اخبار سوريا
موقع كل يوم -السلطة الرابعة
نشر بتاريخ: ٧ شباط ٢٠٢٥
يتحقق الطلب على السلع والخدمات عادةً بتوافر شرطين مهمين أولهما الرغبة والتي ترتبط بطبيعة سلوك المستهلك وسلم احتياجاته وثانيهما القدرة الشرائية المعبر عنها بالدخل النقدي المخصص للاستهلاك والمتوفر لدى الفرد في لحظة أو وقت معين.
الطلب حالياً في سورية غير مستقر أولاً ومتقلب ما بين سلعة وأخرى وما بين قطاع وآخر ثانياً ورغم بدء حالة الوفرة التي تشهدها أغلب الأسواق نتيجة السماح بالاستيراد لأغلب السلع والمواد وترافق ذلك مع عودة الإنتاج المحلي للانطلاق من جديد نتيجة توفر المواد الأولية والأيدي العاملة والتحسن النسبي للطاقة ورغم ذلك كله فإن الأسعار المتداولة في الأسواق وإن حصل عليها انخفاضات واضحة عن الأشهر والسنوات السابقة، إلا أنها مازالت في غير متناول شرائح كبيرة من الأفراد المستهلكين وسبب ذلك ببساطة يعود لضعف القوة الشرائية فما هي هذه القوة؟ وكيف يتم تقديرها؟ وكيف يتم تحسينها؟..
القدرة أو القوة الشرائية هي عدد وجودة أو قيمة السلع والخدمات التي يمكن شراؤها بوحدة من العملة ويعبر هذا المفهوم عن قدرة الأفراد على الاستهلاك وإشباع احتياجاتهم وينبئ عن مستوى معيشتهم ورفاهيتهم.
وتقاس القوة الشرائية عادةً من خلال نصيب الفرد من إجمالي الدخل المتاح الحقيقي (الخالي من التضخم) داخل البلد، ويمكن إضافة خدمات التعليم والصحة المجانية كجزء من الدخل المتاح أيضاً.
وهو مؤشر متوسط ولا يعبر بالضرورة عن حالة جميع الأفراد داخل المجتمع بسبب تفاوت الدخل.
وترتبط القوة الشرائية لأي فرد عادةً بمحورين أساسين:
1-مستوى الدخل المتاح للفرد مثل الأجور والتعويضات العائلية والاجتماعية وعائدات الملكية (فوائد -أرباح- إيجارات…) ثم تخصم من إجمالي هذه الموارد الضرائب والاقتطاعات الإجبارية (التأمين على المرض- والمساهمة في صناديق التقاعد…).
2-المستوى العام للأسعار وتقاس من خلال مؤشر أسعار المستهلك.
إن تطور القوة الشرائية هي محصلة الفرق بين تطور الدخل وتطور الأسعار وبناء عليه يوجد علاقة عكسية بين القوة الشرائية وبين التضخم فتطورهما يسير في اتجاهين متباينين.
فإذا حصل ارتفاع في الأسعار بينما بقيت الأجور ثابتة أو ارتفعت الأجور بمعدل أقل من التضخم فإن القوة الشرائية تكون قيمتها قد تآكلت وانخفضت القيمة الحقيقية للأجور.
المفارقة الواضحة في وضع الاقتصاد السوري أن ارتفاع سعر الصرف في مراحل سابقة كان نتيجة انفلات الكتلة النقدية وانفجارها لمستويات أعلى بكثير من الناتج المحلي الإجمالي الذي كان بتراجع والكتلة تتقدم مما أدى لارتفاع الأسعار وحدوث التضخم الجارف، أما الآن ونتيجة ترتيبات التدقيق والضبط للكتلة النقدية المحلية فقد تراجعت أسعار المواد والسلع (المعولمة) أي التي يتم استيرادها وبيعها مباشرةً (الوقود- الزيوت- المواد الزراعية المستوردة- مواد البناء والتقانات والغذائيات الأساسية….) بنفس نسبة تراجع سعر القطع وهذا أمر جيد إلا أن باقي السلع المحلية وبخاصة المنتجة من مكونات وأيدي عاملة محلية وطاقة مرتفعة فمازالت أسعارها مرتفعة وغير منطقية ولا تتناسب مع القدرة الشرائية المتاحة للأفراد في الوقت الحالي ليس فقط لأصحاب الدخل المحدود بل لباقي فئات الدخل وإن بنسب أقل وهذا سببه ارتفاع عوامل التكلفة وليس ارتفاع الطلب.
القوة أو القدرة الشرائية تتعزز بموارد ذاتية وخارجية تدعم قوة الليرة السورية بصورة حقيقية وتجعلها تشتري كميات أكبر من المواد والخدمات بنفس المبلغ المحدد وهذا لا يتأتى إلا من خلال إعادة بناء الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي الذي يستطيع في أي مرحلة مواجهة أي طلب على القطع الأجنبي سواء بالاستيراد أو التحويل أو المصروفات الخارجية بانسيابية عالية.
معيار الثقة بالعملة الوطنية اليوم في أعلى درجاته وهو يعكس حالة الارتياح ببيئة الأعمال الجديدة واعتماد المبادرة الفردية في إطار اقتصاد السوق الحر التنافسي وهي في مجملها عوامل ترفع في الطلب على العملة المحلية وتخفض كثيراً من الطلب على القطع الأجنبي بدافع الادخار أو التحوط نتيجة التضخم الذي يشهد لأول مرة في تاريخه هبوطاً واضحاً وهو في النهاية إذا استمر بهذه الوتيرة التنازلية وأصبح دون المعدلات الخطرة فإن القوة الشرائية ستتحسن بصورة تلقائية.
العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم /282/
دمشق في 5 شباط 2025م