اخبار سوريا
موقع كل يوم -الفرات
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الأول ٢٠٢٥
بعد سنوات من العزلة والنهج التصادمي الذي طبع سياسة النظام البائد، تشهد سوريا اليوم تحولاً نوعياً في سياستها الخارجية، إذ لم تعد الدبلوماسية السورية أداة للابتزاز السياسي، بل أصبحت جسراً للتواصل والانفتاح، تنقل البلاد من حالة الحرب إلى مرحلة البناء والتطلع نحو المستقبل بثقة وثبات.
منذ التحرير، شرعت الدبلوماسية السورية في إعادة تشكيل صورة سوريا كدولة ذات سيادة، منفتحة على المبادرات الصادقة التي تدعم أمنها واستقرارها، شرط أن تحترم استقلال قرارها الوطني، بعيداً عن الاصطفافات والمحاور.
وفي مقابلة مع قناة الإخبارية، حدّد وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني، ملامح هذه السياسة الجديدة، مؤكداً أن سوريا بعد التحرير لم تنخرط في أي محور ولم تعادِ أحداً، بل تسعى إلى دبلوماسية متوازنة تستعيد من خلالها موقعها الطبيعي على الخارطة الدولية، بما يخدم مصالح شعبها.
الشيباني شدد على أن الدبلوماسية السورية تبذل جهوداً مضاعفةً لتمثيل سوريا كدولة عريقة، لا كسلطة استبدادية كانت تبيع المواقف وتقيّد البلاد باتفاقيات غير متكافئة لضمان بقائها في الحكم، وفي هذا السياق جاءت مشاركة الرئيس أحمد الشرع في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث قدّم خطاباً اختصر الحكاية السورية، وأوصل رؤية الحكومة الجديدة إلى العالم.
ونقل الحراك السياسي سوريا من بلد يُذكر في المحافل الدولية كمأساة إنسانية، إلى دولة يُشار إليها اليوم كنموذج في تجاوز المحن واستعادة السيادة الوطنية بوعي وانفتاح وتوازن، سياسة تعكس آلام السوريين وطموحاتهم، وتصحح العلاقات مع الدول التي كانت تقف سياسياً إلى جانب النظام البائد.
وتتمحور السياسة السورية الجديدة حول معالجة إرث النظام البائد الذي شوّه صورة البلاد في الخارج، واعتمد على “البلطجة السياسية” وتوتير العلاقات مع الجوار، واليوم، بدأت هذه السياسة تؤتي ثمارها، مع عودة سوريا إلى المحافل الدولية بصورة جديدة، كطرف فاعل في الحوار، لا كساحة لصراعات الآخرين.
وكانت إعادة تصويب العلاقة مع روسيا اختباراً حقيقياً للدبلوماسية الجديدة، بعد أن أفسدها النظام البائد بتنازلات غير متكافئة، لتبنى هذه العلاقة اليوم على أسس السيادة الوطنية والاحترام المتبادل، بما يضمن مصالح السوريين أولاً، كما تم تصحيح العلاقة مع الصين، التي كانت تستخدم مع روسيا “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي لصالح النظام البائد، لتُعاد صياغتها بما لا يكون على حساب الشعب السوري.
وبالتوازي مع تصحيح العلاقات مع القوى الكبرى، نجحت الدبلوماسية السورية في إعادة الانفتاح على العالم العربي، وعلى المنظمات الدولية والإقليمية التي غابت عنها سوريا لسنوات، هذه العودة كما وصفها الوزير الشيباني لم تكن بروتوكولية، بل كانت عودة الصوت السوري الحقيقي إلى مكانه الطبيعي، صوت الشعب الذي خرج من رحم الثورة والمعاناة، ويطمح إلى بناء وطنه بكرامة لا بوصاية.
وفي ملف العقوبات وإعادة الإعمار، أثمرت الجهود الدبلوماسية عن رفع معظم العقوبات، ما سيسهّل عملية إعادة بناء ما دمره النظام البائد، كما تعمل الحكومة على فتح قنوات تعاون مع الدول الصديقة لتأمين عودة كريمة للاجئين، ومعالجة آثار الحصار الذي كبّل البلاد لسنوات، فمرحلة السلام لا تقل تحدياً عن مرحلة الحرب، وتتطلب جهداً مضاعفاً لترسيخ الاستقرار والانطلاق نحو البناء.
بسقوط النظام البائد، بدأت سوريا مرحلة سياسية جديدة تقوم على الانفتاح والمصالح المشتركة والحفاظ على السيادة الوطنية، وعاد مقعد سوريا في الأمم المتحدة إلى من يستحقه، من يمثل الشعب لا من قهره، إنها دبلوماسية تعمل بهدوء وثبات، وفق رؤية وتخطيط بعيداً عن الأوهام والاستقطابات، وتفتح أبوابها للجميع لتعزيز النجاحات التي تحققت، بما يواكب تطلعات السوريين ويعكس صورة بلادهم الحضارية والمشرقة في العالم.




































































