اخبار سوريا
موقع كل يوم -سناك سوري
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
في وقت تتحدث فيه وزارة الداخلية عن مكافحة الجريمة بكل أشكالها، وتؤكد التزامها بمبدأ العدالة وتطبيق القانون على الجميع، يظهر في بياناتها الرسمية تناقض لافت في طريقة التعامل الإعلامي مع مرتكبي الجرائم، ففي جريمتين مختلفتين صدرت بحقهما بيانات رسمية أمس الثلاثاء، يظهر أن الجريمة نفسها لا تُقابل بنفس المعايير، لا في كشف هوية المجرم، ولا في طريقة عرض القضية على الرأي العام.
في خبرها الأول تكشف وزارة الداخلية عن إلقاء القبض على المسؤول الرئيسي عن شبكة تهريب مواد مخدّرة، نفذتها إدارة مكافحة المخدرات بالتعاون مع مديرية الأمن الداخلي بمدينة الضمير بريف دمشق.
وزارة الداخلية تكتفي بترميز اسم من وصفته بالمجرم بـ'ر . س'، وتعرض صورة له مع تمويه وجهه وهو الإجراء الأفضل لمثل هذه الحالات، تجنباً لوصمة العار التي قد تطال عائلة المجرم والتي لا علاقة لها بأفعاله وخياراته.
رغم خطورة الجريمتين، إلا أن طريقة عرض المتهمين إعلامياً أظهرت تبايناً في المعايير، بين من حُجبت هويته وصورته، وآخرين نُشرت أسماؤهم الكاملة وصورهم دون تمويه.
في خبرها الثاني أمس، تنسف وزارة الداخلية كل تلك المعايير، وتعرض صورة 4 أشخاص بدون أي تمويه قالت إنهم المجرمين الذين حاولوا اختطاف صائغ في مدينة اللاذقية، ولا تكتفِ بذلك بل تذكر اسم من قالت إنه رئيس العصابة علانية وتذكر كذلك اسم القرية التي ينحدر منها.
تقول الداخلية إن المجرمين الأربعة حاولوا اختطاف الصائغ 'جورج عبد الله زكور' في المدينة، وقد تمكنت من إحباط عملية الاختطاف وإلقاء القبض على الفاعلين «عبر نصب كمين محكم، ولا تزال التحقيقات جارية لكشف ملابسات الجريمة ودوافعها ومن يقف خلفها».
وبينما تبدو الجريمتان خطيرتين وتستحقان المتابعة والمساءلة، إلا أن طريقة التعامل الإعلامي مع كل منهما تكشف عن ازدواجية واضحة في المعايير، سواء في نشر الهوية أو في تصوير المشتبه بهم، إذ يتمتع المتهم في قضية المخدرات بقدر من الحماية الإعلامية، عبر حجب اسمه الكامل وتمويه صورته، بينما يُعرَض المتّهمون بمحاولة الخطف بوجوههم الكاملة، ويذكر اسم أحدهم ومنطقته، دون مراعاة لتبعات ذلك على ذويهم أو على البيئة الاجتماعية التي ينتمون إليها.
مثل هذا التباين في سرد الجريمة يثير تساؤلات مشروعة، هل تختلف معايير التعامل مع الجرائم وفقاً للمكان الذي حدثت فيه الجريمة؟ وهل هناك انتقائية في فضح هوية المجرم أو حمايتها بناء على خلفيات اجتماعية أو سياسية؟
في سوريا التي تعاني من هشاشة الثقة بين المواطنين والمؤسسات الأمنية، تصبح العدالة في تقديم المعلومة بقدر أهمية العدالة في تطبيق القانون، وأي تمييز أو انتقائية في معاملة المتهمين إعلامياً يهدد مصداقية الجهاز الأمني، ويفتح الباب أمام التأويلات والانقسامات التي تعمق الشرخ المجتمعي.