اخبار سوريا
موقع كل يوم -عكس السير
نشر بتاريخ: ٢٣ أيلول ٢٠٢٥
قالت 'هيومن رايتس ووتش' اليوم إن القوات الإسرائيلية التي تحتل أجزاء من جنوب سوريا منذ ديسمبر/كانون الأول 2024 ارتكبت سلسلة من الانتهاكات ضد السكان، منها التهجير القسري، وهو جريمة حرب. صادرت القوات الإسرائيلية المنازل وهدمتها، وحرمت السكان من ممتلكاتهم وسبل عيشهم، واحتجزت السكان تعسفا ونقلتهم إلى إسرائيل.
منذ انهيار الحكومة السورية السابقة في ديسمبر/كانون الأول 2024، توغلت إسرائيل في المنطقة المنزوعة السلاح التي تشرف عليها 'الأمم المتحدة' والتي تفصل هضبة الجولان – وهي أراضٍ سورية تحتلها إسرائيل منذ 1967 – عن الجزء الذي ظل تحت السيطرة السورية من محافظة القنيطرة، وأنشأت بسرعة تسعة مواقع عسكرية تمتد من جبل حرمون مرورا بمدينة القنيطرة وصولا إلى أجزاء من غربي درعا. كثفت إسرائيل أيضا ضرباتها الجوية على البنية التحتية العسكرية. منذ فبراير/شباط، أعلن المسؤولون مرارا وتكرارا عزمهم على 'تجريد جنوب سوريا بالكامل من السلاح '، وصرّحوا في مناسبات متعددة أن القوات ستبقى إلى أجل غير مسمى في الأراضي التي استولت عليها مؤخرا. تؤكد التقارير الإعلامية الأخيرة عن توغلات برية إسرائيلية جديدة في بلدة القنيطرة وتحليق مكثّف فوق القنيطرة ودرعا أن العمليات في جنوب سوريا مستمرة. منعت إسرائيل عشرات آلاف النازحين السوريين من العودة إلى الجولان منذ 1967.
قالت هبة زيادين، باحثة أولى في شؤون سوريا في هيومن رايتس ووتش: 'ينبغي ألا تتمتع القوات العسكرية الإسرائيلية العاملة في سوريا بحرية الاستيلاء على المنازل وهدمها وطرد العائلات منها. الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها إسرائيل في جنوب سوريا ليست لها ضرورة عسكرية مشروعة، بل هي جزء من قواعد اللعبة التي تعتمدها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأجزاء أخرى من المنطقة، والتي تجرد السكان من حقوقهم وحرياتهم الأساسية'.
بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2025، قابلت هيومن رايتس ووتش ثمانية سكان محليين، بينهم خمسة من سكان قرية الحميدية الذين هُدمت منازلهم، وناشط ومحام احتجزته القوات الإسرائيلية لفترة وجيزة، وزعيم محلي، وأحد سكان قرية جباتا الخشب التي تبعد ثمانية كيلومترات، حيث منعت القوات الإسرائيلية السكان من الوصول إلى أراضيهم الزراعية. راجع الباحثون الصور والفيديوهات التي أرسلها الأشخاص الذين قابلوهم، وحللوا صور الأقمار الصناعية لتأكيد الروايات، وتحديد متى وأين تم بناء المنشآت العسكرية، وقياس مساحة المناطق التي تم تجريفها أو هدمها.
قابلت هيومن رايتس ووتش أيضا أقارب وشهودا على احتجاز سبعة سوريين منذ ديسمبر/كانون الأول 2024 وطفل آخر في أبريل/نيسان 2024، عندما كان عمره 17 عاما. نُقل الثمانية جميعا إلى إسرائيل، حيث يقول الشهود والأقارب إنهم ما زالوا محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي ودون تهمة. كتبت هيومن رايتس ووتش إلى الجيش الإسرائيلي في 3 سبتمبر/أيلول 2025، تُبين بالتفصيل النتائج التي توصلت إليها وتستفسر عن المحتجزين. وردت إجابة خطية في 8 سبتمبر/أيلول، صرّح فيها الجيش الإسرائيلي أنه يعمل في جنوب سوريا 'لحماية مواطني دولة إسرائيل'. تم إدراج العناصر ذات الصلة من الإجابة حيثما ينطبق ذلك في هذا البيان الصحفي.
