزيراً، مقارنة بـ 13 وزيراً فقط في حكومة الجلالي و9 في حكومة عرنوس. حيث تم اعتبار كافة الوزراء السابقين في حكومة الإنقاذ أو حكومة تصريف الأعمال كوزراء سابقين، أما في حين اسقاط هذا الاعتبار عنهم فإن وزيرين فقط خدما في حكومات سابقة تابعة للنظام السابق، هما 'محمد نضال الشعار' و'يعرب سليمان بدر'.
ورغم هذا التغييرات الواسعة، إلا أن مشاركة النساء بقيت محدودة، إذ لم تضم الحكومة الانتقالية سوى وزيرة واحدة، مقارنة بثلاث وزيرات في حكومة الجلالي وأربع في حكومة عرنوس. أما ضمن التوزيع المذهبي، فقد حافظ السُنّة على أغلبيتهم ضمن الحكومة الانتقالية بـ 18 وزيراً (تم احتساب الوزيرين الكرديين على المذهب السني) بنسبة 81.8%، وهو مستوى أعلى قليلاً من الحكومة السابقة، حيث كانت النسبة حوالي 78%.
بالمقابل انخفض عدد الوزراء العلويين إلى وزير واحد فقط، بعدما كان 3 في حكومة الجلالي و4 في حكومة عرنوس، كما تراجع عدد الوزراء المسيحيين إلى وزيرة واحد فقط هي 'هند قبوات'، مقارنة بـ 2 بحكومة الجلالي وبـ 4 في حكومة عرنوس. في المقابل، وشهد التمثيل الدرزي ارتفاعاً بوصوله إلى وزيرين بنسبة 9.1%، مقارنة بوزير واحد في كل من الحكومتين السابقتين. كذلك ارتفع عدد الوزراء الأكراد إلى اثنين بدلاً من واحد كان يشغل منصب وزير دولة (من دون حقيبة)، وهو ما يعكس انفتاحاً قومياً محسوباً في تشكيل الحكومة وبلغت نسبتهم 9.1%.
أما من حيث الخضوع للعقوبات الدولية، سجلت الحكومة الانتقالية تحولاً حاداً مقارنة بالحكومات السابقة؛ إذ لا يخضع للعقوبات سوى وزير واحد فقط (أنس خطاب، وزير الداخلية)، بنسبة لا تتجاوز 4.35%، بينما كانت حكومة الجلالي تضم ما لا يقل عن 15 وزيراً مشمولين بالعقوبات الأحادية، علماً أن العقوبات على 'أنس خطاب' هي عقوبات أممية مشابهة لتلك العقوبات المفروضة على الرئيس أحمد الشرع.
أما على مستوى الفئات العمرية، فقد جاءت الحكومة الانتقالية أكثر شباباً من سابقاتها؛ حيث بلغ عدد الوزراء الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً ثمانية وزراء 34.8%، وهي النسبة نفسها لفئة 40–50 عاماً. بينما بلغت نسبة الوزراء في فئة 51–60 عاماً نحو 13%، و17.4% للفئة بين 61–70 عاماً. علماً أن حكومة الجلالي كان أقل عمر فيها 40 عاماً، أم الانتقالية فأقل عمر فيها هو 33 عاماً، وهذا التوزيع يؤكد اعتماد الحكومة بشكل واضح على جيل جديد من الكفاءات، في قطيعة نسبية مع الأجيال القديمة التي احتكرت السلطة لعقود.
في حين أن خلفية العمل أو المنصب التي قدم منها الوزراء، يمكن التميز بين 4 وزراء مرتبطون سابقاً بهيئة تحرير الشام، بمقابل 5 آخرين شغلوا مناصب بحكومة الإنقاذ العاملة سابقاً في شمال غرب سورية، و3 محسوبون على قطاع الأعمال، و3 قادمون من العمل في مجلس الوزراء سابقاً أو مؤسسات تابعة له، و2 من المجتمع المدني، و2 من التعليم العالي، و2 من العمل الإنساني و2 من الإعلام. اللافت أيضاً أن الحكومة ضمت وزيراً بعثياً سابقاً وهو وزير النقل 'يعرب بدر'، في حين يصعب تحديد الانتماءات الحزبية لعدد من الوزراء، إذ قد يكون بعضهم قد انتمى إلى أحزاب سياسية قبل الثورة دون إعلان ذلك، أو نُسب بعضهم إلى حزب البعث إجبارياً، كما جرت العادة في المراحل الدراسية الثانوية آنذاك.
أما جغرافياً، فيكشف التوزع المناطقي للوزراء في الحكومة السورية الانتقالية الأولى، مقارنة بحكومتي الجلالي وعرنوس، عن تحولات لافتة في خارطة التمثيل الجغرافي. ويعكس هذا التحول محاولة واضحة لإعادة بناء الشرعية السياسية على أسس أكثر توازناً وتنوعاً، من خلال تعزيز تمثيل المحافظات والمناطق التي كانت خارجة سابقاً عن سيطرة النظام أو يمكن القول إنها تعرضت للظلم طويلاً من قبله ولم يتم تمثيلها سابقاً.
احتفظت دمشق بتمثيل ثابت قدره أربعة وزراء في كل من الحكومة الانتقالية وحكومة الجلالي، لكنها تراجعت بشكل ملحوظ مقارنة بحكومة عرنوس التي ضمّت تسعة وزراء من العاصمة. في المقابل، تراجع تمثيل ريف دمشق في الحكومة الانتقالية إلى وزير فقط وهو وزير الداخلية، بعد أن كان سبعة وزراء في حكومة الجلالي. في حين حافظت محافظة حلب على تمثيل قوي بثلاثة وزراء، وهو مستوى قريب من الحكومتين السابقتين.
أما محافظة إدلب فقد زاد تمثيلها إلى أربعة وزراء بعد أن كان اثنين في حكومة الجلالي، ما يعكس تصاعد حضور قوي للمحافظة التي شكّلت، لعقد من الزمن، الحاضنة الثورية للثورة السورية. أما التمثيل القادم من ديرالزور فقد بلغ ذروته بتمثيل المحافظة بثلاثة وزراء، بعد كانت المحافظة غير ممثلة بحكومة الجلالي، والتمثيل القادم من حماه بلغ وزيرين، وهي قفزة نوعية مقارنة بتمثيلهما السابق، وبالأخص لدير الزور.
في المقابل، سجّلت حمص واللاذقية تراجعاً في الحضور؛ إذ انخفض تمثيل حمص من أربعة وزراء في حكومة الجلالي إلى وزير واحد فقط، كما انخفض تمثيل اللاذقية من أربعة وزراء في حكومة عرنوس، إلى وزيرين في حكومة الجلالي، وأخيراً إلى وزير واحد في الحكومة الانتقالية. كما حافظت محافظات مثل طرطوس، والقنيطرة، والحسكة على تمثيل رمزي بوزير واحد لكل منها.
أخيراً، شهدت السويداء تمثيلاً بوزير واحد، في خطوة ربما ترمز إلى محاولة احتواء التوترات المتصاعدة هناك، أو استيعاب نخبها المحلية. بينما غابت درعا عن التمثيل تماماً في الحكومة الانتقالية الجديدة، بعد أن كانت تحظى بوزارة واحدة على الأقل في الحكومات السابقة. أما محافظة الرقة، فقد غابت كلياً عن التمثيل في كافة الحكومات.
بطاقات تعريفية للحكومة الانتقالية الجديدة الأولى
فيما يلي بطاقات تعريفية لكافة الوزراء في الحكومة الانتقالية وبعض الإحصائيات المتعلقة بها: