اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٥ أيلول ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
ما أبرز ملامح الحضور الياباني في السوق السعودية اليوم؟
أكثر من 118 شركة باستثمارات تفوق 6.3 مليارات دولار.
كيف انعكس الحوار الاستراتيجي على الشراكة بين البلدين؟
أفضى إلى مجلس شراكة استراتيجية واتفاقيات متعددة.
تواصل اليابان تكثيف حضورها الاقتصادي في السعودية عبر استثمارات ضخمة وشراكات استراتيجية تغطي مختلف القطاعات.
يأتي ذلك في وقت تسعى فيه المملكة لتعزيز موقعها كمركز عالمي للأعمال والطاقة والتقنيات الحديثة.
كما يعكس الحراك المتنامي بين الجانبين عمق العلاقات الاقتصادية الممتدة منذ عقود، والدور الذي باتت تلعبه الشركات اليابانية في دعم مستهدفات رؤية السعودية 2030.
استثمارات يابانية
وتشكل الاستثمارات اليابانية في السعودية محوراً رئيسياً للعلاقات بين البلدين، إذ كشف القنصل العام لليابان في جدة، دايسوكي ياماموتو، أن 118 شركة يابانية تضخ رؤوس أموال في المملكة تصل إلى 23.6 مليار ريال (6.3 مليارات دولار)، فيما اختارت 18 شركة منها السعودية مقراً إقليمياً لعملياتها.
وأوضح ياماموتو في تصريحات صحفية (7 سبتمبر) أن هذه الشركات توزعت جغرافياً بين 82 شركة في الرياض و36 شركة في جدة، مؤكداً أن نطاق أنشطتها يغطي طيفاً واسعاً من القطاعات الحيوية مثل البتروكيماويات والطاقة والكهرباء والمياه والسيارات والإلكترونيات وإنتاج التيتانيوم.
كما أشار القنصل الياباني إلى وجود رغبة متزايدة من شركات جديدة لدخول السوق السعودية، التي وصفها بأنها واحدة من أكبر الاقتصادات ضمن مجموعة العشرين، موضحاً أن الحكومة اليابانية تدعم هذه التوجهات عبر مؤسسات متخصصة مثل مكتب 'جيترو' في الرياض، ومركز التعاون الياباني للشرق الأوسط في جدة، إضافة إلى القنصلية والسفارة اليابانية في المملكة.
وبلغة الأرقام، لفت ياماموتو إلى أن التبادل التجاري بين السعودية واليابان نما بنسبة 37.2% خلال خمس سنوات منذ 2020، ليصل إلى أكثر من 36 مليار دولار حالياً، حيث استحوذت الصادرات السعودية بقيمة 29.9 مليار دولار على النصيب الأكبر، أغلبها من المواد النفطية والبتروكيماويات، وفق بيانات هيئة التجارة الخارجية اليابانية 'جيترو'.
في المقابل، بلغت الواردات اليابانية إلى المملكة نحو 6 مليارات دولار، شملت السيارات والأجهزة والمعدات والماكينات.
كما شدّد على أن بلاده تعمل على توسيع نطاق التبادل التجاري مع السعودية، خصوصاً في المنطقة الغربية، وذلك عبر الرؤية السعودية اليابانية 2030، التي تضم أكثر من 80 مشروعاً في 9 قطاعات مختلفة، بما يعكس الطموحات المشتركة لتطوير الشراكة نحو آفاق أوسع.
ويأتي ذلك متزامناً مع الحوار الاستراتيجي الذي أطلقه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الياباني إيوايا تاكيشي، خلال اجتماعهما الثاني في فبراير الماضي، إضافة إلى مذكرة التفاهم التي أقرها مجلس الوزراء السعودي في مايو الماضي لإنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية، بما يمنح التعاون بين الجانبين إطاراً مؤسسياً طويل الأمد.
شراكة متنوعة
وتظهر الأرقام أن اليابان أصبحت ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 41.1 مليار دولار في 2023، منها 34.7 مليار دولار صادرات سعودية، مقابل 6.3 مليارات دولار واردات يابانية، ما نتج عنه فائض تجاري قدره 28.4 مليار دولار لصالح المملكة.
وتؤكد الأكاديمية والباحثة في الاقتصاد الدولي، ماردين محسوم فرج، أن الاستثمارات اليابانية في السعودية تزايدت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وذلك ضمن تحول استراتيجي يهدف إلى إعادة توجيه رؤوس الأموال اليابانية بعيداً عن الصين نحو أسواق أكثر استقراراً وحوافز مثل السعودية.
