اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٢١ أيلول ٢٠٢٥
لطالما عرفنا أن نواة الأرض الغنية بالحديد هي محرك كوكبنا، فهي التي تمنحنا المجال المغناطيسي الواقي وتحرك القارات. لكن بحثًا جديدًا من جامعة ليدز البريطانية يكشف أن هذه النواة لا يمكن أن تتكون من الحديد فقط، بل تحتاج إلى مكون سري آخر لتوجد بشكلها الحالي؛ وهو الكربون.
لغز في مركز الكوكب
رغم أهميتها القصوى، لا تزال نواة الأرض تخفي الكثير من أسرارها. فنحن لا نعرف درجة حرارتها بدقة، أو مكوناتها الكاملة، أو حتى متى بدأت في التجمد.
تقليديًا، اعتمد العلماء على طريقتين لفهمها: تحليل النيازك، التي تعطي فكرة عامة عن المكونات، ودراسة الموجات الزلزالية، التي أظهرت أن كثافة النواة أقل بنحو 10% من كثافة الحديد النقي، مما يؤكد وجود عناصر أخرى أخف. لكن كلتا الطريقتين لم تقدما إجابة حاسمة.
مفارقة 'التبريد الفائق'
أحدث الاكتشافات في فيزياء المعادن قدمت مفتاح الحل عبر مفهوم يُعرف بـ'التبريد الفائق'، وهو تبريد السائل إلى درجة حرارة أقل من درجة تجمده دون أن يتحول إلى صلب.
وقد وجد الباحثون أن الحديد النقي يحتاج إلى تبريد فائق يصل إلى 1000 درجة مئوية لكي يبدأ في التجمد، وهي درجة 'مستحيلة' كانت ستؤدي إلى تجمد النواة بأكملها دفعة واحدة، وهو ما يتعارض مع ملاحظاتنا.
الكربون هو الحل
هنا يأتي دور الكربون. أظهرت الأبحاث الجديدة أنه إذا كانت نواة الأرض تحتوي على نسبة تتراوح بين 2.4% إلى 3.8% من الكربون، فإنها ستحتاج إلى درجة تبريد فائق أقل بكثير (بين 266 و 420 درجة مئوية)، وهي ظروف معقولة ومنطقية تمامًا. هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إثبات إمكانية تجمد النواة الداخلية بشكل علمي.
هذا الاكتشاف لا يحل لغز التجمد فحسب، بل يضيق بشكل كبير قائمة المكونات المحتملة للنواة، مرجحًا أنها خليط من الحديد والكربون، مع كميات أقل من الأكسجين والسيليكون. إنها خطوة فارقة تقربنا أكثر من أي وقت مضى من فهم كيف تشكل كوكبنا من الداخل إلى الخارج.