في الحميدية، الواقعة في المنطقة المنزوعة السلاح التي تشرف عليها الأمم المتحدة على طول 'خط الفصل' مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، هدمت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 12 مبنى في 16 يونيو/حزيران، ما أدى إلى تهجير ثماني عائلات من منازلها. طرد الجنود العائلات في ديسمبر/كانون الأول 2024، في اليوم الذي سقطت فيه حكومة بشار الأسد في سوريا، وأخبروهم لاحقا أن عمليات الطرد والهدم كانت ضرورية بسبب وضع منشأة عسكرية جديدة في المنطقة المجاورة.
قال أحد السكان: 'كان منزلنا الأقرب إلى الموقع العسكري، لذا كان أول ما تم هدمه. تم تجريف الأرض المحيطة به، التي كنا قد زرعناها بالأشجار، بالكامل مع المنزل. لم يتبقَّ شيء. نعيش في ظروف بالغة الصعوبة منذ أن فقدنا منزلنا وأرضنا'.
في جباتا الخشب، شيدت القوات الإسرائيلية منشأة عسكرية أخرى وبدأت بجرف مساحات شاسعة من الأراضي، بما فيها محمية غابات عمرها أكثر من قرن. أفاد السكان أن القوات الإسرائيلية منعتهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية ومراعيهم بالقرب من المنشأة.
أكدت صور الأقمار الصناعية التي حللتها هيومن رايتس ووتش أن بناء المنشأتين العسكريتين بدأ في أوائل يناير/كانون الثاني 2025 على بعد أقل من كيلومتر واحد شمال حدود القرى المعنية.
يحظر القانون الدولي الإنساني، بموجب المادة 49 من 'اتفاقية جنيف الرابعة'، التهجير القسري للمدنيين في الأراضي المحتلة إلا كإجراء أخير، وفقط إذا كانت هناك أسباب عسكرية قاهرة تتطلب ذلك أو إذا كان ذلك ضروريا لأمن السكان المدنيين أنفسهم. يجب أن يتوافق الإجلاء القانوني أيضا مع ضمانات إجرائية وإنسانية صارمة: يجب نقل المدنيين بطريقة إنسانية، إلى أماكن إقامة ملائمة، مع توفير سلامتهم ورفاههم وعودتهم بمجرد أن تسمح الأعمال العدائية بذلك. يشكل التهجير القسري غير المبرر في الأراضي المحتلة جريمة حرب. كما يُحظر على إسرائيل نقل المحتجزين خارج الأراضي المحتلة إلى إسرائيل، بغضّ النظر عن الادعاءات. يُحظر أيضا تدمير الممتلكات المدنية ما لم يكن ذلك ضروريا للغاية للعمليات العسكرية الجارية، أي أنه يجب أن يكون مرتبطا مباشرة بالقتال الفعلي وبالغ الضرورة، ولا يمكن تبريره باعتبارات استراتيجية أو أمنية طويلة الأمد.
أكد الجيش الإسرائيلي أن أنشطته 'تتوافق مع القانون الدولي'، وأن عمليات الهدم في الحميدية كانت تدابير 'عملياتية ضرورية' و'لا يوجد مدنيون … يقيمون في المباني'، وأن الاعتقالات والنقل إلى إسرائيل كانت تستند إلى معلومات استخبارية وخاضعة للمراجعة القضائية. إلا أن الإجراءات الموثقة التي اتخذتها إسرائيل في جنوب سوريا قوانين الحرب.
في الحميدية، لم يكن هناك خطة إجلاء؛ اقتحم الجنود المنطقة وطردوا السكان بالقوة دون أي ترتيبات لضمان سلامتهم أو إيوائهم أو عودتهم. كما لم تكن هناك أعمال قتالية نشطة في المنطقة أثناء عمليات الطرد أو بناء المنشآت العسكرية أو هدم المنازل أو منذ ذلك الحين.
بدلا من الرد على تهديد فوري، يُفترض أنّ القوات الإسرائيلية أخلت المنازل ودمرتها كجزء من استراتيجية أوسع لترسيخ وجودها العسكري. وإن كانت وحدها إشارات المسؤولين إلى وجود غير محدد المدة لا تثبت نية التهجير الدائم، فإن عمليات الهدم وتشييد البنية التحتية العسكرية الثابتة واستمرار القيود على الوصول تجعل العودة في المدى القريب مستحيلة فعليا وتقوّض أي ادعاء أن التهجير مؤقت.
