اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
وضاح حيدر - الخليج أونلاين
تنظر إدارة ترامب إلى السعودية بوصفها ركيزة للاستقرار الإقليمي وشريكاً أساسياً في ملفات الأمن والدفاع والاقتصاد.
منذ فوز دونالد ترامب بولاية رئاسية جديدة وعودته إلى البيت الأبيض مطلع عام 2025، بدأت ملامح مشهد سياسي مختلف تتشكل بسرعة في واشنطن والرياض بعد أن شهدت العلاقات بينهما إحدى أكثر فتراتها بروداً خلال عهد الرئيس السابق جو بايدن.
فخلال أقل من عام انتقلت العلاقات السعودية – الأمريكية من مرحلة الفتور التي طبعت عهد بايدن إلى مرحلة دفء استراتيجي يعيد إلى الواجهة تحالفاً عمره أكثر من ثمانية عقود.
ومع زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن للمرة الأولى منذ العام 2018، بدا أن البلدين يعملان على هندسة مرحلة جديدة كلياً من التعاون العميق، قائمة على المصالح المشتركة والمشاريع المستقبلية.
بداية التحول
لم يكد يمضي أسبوع واحد على دخول ترامب إلى المكتب البيضاوي حتى أجرى ولي العهد السعودي (23 يناير 2025) اتصالاً هاتفياً هنأ فيه ترامب على إعادة انتخابه، مؤكداً 'رغبة المملكة في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة في السنوات الأربع المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار مرشحة للارتفاع إن توفرت فرص استثمارية إضافية.
كما أعرب ولي العهد السعودي عن تطلع المملكة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات، ومنها الأمن والاقتصاد، مشيراً إلى أن الإصلاحات المتوقعة من إدارة ترامب يمكن أن تسهم في تحقيق 'ازدهار اقتصادي غير مسبوق' لكلا البلدين.
هذا الاتصال شكل أول ملامح التحول التي تشير إلى أن فترة الفتور انتهت وبدأت مرحلة تعزيز علاقات أكثر عمقاً، وهو ما ترسخ أكثر مع إعلان ترامب اختيار المملكة كأول وجهة خارجية له في مايو الماضي.
وأكدت الزيارة رغبة مشتركة للبلدين في تعويض الوقت الضائع خلال عهد بايدن، لا سيما في ظل التحولات الكبرى التي عاشتها منطقة الشرق الأوسط.
وعلى الفور، أعلن الجانبان عن التزام استثماري سعودي ضخم بقيمة 600 مليار دولار داخل الولايات المتحدة، شمل قطاعات الطاقة النظيفة، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات المتقدمة، والبنى التحتية، واللوجستيات، بالإضافة إلى مشاريع مشتركة في مجالات المعادن الاستراتيجية.
وأبرمت الولايات المتحدة والسعودية صفقة أسلحة ضخمة وصفها البيت الأبيض بأنها 'الأكبر في التاريخ'، بقيمة تقارب 142 مليار دولار، لتزويد المملكة 'بمعدات قتالية متطورة'.
شراكة واسعة
وخلال الأشهر التي أعقبت زيارة الرئيس الأمريكي للرياض، أخذت وتيرة التنسيق تتسارع على نحو واضح، حيث تنظر إدارة ترامب إلى السعودية باعتبارها ركيزة للاستقرار الإقليمي وشريكاً أساسياً في ملفات الأمن والدفاع والاقتصاد.
فعلى مستوى السياسة الإقليمية، لعبت السعودية دوراً مهماً للتأثير على واشنطن في رفع العقوبات عن سوريا ودمجها في المجتمع الدولي بعد سقوط الأسد في 8 ديسمبر الماضي، فضلاً عن دعم حل الدولتين في المؤتمر الذي قادته في نيويورك خلال سبتمبر الماضي.
أما على مستوى التحالف الاقتصادي، فقد شهدت واشنطن زيارات متتابعة لوفود سعودية رفيعة بحثت شراكات في مجالات الطاقة النووية المدنية، ومراكز البيانات، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا العسكرية، مع مفاوضات حول إنشاء منصات استثمارية مشتركة.
