هيئة التراث تختتم الموسم الثالث من أعمال المسح والتنقيب الأثري في موقع السرّين

أنهت هيئة التراث أعمال الموسم الثالث من التنقيب الأثري في موقع السرّين بمحافظة الليث بمنطقة مكة المكرمة، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للتراث الثقافي في جمهورية الصين الشعبية، ضمن الاتفاقية الموقّعة بين الطرفين لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات والمعرفة في مجال التنقيب الأثري.

ويأتي هذا تزامنًا مع العام الثقافي السعودي الصيني 2025، الذي يشهد تنظيم فعاليات ومبادرات ثقافية مشتركة بين البلدين؛ بهدف تعزيز التبادل الثقافي والحضاري، وإبراز الروابط التاريخية التي جمعت بين الحضارتين عبر طريق الحرير، ويعكس هذا التعاون الأثري المشترك التزام السعودية والصين بدعم جهود البحث العلمي والتاريخي، وتوثيق الإرث الإنساني الذي يجمع بين شعوب الشرق.

ويهدف المشروع إلى تقديم معلومات أوسع عن الموقع ضمن سياقه التاريخي والأثري عبر دراسة المنطقة السكنية، وفهم الحياة الاجتماعية والتاريخية من خلال تحليل أنماط البناء، وتخطيط المدينة، ووظائف مكوناتها، وعلاقتها بالحواضر الأخرى، إضافةً إلى توثيق الظواهر الإنشائيّة التي شملت الكشف عن أجزاء واسعة من سور المدينة، وعدد من الأبراج والبوابات الممتدة على طوله.

وأسفرت الحفريّات عن العثور على أثريّة متنوعة اختلفت وفقًا لمادة الصنع والاستخدام، شملت أوانيَ فخاريّة وحجريّة، وأدوات زينة، ودينارًا ذهبيًا يعود إلى منتصف القرن الثاني الهجري، ومجموعةً من الخزف الصيني، إضافةً إلى شواهد قبور امتازت بالنحت البارز والغائر بأنماط زخرفية متعدّدة.

وأدّت أعمال المسح الأثري إلى تحديد عدد كبير من الظواهر المعمارية، شملت عناصر إنشائية لأساسات الجدران وشواهد القبور، ما يعكس أهمية الموقع بوصفه محطةً رئيسةً على طريق الحرير البحري، إذ كان ميناؤه جزءًا من مدينة شهدت نشاطًا اقتصاديًا حتى نهاية القرن الثالث الهجري، ولم تبرز كميناء تجاريّ إلا في بداية القرن الرابع الهجري، إذ بلغت ذروة ازدهارها في القرنين الخامس والسادس الهجريّين، كما تُعدّ من أكبر المواقع الأثريّة على ساحل البحر الأحمر حتى اليوم.

وأكدت هيئة التراث مواصلة جهودها للكشف عن الآثار والحفاظ عليها وتعزيز مكانتها عبر تنفيذ المشاريع الأثرية والبحثيّة على مستوى مناطق المملكة، وتوسيع نطاق التعاون مع الشركاء المحليّين والدوليّين، تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 في تعزيز الثقافة والهوية الوطنيّة، وضمان استدامة التراث الثقافي للأجيال القادمة.