وتوضح لـ'الخليج أونلاين':
- هذا التوجه ليس مجرد 'عودة إلى النفط'، بل هو اصطفاف استراتيجي مع الاقتصاد السعودي الذي يقود التحول في الطاقة النظيفة وسلاسل الإمداد.
- القطاعات الأكثر جاذبية لليابانيين مستقبلاً تتجاوز الطاقة التقليدية لتشمل الوقود النظيف، مثل الهيدروجين والأمونيا، بالإضافة إلى الطاقة المتجددة والشبكات الكهربائية.
- اليابان تستهدف أيضاً قطاعات البتروكيماويات المتقدمة، والمعادن الحرجة، وصناعة المركبات الخفيفة، بالإضافة إلى الرقمنة والبنية السحابية.
- مجلس الشراكة الاستراتيجية يسهم في تحويل العلاقات بين البلدين من مستوى اقتصادي إلى شراكة سياسية وأمنية أوسع.
- هذا التعاون يركز على قضايا مثل أمن الطاقة والملاحة، ومرونة سلاسل الإمداد، والدبلوماسية الإقليمية، مع التأكيد على أن الشراكة الدفاعية ستكون انتقائية وتدريجية.
تعاون متجدد
شهد العام 2025 تسارعاً لافتاً في مسار التعاون بين السعودية واليابان، تجسد في سلسلة لقاءات رفيعة المستوى واتفاقيات اقتصادية رسخت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، في ظل التزام مشترك بتعزيز رؤية السعودية-اليابان 2030.
ففي 21 مايو 2025، أجرى ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، اتصالاً مرئياً مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، أعلنا خلاله إطلاق مجلس الشراكة السعودي الياباني.
وأكد ولي العهد 'التزام المملكة بالاستمرار في إمداد اليابان بالنفط الخام'، مشيراً إلى تطلع الرياض لتعزيز التعاون في الطاقة النظيفة، فيماأعرب كيشيدا عن 'امتنانه للمملكة على الإمدادات المستقرة من النفط'، مؤكداً أهمية دورها في استقرار أسواق الطاقة العالمية ودعم سلاسل الإمداد للطاقة النظيفة.
وعلى صعيد الحوار الاستراتيجي، انعقد في 3 فبراير 2025 في طوكيو الاجتماع الثاني بين وزيري الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان وإيوايا تاكيشي.
وشدد الأمير فيصل على أن 'مرور 70 عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين شهادة على الشراكة المستمرة والقيم المشتركة'، مؤكداً التطلع لرفع مستوى العلاقات إلى 'آفاق أرحب'.
كما أثمر الاجتماع عن توقيع مذكرتي تفاهم، الأولى لإنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية، والأخرى لإعفاء حاملي الجوازات الدبلوماسية والخاصة من تأشيرات الزيارة قصيرة الأجل.
ويعد الحوار الاستراتيجي، الذي انطلق أول اجتماعاته في سبتمبر 2023 بالرياض، إطاراً مؤسسياً لمتابعة مسار التعاون الشامل بين الجانبين.
أما في المجال الاقتصادي، وقّعت الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار في 13 يناير 2025 مذكرة تفاهم مع بنك ميزوهو الياباني، بهدف دعم الشركات اليابانية الراغبة في الاستثمار بالمملكة.
وجاءت هذه الخطوة بالتوازي مع اجتماع مجلس الأعمال السعودي - الياباني المشترك في الرياض بتاريخ 12 يناير 2025، بمشاركة أكثر من 80 ممثلاً من الشركات والجهات الحكومية والخاصة في البلدين.
كما بحث الاجتماع فرص تعزيز الاستثمارات في قطاعات مستهدفة ضمن رؤية السعودية-اليابان 2030، بما في ذلك الطاقة المتجددة، وصناعة السيارات، والتقنية الحيوية، والخدمات المالية، والذكاء الاصطناعي، والصحة، والألعاب الإلكترونية.
وأشار وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح حينها إلى دور مركز التعاون الياباني للشرق الأوسط ومجلس الأعمال المشترك في دفع عجلة التعاون الثنائي، مؤكداً أن رؤية السعودية-اليابان 2030 باتت المحرك الرئيس للشراكة.
من جهته شدد وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني موتو يوجي على 'أهمية مشاركة القطاع الخاص في دعم العلاقات التجارية'، لافتاً إلى الإمكانات الواعدة للشراكة، خصوصاً في الصناعة والتقنيات الحديثة.