لم تتطرق رسالة الجيش الإسرائيلي بشكل محدد إلى أفعالها في جباتا الخشب أو اعتقال طفل عمرُه 17 عاما من القرية في أبريل/نيسان 2024، ولم تذكر معلومات عن أماكن الاحتجاز أو تمكين أي من المحتجزين السبعة الآخرين الذين وثّقت هيومن رايتس ووتش حالاتهم من مقابلة محامين أو أفراد من أسرهم.
على الحكومات أن تعلق دعمها العسكري لإسرائيل طالما استمرت قواتها في ارتكاب انتهاكات جسيمة وواسعة النطاق، بما فيها جرائم حرب، دون عقاب. على الحكومات أيضا أن تراجع، وعند الاقتضاء تُعلق، التعاون الثنائي وتحظر التجارة مع المستوطنات، بما يشمل هضبة الجولان السورية المحتلة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الولايات المتحدة و'الاتحاد الأوروبي' وبريطانيا وغيرها من الدول الضغط من أجل المساءلة من خلال الولاية القضائية العالمية ودعم إجراءات 'المحكمة الجنائية الدولية'. عليها أيضا فرض عقوبات محددة الأهداف على المسؤولين الإسرائيليين الضالعين في الانتهاكات الجسيمة المستمرة للقانون الدولي الإنساني، بما فيها منع عودة النازحين السوريين، والإبقاء على هذه العقوبات إلى أن تتخذ خطوات قابلة للتحقق تتيح العودة الآمنة والطوعية والكريمة.
قالت زيادين: 'تقاعسُ الحكومات الأخرى عن الرد على السلوك غير القانوني لإسرائيل في المنطقة يسمح لها بتطبيق أساليبها القمعية دون عقاب. على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن لتعليق الدعم العسكري، وفرض تدابير محددة الأهداف، ودعم المساءلة عبر قنوات تشمل المحكمة الجنائية الدولية'.
دخلت القوات الإسرائيلية قرية الحميدية في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، وهو اليوم الذي أطيح فيه بالرئيس السابق بشار الأسد. قال أحد السكان النازحين: 'دخلوا قريتنا على متن مركبتين [مدرعتين]، وصوبوا أسلحتهم نحونا وصرخوا بالعبرية، وهي لغة لا نفهمها. كنت خائفا، وهربت من المنزل مع أطفالي، ولم نأخذ معنا أي ملابس. تركنا كل شيء وراءنا'.
قالت امرأة أخرى إن الجنود الإسرائيليين داهموا منزلها في ذلك اليوم: 'وصلوا في دبابات، مدججين بالسلاح، يحملون حقائب ظهر كبيرة، واقتحموا منزلنا. كان واضحا من سلوكهم أنهم ينوون البقاء'. صوّب الجنود أسلحتهم نحوها ونحو ابنتيها، بينما أجبروا زوجها وابنها على الدخول إلى غرفة منفصلة تحت تهديد السلاح. قالت: 'احتُجزت أنا وابنتيّ على هذا النحو من الساعة 11 صباحا حتى 3 بعد الظهر. لم يُفرَج عن زوجي وابني حتى الساعة 11 مساء من تلك الليلة. جلس الجنود في غرفة معيشتنا، يضحكون ويتحدثون بلغة لا نفهمها، كما لو كان منزلهم'.
في النهاية، أُمِرت الأسرة بالمغادرة دون السماح لها بأخذ أي متعلقات. قالت: 'منذ ذلك الحين، نعيش في غرفة صغيرة في منزل والديّ [في الحميدية]'. تعيش الأسرة في مثل هذا الاكتظاظ منذ ذلك الحين. قالت المرأة: 'كانت القوات الإسرائيلية تعود إلى القرية من وقت لآخر. كنا نطلب العودة أو على الأقل جلب أغراضنا، لكنهم كانوا يرفضون دائما ’لأسباب أمنية‘ أو يقولون إنهم سيدرسون طلبنا'.
وصف ساكن آخر أيضا كيف أجبرته القوات الإسرائيلية في ذلك اليوم على مغادرة منزله تحت تهديد السلاح من قبل. عائلته أيضا لم يُسمح لها بأخذ أي شيء غير 'الملابس التي كنا نرتديها فقط'، حسبما قال. روى أنه لجأ إلى أقاربه في قرية مجاورة، بينما بقي أفراد العائلة الآخرون مع عائلات أخرى في أماكن أخرى في الحميدية. قال: 'لمدة ستة أشهر، حاولنا التفاوض مع القوات الإسرائيلية للعودة إلى منازلنا أو على الأقل استعادة أثاثنا. كان ردهم دائما: ’نحن ندرس الأمر‘، دون اتخاذ أي إجراء حقيقي'.
