اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢ تموز ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
كيف يدعم الابتكار الجديد كفاءة الطاقة الشمسية؟
يرفع الإنتاج 12.9% ويقلل التكاليف.
ما حجم سوق الألواح الشمسية المتوقع في السعودية؟
نحو 929 مليون دولار بحلول 2030.
وسط سباق عالمي لتطوير مصادر الطاقة المتجددة، تواصل العقول السعودية تقديم حلول مبتكرة تعزز كفاءة الخلايا الشمسية وتطيل عمرها التشغيلي بتكلفة منخفضة، أعلنت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية 'كاوست' ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية 'كاكست' عن اختراع جديد قد يمثل خطوة فارقة في مشهد الطاقة الشمسية.
هذا الابتكار لا يحسّن إنتاج الكهرباء من الألواح الشمسية فحسب، بل يفتح الباب أمام تقنيات تبريد ذكية تقلل التكاليف وتعزز الموثوقية، في وقت تواصل فيه المملكة العمل لتحقيق أهدافها نحو الحياد الصفري للانبعاثات بحلول 2060.
ابتكارات وحلول
تسعى السعودية إلى تجاوز التحديات التي تحدّ من كفاءة الخلايا الشمسية عبر حلول علمية مبتكرة، كان أحدثها تطوير مادة مركبة جديدة من فريق بحثي مشترك بإشراف خبراء من (كاوست) و(كاكست).
ويشير تقرير نشرته صحيفة 'سبق' السعودية (26 يونيو 2025)، إلى أن المشكلة في أن الألواح الشمسية التجارية تحوّل فقط نحو 20% من ضوء الشمس إلى كهرباء، في حين يتحوّل الجزء الأكبر إلى حرارة تقلّل من الكفاءة وتُقصر عمر الألواح، ما يستدعي استبدالها خلال فترات قصيرة ويزيد تكاليف الصيانة.
ورغم وجود أنظمة تبريد تقليدية تعتمد على المراوح والمضخات، فإنها تستهلك طاقة إضافية، وهو ما يجعل التبريد السلبي بديلاً أكثر استدامة وكفاءة.
في هذا السياق، طوّر فريق من الباحثين بقيادة البروفيسور تشياو تشيانغ غان في مركز التميز للطاقة المتجددة وتقنيات التخزين (CREST) في كاوست، مادة مركبة يمكنها امتصاص رطوبة الهواء ليلاً وإطلاقها نهاراً لتبريد الألواح الشمسية دون الحاجة لاستهلاك الكهرباء.
وأظهرت التجارب أن استخدام هذه المادة رفع إنتاج الخلايا الشمسية بنحو 12.9%، وأطال عمرها التشغيلي، وقلّل من تكلفة توليد الكهرباء بنسبة 18%، وهو ما تم إثباته ميدانياً في بيئات المملكة الصحراوية والساحلية على مدار أسابيع تشغيلية.
وقال البروفيسور غان: 'نحن نعمل على تطوير مواد نانوية للتبريد السلبي، يمكن استخدامها في أنظمة متعددة مثل البيوت الزراعية الزجاجية والخلايا الشمسية، دون التأثير على أدائها'.
وأضاف أن التجارب شملت أيضاً مناطق باردة ورطبة في الولايات المتحدة خلال موسم الأمطار، وأثبتت النتائج فعالية المادة تحت ظروف مناخية متنوعة.
بدوره، أوضح البروفيسور ستيفان دي وولف من 'كاوست'، أن فريقه قدّم خلايا شمسية عالية الأداء لاختبار التقنية الجديدة، مؤكداً أن التعاون بين فرق التصميم وتطوير المواد ساعد في تحقيق نتائج متقدمة.
من جانبه، أكد كبير الباحثين بمعهد تقنيات أشباه الموصلات والإلكترونيات الدقيقة في 'كاكست'، البروفيسور عبد الرحمن البدري، أن هذه التقنية تسهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 للطاقة المتجددة، خاصة في أنظمة الخلايا الشمسية المركزة التي تعاني من درجات حرارة عالية جداً بسبب تركيز الضوء.
وأشار البدري إلى أن للمادة تطبيقات واعدة في أنظمة الإضاءة والبواعث الضوئية، التي تتراجع كفاءتها عادة مع ارتفاع درجات الحرارة.
كما بيّن الدكتور عبد الله المقبل، الباحث بمعهد الإلكترونيات الدقيقة وأشباه الموصلات ومدير مركز التميز في الضوئيات والإلكترونيات بـ'كاكست'، أن هذا التطوير يدعم التوجه الوطني لابتكار حلول منخفضة التكلفة لمشروعات الطاقة الشمسية، ويوفر فرصاً لتوسيع تطبيقه في تقنيات أخرى كالإضاءة والليزر.
