اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة سبق الإلكترونية
نشر بتاريخ: ١٨ أذار ٢٠٢٥
في دراسة حديثة مشتركة بين جامعات ومعاهد أمريكية وبريطانية، أفاد باحثون بأن الشعب الهوائية البشرية السليمة أكثر عُرضةً للجفاف والالتهاب عند تعرُّضها للهواء الجاف، وهي حالة من المتوقع أن تزداد بسبب الاحتباس الحراري، حيث يرتبط التهاب الشعب الهوائية البشرية بحالاتٍ مثل الربو والتهاب الأنف التحسّسي والسعال المزمن.الحرارة والجفاف ونقص ضغط البخار
وحسب تقرير على موقع 'ميديكال إكسبريس' العلمي، يقول الباحثون إنه مع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، وثبات الرطوبة النسبية في الغالب، تزداد خاصية في الغلاف الجوي تُسمى 'نقص ضغط البخار بمعدل سريع - vapor pressure deficit (VPD)'، نقص ضغط البخار هو مقياسٌ لمدى 'عطش أو حاجة' الهواء إلى الماء.
وكلما نقص ضغط البخار، زاد معدل تبخر الماء، مما يؤدي إلى جفاف النظم البيئية الكوكبية (الأجواء من حولنا).جفاف المجاري الهوائية العُليا للإنسان
بناءً على التنبؤات والتجارب الرياضية، يوضح الباحثون الآن أن الزيادة في ظاهرة نقص ضغط البخار VPD'، يمكن أن تُجفف المجاري الهوائية العُليا للإنسان؛ كالفم والأنف وأعلى القصبة الهوائية، وتُحفز الاستجابة الالتهابية والمناعية للجسم.
وفي تقريرٍ عن نتائج الدراسة نُشر أمس الإثنين 17 مارس، في مجلة 'Communications Earth & Environment' المتخصّصة في أبحاث البيئة، يذكر الباحثون أن هذا الجفاف والالتهاب يمكن أن يتفاقما بسبب التنفس الفموي (الذي تتزايد معدلاته أيضاً) وزيادة تعرُّض الهواء الداخلي 'المُكيّف والمُدفأ' للعوامل الجوية بالخارج.
يقول المؤلف الرئيس ديفيد إدواردز؛ أستاذ الطب المساعد في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية: 'جفاف الهواء لا يقل ضرره عن تلوّث وقلة جودة الهواء، وتصبح الحاجة إلى ترطيب مجاري الهواء بنفس أهمية الحفاظ على نظافتها وتجنُّب التلوّث'.
ويضيف 'إدواردز': 'تشير نتائج دراستنا إلى أن جميع الأغشية المخاطية المعرّضة للهواء، بما في ذلك الغشاء المخاطي للعين، معرّضة للخطر في الأجواء الجافة'.الجفاف.. من النبات إلى الإنسان
قام 'إدواردز' وفريقه أولاً بدراسة ما إذا كانت عملية النتح، وهي عملية فقدان الماء التي تحدث في النباتات، تحدث في مخاط المجاري الهوائية العليا المعرّضة لبيئات الهواء الجاف. وثبت أن ارتفاع معدلات النتح يسبب ضغطاً ضاراً على الخلايا داخل أوراق النباتات، مما يهدّد بقاء النبات حياً. كما سعى الفريق إلى معرفة ما إذا كان هذا الضغط يحدث في خلايا المجاري الهوائية العليا.
وفي الخطوة التالية، قام الباحثون بتعريض مزارع من الخلايا البشرية التي تبطن المجاري الهوائية العليا، والمعروفة باسم ظاهرة الشعب الهوائية البشرية، للهواء الجاف.
وبعد التعرُّض، تمّ تقييم الخلايا من حيث سماكة المخاط والاستجابات الالتهابية، أظهرت الخلايا التي تعرَّضت لفترات من الهواء الجاف 'مع نقص ضغط البخار بمعدل سريع VPD' مخاطاً أرق وتركيزات عالية من السيتوكينات، أو البروتينات التي تشير إلى التهاب الخلايا.
وتتفق هذه النتائج مع التوقعات النظرية بأن ترقق المخاط يحدث في بيئات الهواء الجاف، ويمكن أن ينتج ضغطاً خلوياً كافياً لإحداث الالتهاب.
وأكَّدَ الفريق أيضاً أن نتح (خروج الماء) المخاط الالتهابي يحدث في أثناء التنفس الطبيعي المريح (ويُسمى أيضاً التنفس المدّي).الهواء الجاف يزيد أمراض الرئة
وفي نموذج حيواني. قام الباحثون بتعريض فئران سليمة وفئران تعاني جفافاً مسبقاً في مجرى الهواء -وهو أمرٌ شائعٌ في أمراض الجهاز التنفسي المزمنة- لهواءٍ جافٍ متقطع لمدة أسبوع. أظهرت الفئران التي تعاني هذا الجفاف المسبق خلايا مناعية في رئاتها، مما يشير إلى معاناتها من التهاباتٍ بنسب عالية، بينما لم تظهر أيّ استجابة التهابية لدى جميع الفئران التي تعرّضت للهواء الرطب فقط.
وحسب الدراسة، يتوقع الباحثون أن سكان معظم مناطق الولايات المتحدة الأمريكية سيكونون معرّضين لخطر متزايد للإصابة بالتهاب مجرى الهواء بحلول النصف الثاني من القرن بسبب ارتفاع درجات الحرارة وجفاف الهواء.جفاف الغشاء المخاطي البشري يهدّد صحة الإنسان
وخَلُصَ الباحثون إلى أن لهذه النتائج آثاراً على آليات فسيولوجية أخرى في الجسم، وهي جفاف العين وحركة الماء في بطانات المخاط في العين.
يقول الدكتور جاستن هانز، الباحث المشارك في الدراسة وأستاذ طب العيون في معهد ويلمر للعيون بجامعة جونز هوبكنز الطبية: 'هذه الدراسة نقلة نوعية في مجال الطب، إذ يُمثل جفاف الغشاء المخاطي البشري حالياً تهديداً خطيراً لصحة الإنسان، وسيزداد هذا التهديد مع استمرار الاحتباس الحراري'. ويضيف: 'دون حل، سيصبح الغشاء المخاطي البشري أكثر جفافاً على مر السنين، مما يؤدي إلى زيادة الالتهاب المزمن والاضطرابات المرتبطة به'.
ويقول إدواردز: 'إن فهم الطريقة التي يحدث بها جفاف مجاري الهواء لدينا عند التعرُّض للهواء الجاف يُمكن أن يُساعدنا على تجنب التأثير الالتهابي للجفاف، عبر تغييرات سلوكية فعّالة، وتدخلات وقائية أو علاجية'.