اخبار سوريا
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
قررت السلطات الجديدة التوقف عن ترداد أي شعارات لها علاقة بالنظام المخلوع
إبان سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وهربه في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي 2024 إلى العاصمة الروسية موسكو، بدأ السوريون بإزالة وإحراق كل أنواع الشعارات والصور وأي شيء يرتبط بالنظام السابق، أو بحكمه الممتد نصف قرن من الزمن.
وظلت صور آل الأسد (الأب والابن) والشعارات التي تمجدها تحتل الصدارة وبكثرة في الشوارع والمؤسسات والأماكن العامة، ويمنع المساس بها، بل إن كثيرين من السوريين سجنوا وعذبوا بسبب الاستخفاف بهذه الشعارات أو الصور، لأنها كانت تعد خطوطاً حمراء وأشبه بالمقدسات السياسية التي يمنع الاقتراب منها أو تشويهها وحتى نقدها، إلى أن جاء اليوم الذي مزقت، فضلاً عن اندفاع الشبان لتحطيم تماثيل الرئيس الراحل حافظ الأسد الموزعة على مساحة الجغرافيا السورية. وتبع ذلك حل كل ما يرتبط بالنظام السابق، بخاصة المؤسسات العسكرية والأمنية من جيش وأمن وشرطة، فضلاً عن حل 'حزب البعث'، وهو الحزب الحاكم طوال فترة امتدت منذ فترة الستينيات من القرن الماضي.
واتجهت السلطات السورية في أعقاب تأليف حكومة جديدة نحو الدفع باتجاه تشكيل هوية بصرية جديدة كان منها شعار الجمهورية الجديدة 'النسر السوري'، في موازاة محاولات نحو ولادة نشيد وطني جديد.
وقررت السلطات الجديدة التوقف عن ترداد النشيد الوطني أو أي شعارات لها علاقة بالنظام المخلوع، ريثما يصدر النشيد الجديد.
وكانت كوادر 'الثورة السورية' لجأت إلى استخدام قصيدة عمر أبو ريشة 'في سبيل المجد والأوطان' كنشيد بديل في الميادين والفعاليات، كتعبير عن القطيعة الرمزية مع 'النظام البعثي'.
في غضون ذلك، يستذكر السوريون مشهد رفع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني علم سوريا في مقر سفارة بلاده في واشنطن وفي مقر الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، من دون أن يرافق رفع العلم ترداد النشيد الوطني.
في السياق، أصدر وزير التربية محمد عبدالرحمن تركو قراراً ألزم بموجبه مديريات التربية في المحافظات كافة بوقف ترداد أي نشيد أو شعار داخل المدارس العامة والخاصة، في سائر المراحل الدراسية لحين اعتماد النشيد الوطني الرسمي للدولة، والشعار الخاص بوزارة التربية وفقاً للأصول الدستورية والقانونية المعمول بها.
وجاء هذا القرار بعد مداولات المجلس الأعلى للتربية والتعليم تعزيزاً لحال الانضباط، ومنع أي اجتهادات فردية بأعقاب رفع أناشيد في المدارس ذات مدلولات معينة ما أثار استياء من الشارع السوري.
وكان هناك نشيد وطني معتمد منذ عام 1919 في عهد 'المملكة العربية السورية' وحتى استبداله عام 1938 بنشيد يحمل عنوان 'سوريا يا ذات المجد' من كلمات مختار التنير وألحان أحمد ومحمد فليفل، وظل معتمداً حتى عام 1938، إذ استبدل النشيد الوطني بآخر عنوانه 'حماة الديار' عبر مسابقة وطنية أطلقت لاختيار رموز الدولة الجديدة، بعد نيل الاستقلال الجزئي عن فرنسا، وفاز في ذلك الوقت بالمسابقة الشاعر الدمشقي خليل مردم بك، ووضع ألحان النشيد الجديد محمد فليفل.
ولاحقاً، خلال فترة الوحدة بين سوريا ومصر (1958-1961)، استبدل النشيد موقتاً بـ'والله زمان يا سلاحي' من غناء أم كلثوم، قبل أن يعود نشيد 'حماة الديار' للتداول الرسمي بعد الانفصال.
من المتوقع، بحسب المعلومات المتوفرة، إعلان تشكيل لجنة صياغة خاصة للنشيد العتيد قريباً، في حين لم يصدر حتى كتابة هذه السطور أي قرار رسمي أو إعلان مسابقة، لانتقاء قصائد أو تشكيل فريق متخصص لهذا الأمر.