وفي سياق متصل، تمكن المخترع السعودي عمر حامد الرشيدي (15 سنة)، من تطوير سائل نانوي مبتكر يرفع كفاءة الألواح الشمسية بنسبة تصل إلى 17.5%، مقدماً حلاً عملياً لمشكلة انخفاض أداء الخلايا الشمسية في درجات الحرارة المرتفعة.
وحصد الرشيدي في 4 يونيو 2025، ثلاث جوائز مرموقة في معرض 'آيتكس 2025': الجائزة الكبرى والمركز الأول على مستوى قارة آسيا لأفضل اختراع، إضافة إلى الميدالية الذهبية وجائزة خاصة من الجمعية العالمية للملكية الفكرية والاختراعات.
وفي إنجاز علمي آخر حصلت الدكتورة حليمة العمري من وزارة الطاقة السعودية في مارس 2025، على براءة اختراع من مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية، لتطويرها مواد بوليمرية تستخدم بديلة للألواح الزجاجية التقليدية في الخلايا الشمسية، ما يرفع كفاءة توليد الكهرباء ويعزز الاستدامة.
خيار استراتيجي
ويؤكد الباحث حارث الخروصي أن الابتكار صفة أساسية في الإنسان في كل زمان ومكان، فهو ضرورة للتكيف وتذليل سبل العيش.
ويوضح الخروصي في حديثه مع 'الخليج أونلاين'، أن الدول التي تسعى للتقدم في مختلف مجالات الحياة، تبذل قصارى جهدها في الابتكار والبحث العلمي، سواء في ابتكارات الطاقة أو غيرها.
كما يشير إلى أن 'الطفرة التقنية المذهلة التي يشهدها العالم، نتاج ابتكارات سهّلت حياة الإنسان ووفرت له مزيداً من الراحة والاستقرار'.
ويوضح أن 'منطقة الخليج والمنطقة العربية بشكل عام تتمتع بوفرة في الإشعاع الشمسي، مما يجعل الطاقة الشمسية خياراً استراتيجياً لتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة وتقليل الاعتماد على النفط'.
ويؤكد الباحث الخليجي أن 'الابتكارات في هذا المجال تحتاج بلا شك إلى مزيد من التجربة والتطوير المستمر؛ حتى تسهم بشكل فعال في تحقيق التنمية المستدامة'.
سوق مزدهر
وتواصل سوق الألواح الشمسية في السعودية توسعها بدعم من 'رؤية 2030' التي تركز على تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على النفط.
وتشير تقديرات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إلى أن قيمة السوق السعودي، التي تُقدّر بنحو 350 مليون دولار، في عام 2024، ستتجاوز 929 مليون دولار بحلول 2030، بمعدل نمو سنوي يزيد على 17%.
يعتمد هذا النمو على عدة عوامل، أبرزها الدعم الحكومي للمطورين المحليين والأجانب، وتوافر السطوع الشمسي وتكلفة الخلايا المنخفضة عالمياً، كما تستهدف المملكة رفع حصة الطاقة المتجددة إلى 50% من مزيج الكهرباء، منها 10% من الطاقة الشمسية وحدها.
وتقود هيئة تطوير مشروعات الطاقة المتجددة (REPDO) برامج الطرح التنافسي للمشروعات واسعة النطاق، مثل محطتي سكاكا وسدير، إضافة إلى مشروع الشعيبة الذي تصل سعته إلى 2.06 غيغاواط وتبلغ تكلفته نحو 2.2 مليار دولار، ومن المتوقع إنجازه بنهاية 2025.
ولا يقتصر التوسع على إنشاء المحطات، بل يمتد إلى توطين صناعة الألواح والخلايا الشمسية، ففي عام 2023، وقّعت شركة تكنولوجيات الصحراء السعودية مذكرة تفاهم مع شركة غولدي سولار الهندية ؛ لتعزيز تصنيع المعدات الأصلية وتقنيات متقدمة، ويهدف ذلك إلى تقليل الاعتماد على الواردات وبناء سلسلة قيمة صناعية متكاملة داخل المملكة.
وتخطط السعودية لإضافة 50 غيغاواط من الطاقة المتجددة حتى عام 2030، منها 40 غيغاواط من الطاقة الشمسية، وتدعم هذه التوجهات شراكات محلية ودولية واستثمارات كبيرة من شركات رائدة مثل 'أكوا باور' و'فيرست سولار'، ما يرسخ موقع المملكة باعتبارها لاعباً محورياً في التحول العالمي للطاقة.
لكن هذا النمو يواجه تحديات مثل الطبيعة المتقطعة للطاقة الشمسية وندرة المياه وتنافس استخدام الأراضي، ما يجعل تطوير البنية التحتية والتقنيات الداعمة أمراً ضرورياً لتحقيق استدامة السوق.
ورجّحتقرير بحثي صادر عن شركة أبحاث السوق (IMARC Group) في سبتمبر 2024، أن تسجل سوق الطاقة الشمسية في السعودية نمواً سنوياً مركباً نسبته 46.89% بحلول عام 2032.