قالت امرأة إن عائلتها كانت من بين القلائل الذين سُمح لهم بالعودة لفترة وجيزة إلى منازلهم في فبراير/شباط وإخراج ما تبقى منها. قالت: 'عندما وصلت إلى هناك، كان المنزل في حالة من الفوضى. سُرقت العديد من الأغراض. لم يتبق سوى ثلاجتي وغسالتي'.
تؤكد الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية فوق الحميدية أن بناء المنشأة العسكرية، التي تقع على بعد أقل من 500 متر شمال شرق القرية، بدأ بعد 1 يناير/كانون الثاني 2025.
في ليلة 16 يونيو/حزيران، دخلت الجرافات الإسرائيلية الطرف الشمالي من الحميدية. قال أحد السكان: 'من الساعة 9:30 مساء حتى 5:00 صباحا، دمروا المنطقة بالكامل. لم يتركوا أي أساسات، لا شيء، سووا كل شيء بالأرض. بحلول الصباح، لم يجد الناس أي شي'.
وصفت امرأة وأطفالها، الذين لجأوا في البداية إلى أقاربهم ثم أقاموا في منزل شاغر قدمته إليهم عائلة أخرى في قرية الحميدية، شعورهم وهم يشاهدون هدم منزلهم في تلك الليلة: 'كان ما يزال لدي أمل في أن أعود قريبا. كل يوم، كنت أنظر إلى منزلي من بعيد وأبكي، أحلم بالعودة. ثم في إحدى الليالي، في الظلام، رأيت وسمعت الجرافات وهي تُدمر حلمي. بكيت طوال الليل، عاجزة، غير قادرة على إيقافهم أو فعل أي شيء على الإطلاق'.
كان منزلها، الذي قالت إن عائلتها أعادت بنائه في 2018 بعد أن تعرض للقصف والتدمير خلال الحرب السورية، يتكون من أربع غرف وحديقة كبيرة مليئة بعرائش العنب. قالت إن الجيش الإسرائيلي اقتلع العرائش.
قالت: 'عندما عدنا في 2018، اضطررت إلى إعادة بناء المنزل، حجرا حجرا. قلصنا جميع نفقاتنا، حتى الطعام، واضطررنا إلى اقتراض المال من الأقارب فقط لإعادة بناء المنزل، لأننا لم نكن قادرين على تحمل تكاليف الإيجار. اضطررنا إلى شراء كل شيء من جديد، الغسالة والثلاجة والتلفزيون والكنبة، كل شيء من الصفر. والآن، مرة أخرى، علي أن أبدأ من الصفر'.
تعيش العائلات الخمس جميعها التي تمت مقابلتها مؤقتا مع أقاربها إما في أماكن أخرى في الحميدية أو في القرى المجاورة. قال أحدهم: 'أعيش حاليا في غرفة واحدة مع عائلة والديّ. كان منزلي الأصلي مكونا من طابقين، والآن نعيش في غرفة واحدة فقط. لدي زوجة وثلاثة أطفال'.
أكدت هيومن رايتس ووتش، من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية، تدمير ما لا يقل عن 12 مبنى على بعد أقل من 250 متر غرب موقع عسكري إسرائيلية حديث الإنشاء.
لا تظهر صور الأقمار الصناعية منخفضة الدقة التي التقطت في 16 يونيو/حزيران الساعة 11:46 صباحا بالتوقيت المحلي فوق الحميدية أي علامات على وقوع أضرار. بعد 24 ساعة، تُظهر صورة التقطت في 17 يونيو/حزيران الساعة 11:38 صباحا بالتوقيت المحلي مجموعة من المباني المدمرة على الطرف الشمالي للقرية.
وصف سكان جباتا الخشب المهجرون أنهم منعوا من الوصول إلى الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية التي كانت تعيل أسرهم ومجتمعاتهم. قالوا إن القوات الإسرائيلية جرّفت الأراضي الزراعية ومناطق الرعي وبساتين الأشجار أو سيّجتها. قالت إحدى النساء: 'الأرض المحيطة [بمنزلنا]، التي كنا نزرعها بالأشجار، جُرفت بالكامل مع المنزل. لم يتبقَّ شيء'.