في الأثناء، ولد منشور صادر عن معرفات رئاسة الجمهورية حول اجتماع ضم الرئيس السوري أحمد الشرع مع عدد من الشعراء منهم وزير الثقافة السوري محمد الصالح، وأنس الدغيم وشقيقه حسن، والكاتب الفلسطيني جهاد الترباني، شرارة البحث عمن يكتب النشيد الوطني، ومن يلحنه، لا سيما أن المنشور أكد أن الجلسة تضمنت الحديث عن صياغة النشيد الوطني الجديد، بينما لم تتخذ وزارة الثقافة أو أية أية جهة رسمية خطوة بعد في سياق التحضيرات للنشيد الجديد، إلا أن الشاعر السوري أنس الدغيم، وهو مسؤول في وزارة الثقافة، أكد أن الجلسة 'ودية'، مضيفاً 'الحديث عن النشيد جاء عرضياً، خلال لقاء الرئيس، والنشيد ليس مشروعاً فردياً، ولا يمكن أن يكتب بمنطق الاستئثار، بل يجب أن يكون تعبيراً عن روح جميع السوريين'.
وأثار الاجتماع مع الشعراء وتبديل النشيد الوطني جدلاً بين مؤيد ومعارض لإلغاء النشيد القديم، واعتراضات على مناقشة هذا الأمر المرتبط بالنشيد الوطني مع عدد ضيق من الشعراء، كما جاءت الانتقادات حول صلاحيات الحكومة الانتقالية إجراء تغييرات جوهرية كهذه، وذهب بعض المنتقدين إلى اعتبار النشيد الوطني 'حماة الديار' لا يرتبط على أية حال مع النظام المخلوع.
في السياق، كشف عضو اللجنة العليا للانتخابات والكاتب السياسي حسن الدغيم عما دار في الجلسة مع الرئيس السوري إذ أتت كنوع من 'استمزاج' الآراء، وتناولت 'الوجدانيات والقيم التي ينبغي أن يتضمنها النشيد الجديد، سواء من ماضي سوريا، أم حاضرها ومستقبلها، والثورة والشهداء والانتصار والتضحيات، ونشيداً يختزن القيم ويصافح قيم الحرية والكرامة والعدالة'، وأضاف 'الجلسة تضمنت أيضاً الحديث عن المعاني الرمزية للنشيد، ولم تكن في شأن إجراءات تقنية بكتابة النشيد الوطني، وهذا ربما يتم التفكير به عبر وزارات عدة أو وزارة الثقافة أو إطلاق مسابقة، واستمع الرئيس إلى عدد من القصائد الشعرية وكان يناقش في الشعر ومعانيه وتحليل القصائد ضمن سهرة أدبية، كما استمع إلى قصائد شعراء راحلين أو موجودين ومنهم وزير الثقافة، واستمع إلى دور الكلمة في بناء الخطاب الوطني ولغة التسامح والعدالة وإطلاق عجلة الدولة من المنظور الثقافي والأدبي'.
وأكد عضو لجنة الانتخابات العليا في سوريا الدغيم 'أن كل دولة تحتاج إلى نشيد وطني، هذا الأمر أساس، ومع التغيير العظيم في سوريا والتحرير، النشيد الوطني السابق وإن كان مصاغاً وموضوعاً من الآباء السوريين بالجمهورية العربية السورية، لكن الذهنية ارتبطت بالجيش السوري البائد'، وتابع 'لذلك بقي نشيد حماة الديار نشيداً مزعجاً مرتبطاً بالإجرام والفتك والقصف ولم تعد الآذان تحتمل صوت حماة الديار وبات ضرورياً تغييره، وهذا ما نص عليه الإعلان الدستوري'.
وثمة حديث لناشطين قانونيين يرون أن على السلطة الحالية الالتزام بالإعلان الدستوري الحالي، وينص الإعلان الذي أقر بعد سقوط النظام السابق في مادته الخامسة، على أن شعار الدولة ونشيدها يحددان بقانون باقتراح من مجلس الشعب، وباقتراح من رئيس الجمهورية ويستلزم موافقة البرلمان الذي لم يتشكل بعد.




































































