اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
الرياض- 'الرياض'
من قلب الرياض، حيث انعقدت النسخة الأولى من منتدى TOURISE، بدت صناعة السياحة العالمية وكأنها تدخل حقبة جديدة تقودها السعودية بثقة وإيقاع متسارع. الإعلان عن تحفيز استثمارات تتجاوز 113 مليار دولار لم يكن حدثاً عادياً، بل كان دليلاً على حجم الثقة العالمية في المملكة وعلى قدرتها على تحويل المنتدى من منصة نقاش إلى محرك فعلي لإعادة تشكيل مستقبل السياحة.
هذا الزخم كشف بوضوح عن لحظة تحول، فصناعة السياحة لم تعد تعتمد فقط على الشواطئ والفنادق والفعاليات، بل أصبحت صناعة تقوم على المعرفة، والابتكار، والتجربة الذكية. وفي الرياض ظهر ذلك بجلاء، حيث أظهرت السعودية قدرتها على تحريك استثمارات نوعية تشمل التطوير العمراني، والبنية التحتية المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والخدمات الفندقية الراقية. هذا المزج بين التكنولوجيا والضيافة يعكس كيف باتت المملكة منصة عالمية لتوليد حلول جديدة ستصبح معياراً للتجربة السياحية المعاصرة.
ومع اتساع شهية المستثمرين الدوليين، بدا واضحاً أن السعودية لا تستقطب رؤوس الأموال فقط، بل تعيد ترتيب الطاولة بما يضمن صناعة أكثر تنوعاً واستدامة. فالمشهد الذي ظهر في الرياض يشير إلى أن السنوات المقبلة قد تشهد إعادة توزيع للخارطة السياحية العالمية، حيث تتقدم المملكة لتلعب دوراً أكبر في صياغة المعايير الدولية، وتوجيه التدفقات الاستثمارية، وتحفيز الابتكار. كل ذلك يجعل السعودية محوراً يدور حوله الحديث العالمي عن مستقبل السفر، لا مجرد بلد يستقبل أعداداً متزايدة من السياح.
إن التحوّل الأهم الذي رسخته قمة TOURISE يتمثل في قدرة السعودية على ملاءمة رؤيتها الوطنية مع حركة السياحة الدولية. فالطموح لا ينعكس فقط في أرقام الاستثمار، بل في الأسلوب الذي تتعامل به المملكة مع السياحة كقطاع اقتصادي استراتيجي، له وزنه في النمو، وله دوره في خلق فرص جديدة وإطلاق صناعات موازية. ومن خلال هذا المنتدى، بدت الرياض وكأنها تعرض للعالم نموذجاً لوجهة تتقدم بثقة، تجمع بين التراث والمشهد الحضري المتطور، وتجعل من السياحة منصة للابتكار والتأثير الدولي.
وفي النهاية، يمكن القول إن السعودية باتت في موقع يمكنها من قيادة الحوار العالمي حول مستقبل السياحة، مستفيدة من قدراتها الاستثمارية، وتنوعها الطبيعي، ورؤيتها التي تضع التجربة الإنسانية في قلب التحول السياحي. وما حدث في الرياض لم يكن مجرد تجمع دولي، بل إعلان غير مباشر عن مرحلة جديدة تتصدر فيها المملكة مشهد السياحة العالمية، وتعيد صياغة القواعد التي ستحكم هذه الصناعة في العقود الخمسة القادمة.










