قالت أخرى: 'نملك أرضا زراعية بمساحة إجمالية تبلغ 50 دونما [5 هكتارات]. كان جزء منها مزروعا بالقمح أو الشعير، بينما كان الجزء الآخر يستخدم لرعي الأغنام'. قالت إن القوات الإسرائيلية شيدت ساترا ترابيا عاليا قطع الطريق إلى قطعة الأرض بأكملها، ووضعها تحت السيطرة العسكرية الكاملة.
قال أحد السكان إن عائلته مُنعت من الوصول إلى الأراضي التي كانت تشكّل نصف دخلها السنوي. وقال: 'من بينها: مساحة تبلغ حوالي 750 متر مربع أصبحت الآن جزءا من الموقع العسكري الذي أنشأه العدو الإسرائيلي حديثا على أرضنا؛ ودونم واحد [ألف متر مربع] من الأرض يقع أمام منزلنا؛ وحديقة المنزل، التي تغطي أيضا مساحة دونم واحد'. كانت هذه المناطق مزروعة بأشجار مثمرة مثل الزيتون والكرز، بالإضافة إلى القمح والشعير. قال: 'كانت هذه الأشجار مصدر الدخل الرئيسي لنا ولعائلتنا'.
قالت امرأة أخرى إن القوات الإسرائيلية منعت الناس من رعي قطعانهم في الأراضي الزراعية واستولت على مساحات شاسعة من تلك الأراضي. قالت: 'اضطر العديد من السكان إلى بيع أغنامهم بسبب نقص مناطق الرعي. أما أنا، فقد اقتُلعت الأشجار الموجودة على أرضي وهُدم منزلي. أنا الآن ممنوعة تماما من الوصول إلى ممتلكاتي، التي تبلغ مساحتها حوالي دونم واحد'.
تؤكد الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية فوق جباتا الخشب أن تشييد المنشأة العسكرية، التي تقع على بعد أقل من كيلومتر واحد شمال غرب القرية، بدأ بعد 1 يناير/كانون الثاني.
منذ بدء البناء، أدت المنشأة التي أقيمت بجوار الغابة إلى تجريف عشرات الأشجار، إن لم يكن المئات منها. حتى يونيو/حزيران، جرّف بالكامل أكثر من 45 هكتار، أي تقريبا 25% من غابة جباتا الخشب، الواقعة شمال القرية.
دخلت القوات الإسرائيلية جباتا الخشب في 15 ديسمبر/كانون الأول، بعد وقت قصير من توغلها في أجزاء أخرى من محافظة القنيطرة، وقال أحد قادة المجتمع المحلي: 'أقاموا وحدات عسكرية على أراضي جباتا الخشب وبدأوا بإزالة الأشجار من المحمية الحرجية'. قال إن القوات الإسرائيلية قطعت الأشجار المثمرة التي زرعتها بلدية القنيطرة في التسعينيات، وادعت أن الأشجار تعيق الرؤية العسكرية وتشكل خطرا أمنيا محتملا.
تظهر أيضا علامات واضحة على تدمير منطقة حرجية أخرى إلى الغرب من جباتا الخشب منذ بدء بناء المنشأة العسكرية، مع زيادة حجم إزالة الغابات بشكل كبير منذ أوائل يونيو/حزيران.
دُمِّر بالكامل ما لا يقل عن ثلث الغابة. قال الشخص البارز في المجتمع المحلي إن السكان لم يتم إطلاعهم على خريطة تحدد المناطق المقرر إزالتها إلا بعد اقتلاع 10 دونمات (هكتار واحد) من الأشجار المثمرة.
قال أيضا إن العديد من السكان مُنعوا من الوصول إلى أراضيهم الزراعية ومراعيهم. قال: 'بالنسبة إلي شخصيا، لدي حوالي 300 دونم [30 هكتار] من الأراضي، وقد مُنعت من الوصول إليها'، مشيرا إلى أن حوالي ثلثها كان مزروعا بالحبوب والباقي يستخدم لرعي الأغنام والماشية. وأضاف أن 7 آلاف دونم (700 هكتار) أخرى من الأراضي المملوكة للمجتمع المحلي، والمزروعة بالزيتون والتفاح والكرز، تم تسييجها بالأسلاك الشائكة أو ضمها إلى مناطق عسكرية. وأشار إلى أن الأثر الاقتصادي كان شديدا: 'فقد المزارعون تقريبا نصف دخلهم عندما فُصلوا عن أراضيهم'، قال: 'لم يتم تعويض أو معالجة أي من هذا الدمار'.
