اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٧ تموز ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي:
التكامل الصناعي بين عُمان والسعودية يمثّل ركيزة استراتيجية لتعزيز التنمية الصناعية في البلدين، مدفوعاً بالمصالح المتبادلة وتكامل الموارد.
برنامج التكامل بين البلدين يفتح آفاقاً نوعية جديدة، خاصة بعد النمو المتسارع للصناعة العُمانية خلال العقدين الماضيين.
الصناعة العُمانية تحظى اليوم بإشادة واسعة لما تتميز به من تنوّع وجودة، وما تلقاه من دعم رسمي متواصل.
يمثل إطلاق سلطنة عُمان والسعودية المرحلة الثانية من مبادرات التكامل الصناعي تحولاً استراتيجياً في العلاقات الاقتصادية الخليجية، وفتح المجال بشكل أوسع أمام المنتج العُماني للوصول إلى واحدة من أضخم الأسواق الاستهلاكية والصناعية في المنطقة.
السبت (5 يوليو 2025) أطلقت عُمان والسعودية المرحلة الثانية من مبادرات التكامل الصناعي، ضمن أعمال لجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة بمجلس التنسيق العُماني السعودي، وذلك في العاصمة الرياض.
هذه المرحلة تتضمن حزمة مبادرات نوعية؛ أبرزها:
الاجتماعات شهدت أيضاً بحث خطط التمويل للمشاريع الصناعية بين الجانبين، والتعاون في تنمية المناطق الصناعية، إضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم مع الهيئة العامة للمنافسة السعودية لتعزيز حماية المنافسة ومنع الاحتكار.
وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُماني، قيس اليوسف، أكد أن هذه الخطوة تعكس إرادة القيادتين في البلدين لدعم الشراكة الصناعية والاستثمارية وتحفيز القطاع الخاص، بما يعزز القيمة المضافة ويطوّر قطاعات الإنتاج والتصدير.
شهدت الاجتماعات أيضاً توقيع مذكرة تفاهم في مجال حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الضارة.
الجانبان بحثا كذلك فرص التكامل في الطاقة المتجددة والصناعات البتروكيماوية، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين، مع التأكيد على استمرار التعاون لتحقيق التنمية الإقليمية المستدامة التي تخدم مصالح شعبي البلدين.
نظراً إلى مكانة السوق السعودية وتصدرها أسواق المنطقة، هناك توجه مستمر ومتصاعد من قبل العديد من الدول لاقتحام أسواق المملكة، وهذا ما تسعى إليه السلطنة أيضاً. وبالنظر إلى مؤشرات محددة يتضح أن السوق السعودي يملك قوة تؤهله لاستقطاب مختلف أنواع الاستثمارات.
حسب مسح بنك الرياض حول مؤشر مديري المشتريات (PMI) الصادر في يوليو 2025، ارتفع المؤشر في السعودية إلى 57.2، وهو أعلى مستوى في 3 أشهر، ما يعكس انتعاشاً في الطلب المحلي وزيادة التوظيف.
فيما أكد تقرير لـ'رويترز' أن ارتفاع PMI انعكس إيجابياً على ثقة الأعمال والأنشطة الاستثمارية غير النفطية.
في هذا السياق، لا يمكن إغفال بورصة 'تداول' السعودية، وأهميتها في جذب الاستثمارات، لا سيما أنها تحتل مكانة بارزة عالمياً بصفتها واحدة من بين أعلى 10 أسواق عالمية من ناحية القيمة السوقية.
في سياق متصل، الناتج المحلي الإجمالي للمملكة البالغ 1.1 ترليون دولار، يمثل أهمية كبيرة في جذب الاستثمارات في مختلف القطاعات.
يُضاف إلى ذلك الهيكلية المالية القوية التي تتمتع بها السعودية، ووجود بيئة مثالية للاستثمارات الدولية، مع حوافز ضريبية وتمويلية مغرية
بدوره، فإن المنتج العُماني لم يعد هامشياً في بيئته الخليجية. وحسب البيانات الرسمية العُمانية، يفوق عدد المؤسسات الصناعية المسجلة في السلطنة 2400.