وتُعد المملكة من أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في المنطقة، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2024 نحو 32 مليار دولار، إذ صدّرت المملكة سلعاً ومنتجات إلى الولايات المتحدة بقيمة 13 مليار دولار، مقابل واردات منها بلغت 19 مليار دولار.
وفي مقال له في صحيفة 'ألفا بيتا' السعودية اعتبر الكاتب فواز حمد الفواز، أن زيارة ولي العهد الأمير إلى واشنطن فرصة لإعادة تقييم العلاقات السعودية – الأمريكية من زاوية اقتصادية، بعيداً عن القراءة الجيوسياسية المعتادة.
وأضاف: 'تأتي المرحلة الحالية كفترة الرؤية الاقتصادية، حيث تستعد المملكة لمرحلة تحول عميق، بالتزامن مع تغيّرات جيوسياسية عالمية شبيهة بما جرى بين الحربين العالميتين، في هذا السياق، تبدو الزيارة مناسبة لإعادة قراءة هذا المسار الاقتصادي ورسم ملامح تعاونه المستقبلي'.
زيارة تاريخية
وفي نوفمبر 2025، أعلن البيت الأبيض رسمياً أن ولي العهد السعودي سيزور واشنطن في 18 من الشهر نفسه، في زيارة تاريخية تعكس علامة فارقة تؤكد أن العلاقات وصلت إلى مرحلة عالية من الثقة والتفاهم.
وقبيل وصوله أعلن الرئيس الأمريكي (الاثنين 17 نوفمبر) أن إدارته تعتزم الموافقة على بيع طائرات من طراز 'إف 35' إلى السعودية، لتكون بذلك المملكة أول دولة عربية تمتلك هذا النوع من الطائرات الأكثر تطوراً في العالم.
كما قال ترامب عن لقائه مع محمد بن سلمان: 'إنه أكثر من مجرد لقاء، نحن نُكرم المملكة العربية السعودية وولي العهد'.
وبحسب 'رويترز' فإن إتمام الصفقة يمثل تحولاً كبيراً في السياسة، ربما يغيّر توازن القوى العسكرية في الشرق الأوسط ويختبر مفهوم واشنطن لمبدأ الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل'.
وتسعى المملكة للحصول على قرابة 48 طائرة مقاتلة من طراز إف-35 في صفقة محتملة بمليارات الدولارات، ووفق 'رويترز' فقد تخطت الصفقة عقبة أساسية في وزارة الحرب الأمريكية قبل زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن.
ووصفت الكاتبة السعودية بينة الملحم الزيارة بأنها 'محطة مفصلية' تعيد ضبط مسار العلاقات بين الرياض وواشنطن، وفق مقال نشرته بصحيفة الرياض تحت عنوان: 'محمد بن سلمان في واشنطن.. زيارة تُعيد ضبط بوصلة العالم'.
أما أستاذ الإعلام الرقمي وعضو هيئة الصحفيين السعوديين فهيد بن سالم العجمي، فقال في تصريحات لصحيفة 'سبق' السعودية إن الزيارة 'تُوصف بأنها واحدة من أهم الزيارات الثنائية في مسار العلاقة السعودية الأمريكية'.
وفي مقال له بصحيفة 'الاقتصادية' المحلية، قال الكاتب محمد آل عباس إن زيارة ولي العهد تأتي في ظل نجاحات سياسية كبيرة أثمرت عن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا واعترافات دولية بالدولة الفلسطينية.
كما أشار إلى أن 'هذه الزيارة وإن كانت ليست الأولى للأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة، لكنها تحظى باهتمام دولي كبير، ليس للعلاقة الشخصية البارزة بينه وبين وترامب فحسب، بل لأن الملفات المطروحة هذه المرة 'تمثل تحدياً استراتيجياً'.










