قال أحد سكان القرية: 'شهدت قريتي جباتا الخشب والمناطق المجاورة لها عمليات تجريف واسعة للأراضي الزراعية [من قبل القوات الإسرائيلية]، شملت بساتين مليئة بالأشجار المثمرة مثل التفاح والكرز والمشمش والزيتون، وكان عمر الكثير منها أكثر من 30 عاما'. في مايو/أيار، جرفت القوات الإسرائيلية أرضه الزراعية، إلى جانب أشجار زيتون عمرها أكثر من 25 عاما، واستولت على هكتار واحد من أرضه.
في اجتماعات مع ممثلين عن المجتمع، قال زعيم المجتمع المحلي إن الضباط الإسرائيليين استشهدوا بغياب سلطة الدولة السورية والتهديدات بالتسلل كمبرر لاحتلال المناطق المدنية وتفتيش المنازل بحثا عن أسلحة في القرى القريبة من خط الفصل. قالوا إن المسؤولين الإسرائيليين استشهدوا أيضا بالتطورات في غزة لتبرير هذه الأعمال، حتى مع أن هيومن رايتس ووتش وجدت أن سلوك إسرائيل هناك يرقى إلى الإبادة وأفعال الإبادة الجماعية، وهي جرائم ضد الإنسانية.
لم يُبلغ أي من السكان الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش عن تلقي أي تعويض أو جبر، أو إخطار مسبق أو ترتيبات لإقامة آمنة.
تدمير المنازل والأراضي الزراعية والقيود على الوصول إلى الأراضي والمياه ينتهك حقوق الأشخاص المحميين ويمكن أن يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي غير القانوني والحرمان من سبل العيش، ما يؤكد عدم وفاء إسرائيل بالتزاماتها تجاه السكان المدنيين تحت الاحتلال.
قال شهود عيان إن القوات الإسرائيلية اعتقلت تعسفا سوريين عدة في جنوب سوريا، ونقلت بعضهم إلى إسرائيل حيث يُحتجزون دون تهمة.
في 12 يونيو/حزيران، حوالي الساعة 2:30 صباحا، داهمت القوات الإسرائيلية قرية بيت جن في ريف دمشق، على بعد 3 كيلومتر غرب خط الفصل. قال اثنان من سكان القرية وأقارب المحتجزين، الذين قدموا أسماء المحتجزين وأعمارهم، إن القوات اعتقلت سبعة رجال وقتلت رجلا لديه إعاقة ذهنية. والمحتجزون السبعة هم: أحمد حسين الصفدي (مواليد 1991)، ومحمد حسين الصفدي (مواليد 1986)، وحسام محمد الصفدي (مواليد 1994)، وعامر محمد البدوي (مواليد 1984)، ومحمد بديع حمادة (مواليد 1992)، وعلي قاسم حمادة (مواليد 1982)، ومأمون محمد السعدي (مواليد 1983).
قال شقيق أحد المحتجزين إنه تلقى مكالمة هاتفية من زوجة شقيقه حوالي الساعة 2:45 صباحا، تخبره أن القوات الإسرائيلية داهمت المنزل واعتقلت شقيقه، عامر البدوي (41 عاما)، وهو أب لأربعة أطفال. وقال القريب إنه توجه على الفور إلى منزل شقيقه القريب، لكن القوات الإسرائيلية منعته من الدخول، ووجهت أسلحتها نحوه، وأجبرته على الانبطاح على الأرض، وصادرت هاتفه. وعندما وصل ابنه بعد ذلك بوقت قصير، عاملته القوات الإسرائيلية بالمثل.
قال القريب: 'كانت العملية برمتها مفاجئة ومروعة، خاصة بالنسبة للأطفال والنساء'، مضيفا أن القوات الإسرائيلية أطلقت كلاب الشرطة على النساء واستخدمت قنابل صوتية وذخيرة حية، ما تسبب في حالة من الذعر على نطاق واسع. عندما 'رأى الرجل الذي لديه إعاقة ذهنية الجنود، صرخ: ’الله أكبر، جاء اللصوص!‘، فأطلقوا عليه ست رصاصات وقتلوه على الفور'.