هذه المنشآت تنشط في قطاعات حيوية، وتساهم بشكل فاعل في الناتج المحلي للسلطنة بما يصل إلى 10.4%، فيما تبلغ الصادرات العُمانية إلى دول الخليج 18%.
صادرات الصناعات العُمانية تواصل النمو، وتفيد البيانات الرسمية بأن خلال الربع الأول من 2025 بلغت الصادرات بنسبة 8.6%، بقيمة بلغت 1.618 مليار ريال عُماني، منها 259 مليون ريال قُدرت بـ28.3% صادرات صناعية إلى السوق السعودي.
هذا الزخم يجعل من المنتجات العُمانية مؤهلة للعب دور أكبر، خاصة في ظل تشابك شبكات التوريد الخليجية وازدياد الطلب السعودي على مكونات صناعية ذات موثوقية إقليمية.
الخطوة العُمانية السعودية تأتي في إطار سعي دول الخليج لإعادة تشكيل اقتصاداتها بعيداً عن النفط، وتكثيف الاعتماد على التكامل الإقليمي في الصناعة والطاقة.
وتُعد السوق السعودية بطبيعتها محركاً إقليمياً قوياً، حيث تتوفر بنية تحتية صناعية ضخمة، ونظام تمويلي قوي، وشهية مفتوحة للاستيراد من دول الجوار إذا ما تحققت شروط المطابقة والجودة.
ولهذا، فإن منح المنتج العُماني هذه المساحة التنظيمية الجديدة داخل المملكة، يعني فتح آفاق لشراكات صناعية جديدة، ومشاريع تصنيعية مشتركة، وحتى استثمارات متبادلة في المناطق الصناعية الخاصة، التي نوقشت ضمن نفس الاجتماعات.
في ظل هذا التحول، تبدو الفرصة سانحة لأن تصبح المنتجات العُمانية أحد أعمدة التوريد الخليجي، لا سيما مع ازدياد الاهتمام العالمي ببدائل سلاسل الإمداد، وبدء تشكل تحالفات إقليمية لتقليل الاعتماد على الخارج.
الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي، الذي تحدث لـ'الخليج أونلاين'، يقول إن التكامل الصناعي بين سلطنة عُمان والسعودية يمثل ركيزة استراتيجية لتعزيز التنمية الصناعية في البلدين، مدفوعاً بالمصالح المتبادلة وتكامل الموارد.
ويشير إلى أن المرحلة الثانية من برنامج التكامل بين البلدين تأتي لتفتح آفاقاً نوعية جديدة، خاصة بعد النمو المتسارع للصناعة العُمانية خلال العقدين الماضيين، مبيناً أن الصناعة العُمانية تحظى اليوم بإشادة واسعة لما تتميز به من تنوع وجودة، وما تلقاه من دعم رسمي متواصل.
وحول أهمية دخول الصناعات العُمانية إلى السعودية، يقول العبسي:
السوق السعودي، الأكبر خليجياً (35+ مليون نسمة، وقوة شرائية ضخمة)، يشكّل نافذة واعدة للصادرات العُمانية، مدعومة بالقرب الجغرافي وكفاءة النقل.
توحيد المعايير وتبسيط الإجراءات الجمركية يخفض التكاليف، ويزيد من سرعة النفاذ، ما يمنح المنتجات العُمانية موقعاً تنافسياً أفضل في السوق السعودي.
التكامل الصناعي يمهّد لإطلاق مشاريع واعدة في البتروكيماويات، والمعادن، ومواد البناء والصناعات التحويلية، مع فرص تمويل وخبرة سعودية متاحة.
التعاون يفتح المجال أمام الصناعة العُمانية للاستفادة من تقنيات الأتمتة، والتحول الرقمي، والطاقة النظيفة، مما يعزّز جودة الإنتاج والتحديث الصناعي.
التجربة تكرّس مفهوم الشراكة لا التنافس، وتبني على تبادل الموارد وتكامل الأدوار لتحقيق سيادة اقتصادية جماعية ونمو صناعي مستدام.
نجاح النموذج يفتح الباب لتعميمه على دول أخرى، ما يمنح المنتج العُماني فرص نمو أوسع، ويعزز جاذبيته في أسواق المنطقة.