اخبار سوريا
موقع كل يوم -الجماهير
نشر بتاريخ: ٢١ أب ٢٠٢٥
الجماهير|| محمود جنيد…
في مشهدٍ يتكرر كل شهر، تتحول مكاتب البريد إلى ساحات معاناة حقيقية لكبار السن من المتقاعدين، الذين يقفون لساعات في طوابير الانتظار، يلفحهم حر الشمس القائظة، أملاً في الحصول على رواتبهم التي تُشكِّل شريان حياتهم الوحيد.
لكن الصدمة كانت تنتظرهم هذا الشهر؛ فبعد صرف جزء بسيط من الرواتب لمدة أسبوع فقط، توقف الصرف فجأة منذ يوم الأحد، تاركاً الغالبية العظمى من المتقاعدين في مواجهة مصير مجهول. كما أفاد عبد المولى إبراهيم في شكواه لصحيفة 'الجماهير' متسائلاً: 'من أين سنأتي بثمن الطعام والدواء مع هذه المعاناة؟'.
لم تتوقف المعاناة عند انقطاع الراتب، بل تصاعدت الأزمة بتصريح صادم من أحد موظفي بريد الجميلية: 'ما في رواتب للشهر الجاي، لا عاد حدا يراجعنا!'، وهو ما أكدته أيضاً السيدة 'شادية' عبر شكواها التي نُقلت عبر بريد الصحيفة.
هذا التصريح يثير سيلاً من التساؤلات المُرّة: هل ستظل رواتب كبار السن تُصرف بالقطارة؟ وكيف تُحشر هذه الفئة التي أفنت عمرها في خدمة البلاد في مثل هذه الظروف الصعبة؟ وما التفسير الرسمي لهذا الموقف؟ ولماذا يتم التعامل مع الأمر بمثل هذا الغموض وعدم المبالاة؟ إذا كان التأخير سيستمر حتى الشهر القادم، فكيف سيعيش آلاف المتقاعدين وعائلاتهم هذا الشهر في ظل غلاء الأسعار الذي لا يرحم؟
وتتواصل الأسئلة الحائرة: أين الحجز المسبق؟ أين الصرف عبر البنوك؟ أين أي شكل من أشكال التنظيم الذي يحفظ كرامة المسن؟
بدورها، رفعت صحيفة 'الجماهير' هذه التساؤلات إلى آدارة بريد الجميلية، حيث أوضح المكلف بتسيير أعمال بريد حلب، حسام الغنام، في رده على الاستفسارات حول الازدحام والملاحظات المقدمة، أن 'تركة النظام البائد وما خلفه من تدمير ممنهج للبنية التحتية وانهيار شبه كامل للمراكز الخدمية، كان لمدينة حلب نصيب كبير منه، مما أدى إلى إغلاق العديد من المراكز البريدية التي كانت تشكل شبكة داعمة للمواطنين'.
أما بالنسبة للإجراءات العملية والحلول، فأوضح الغنام أن مديرية بريد حلب تمتلك 50 شباكاً بريدياً، يتركز 27 منها في مركز حلب الرئيسي (بريد الجميلية). وخلال الأيام الثلاثة الأولى من فترة الصرف – التي تمتد رسمياً إلى 10 أيام عمل – تم تسليم رواتب 37,000 مواطن من أصل 64,500 مستحق، وهو رقمٌ – حسب قوله – 'يشهد على الجهد الكبير الذي يبذله الكادر'.
وأضاف الغنام: 'نود طمأنة جميع السادة المواطنين بأن السيولة المالية متوفرة بالكامل، وأن رواتبهم محفوظة وآمنة، وسيتم صرفها للجميع ضمن الفترة المحددة'. مشيراً إلى أن الازدحام الحاصل يعود إلى سببين رئيسيين:
– الإقبال الكثيف في الأيام الأولى بسبب العادة القديمة المرتبطة بفكرة انقطاع السيولة أيام النظام السابق.
– الحاجة الماسة للتوسع لتعويض المراكز المُغلقة.
ولتخفيف الضغط وتحسين الخدمة، تم تنفيذ جملة من الإجراءات، منها:
– تفعيل خدمة 'الراتب المنزلي' (خدمة الإقامة)، والتي استفاد منها أكثر من 3500 مواطن حتى الآن، بأجور رمزية تتناسب مع ظروفهم.
– التواصل مع الإدارة العامة في دمشق لوضع آلية جديدة بالتعاون والتنسيق معها لتحديد فترة صرف ثابتة وواضحة لكل منطقة، وسيتم الإعلان عنها قريباً عبر الحسابات الرسمية للبريد على منصات التواصل الاجتماعي.
وختم الغنام حديثه بتعهد للمواطنين بأن كادر البريد سيعمل ضمن الطاقة القصوى المتاحة حالياً، دون أن يدخر جهداً في تقديم كل ما يلزم لخدمتهم بشكل يليق بهم.
في الختام: بين الظروف الاستثنائية التي يحاول بريد حلب معالجتها بالتدابير اللازمة، ومأساة المتقاعدين الشهرية المتجددة، تستمر المعاناة بانتظار حلول جذرية وحاسمة.