أكد هذه الأحداث أحد السكان الآخرين، وهو قريب لثلاثة رجال اعتقلوا في تلك الليلة. قال إن القوات الإسرائيلية التي اقتحمت القرية ضمت أكثر من 100 جندي، مدعومين بمدرّعات وآليات عسكرية وكلاب بوليسية، وإن ثلاثة من الرجال المعتقلين هم أبناء عمومته.
ادعى الجيش الإسرائيلي أن الرجال المعتقلين ينتمون إلى 'حركة حماس' المسلحة الفلسطينية وأن عمليته الليلية، 'التي استندت إلى معلومات استخبارية جمعت في الأسابيع الأخيرة'، أدت إلى اعتقال ' إرهابيين عدة من حماس' كانوا يخططون لـ'مؤامرات إرهابية عدة' ضد مدنيين إسرائيليين وقوات إسرائيلية في سوريا. وقال إنه نقل المعتقلين إلى إسرائيل لمزيد من الاستجواب. وردا على سؤال عما إذا كان هناك قتلى في المداهمة، أخبر الجيش الإسرائيلي 'رويترز' بوقوع إطلاق نار و'تم تحديد إصابة' عندما حاول أحد المشتبه بهم الفرار؛ وفي رسالة لاحقة إلى هيومن رايتس ووتش، قال إن المشتبه به اقترب من القوات بطريقة هددت سلامتهم وأطلِق عليه النار فقتل.
في حديثه لـ رويترز، نفى متحدث باسم وزارة الداخلية السورية الادعاء بأن المعتقلين أعضاءٌ في حماس، قائلا إنهم مدنيون من المنطقة.
وقال شقيق أحد الرجال: 'حتى الآن، لا نعرف مكان أخي أو التهم الموجهة إليه'، مؤكدا أن الرجال ليس لهم أي صلات سياسية. وأضاف: 'لا أحد يعرف مكان احتجازهم، ولا توجد حتى الآن أي طريقة للاتصال بهم داخل الأراضي الإسرائيلية'. وقال إن الرجال هم 'مزارعون ورعاة، ومعظمهم أميون'.
قال محمد فياض، وهو ناشط ومحامٍ سوري من القنيطرة، إن القوات الإسرائيلية اعتقلت أكثر من 20 شخصا منذ ديسمبر/كانون الأول. وقد أُفرج عن معظمهم منذ ذلك الحين. قال إنه اعتُقل لفترة وجيزة في 7 يناير/كانون الثاني في قرية الحميدية بينما كان هو والصحفي الفرنسي سيلفان ميركادييه يغطيان التوغل الإسرائيلي، وهما يرتديان سترة الصحافة.
قال: 'نُقلنا إلى مبنى المحافظة في القنيطرة'، حيث أقامت القوات الإسرائيلية وجودا لها. 'عُصبت عيناي، وتم تفتيش أجهزتنا وتدميرها'. قال إنهم اتُهموا زورا بارتباطهم بـ'حزب الله'. بعد 14 ساعة، أُطلق سراحهما دون توجيه تهم إليهما.
قال أحد سكان جباتا الخشب إن القوات الإسرائيلية اعتقلت ابنه البالغ من العمر 17 عاما في 25 أبريل/نيسان 2024، بينما كان يعمل في أرض عائلته الزراعية داخل المنطقة العازلة التي تراقبها الأمم المتحدة. كان الصبي يحمل بطاقة تصريح صادرة عن الأمم المتحدة، تمنح المزارعين والرعاة حق الوصول إلى الأراضي القريبة من خط التماس. نقلته القوات الإسرائيلية إلى قسم الأحداث في سجن عوفر في الضفة الغربية المحتلة، حيث اعتُقل إداريا، دون تهمة وبمعزل عن العالم الخارجي.
قال والده إن الأسرة لم تتواصل معه مباشرة منذ اعتقاله. وأضاف أن 'اللجنة الدولية للصليب الأحمر' هي المنظمة الوحيدة التي زارته منذ اعتقاله، لتأكيد مكانه وأن صحته مستقرة.
بموجب 'اتفاقية حقوق الطفل'، يجب أن يكون احتجاز الطفل الملاذُ الأخير ولأقصر فترة مناسبة، ويجب أن يحصل كل طفل محتجز على مساعدة قانونية فورية واتصال منتظم بأسرته، إلا في الظروف الاستثنائية. (HRW)