الشباب ومعضلة تيك توك .. هل تكفي عطايا الداعمين لبيع الكرامة الإنسانية؟

دون إنذار مسبق يواجه جيل الشباب معضلة 'تيك توك' سواءً كان ذلك بإرادته أم لا بعد أن فرض التطبيق نفسه على حياتنا ولم يعد من الممكن الهرب من المشاهد الغريبة التي تصدر عنه في ظل الحديث عن تحقيق أرباح طائلة منه.

وعلى الرغم من صعوبة فتح التطبيق من الداخل السوري وعدم إمكانية إنشاء حساب عليه باستخدام رقم موبايل سوري. إلا أن الكثير من السوريين وجدوا طرقهم للانضمام إلى الموقع الذي اجتاح العالم. وبدا طريقة سهلة لجني الأرباح إذ لا يتطلب سوى كاميرا موبايل وخط انترنت.

إلا أن البعض ومن خلال أسوأ استخدام للتطبيق أضافوا شرطاً جديداً للتألق في عالم 'تيك توك'. وحصد الأرباح منه عبر محو الكرامة وتقبّل إهانة أنفسهم بأنفسهم من خلال ما يسمّى بـ'التحديات'. وذلك إرضاءً لـ 'الداعمين' الذين يرسلون الهدايا المالية للاسترسال في هذه المشاهد التي تحقّر الذات.

فما هي المتعة التي قد يشعر بها إنسان ما ويدفع لأجلها المال. من أجل مشاهدة أشخاص يكسرون البيض على رؤوسهم أو يغطون وجوههم بالطحين أو يرددون عبارات مهينة بحق أنفسهم؟.

في المقابل. ما الذي يدفع الإنسان للتنازل عن كرامته بسهولة وتقبّل أي إهانة مهما كان حجمها. وعلى مرأى الآلاف من الناس عبر الانترنت؟. هل يكفي المقابل المادي للتخلي عن الشعور بالآدمية؟.

لقد مرّت بلدان المنطقة بظروف استثنائية خلال السنوات الماضية أدت إلى ارتفاع هائل في مستويات الفقر بين سكانها. ما دفع البعض للذهاب نحو رأي تبريري لروّاد إهانات 'تيك توك'. بأنهم يجنون مبالغ ممتازة لتحسين أوضاعهم المعيشية. فيما يمكن ملاحظة شيء من الارتباط بين تزايد أعداد رواد التحديات المهينة وانحدارهم من بلدان تشهد تدهوراً اقتصادياً مثل 'سوريا، لبنان، العراق، مصر' على سبيل المثال.إلا أن هذا الأسلوب التبريري سيتحول لوسيلة لقبول أي ممارسة من أجل جني المال. من باب أن غاية المال تبرّر وسيلة تحقير الذات.

لقد حظي تيك توك بانتشار واسع عبر العالم. وشكّل كغيره من مواقع الانترنت منصة مفتوحة تتقبل كل شيء تقريباً. ولكن بينما كان كثيرون يستثمرونه كمنبر لنشر المعلومات أو إيصال صوتٍ قمعته منصات أخرى مثل فايسبوك مثلاً. فإن كثيرين أيضاً بالمقابل حوّلوه لمنبر يزدحم ببائعي كرامتهم من أجل إرضاء مريض نفسي مستعد لدفع المال مقابل تلذذ غير مفهوم بمشاهدة إهانات الآخرين. فكيف يواجه الشباب معضلة تيك توك بين الانغماس في عوالم من الإسفاف مقابل المال أو الابتعاد عن فرص جني الأرباح مقابل الحفاظ على احترام الذات؟