اخبار فلسطين
موقع كل يوم -راديو بيت لحم ٢٠٠٠
نشر بتاريخ: ٩ أذار ٢٠٢٤
بقلم: حمدي فراج
وفق ما يتنامى من أخبار عن فشل مفاوضات التهدئة ، فإن أنسب و أصوب ما يمكن قوله ، هو القول القرآني الكريم 'عسى ان تكرهوا شيئا و هو خير لكم' ، إذ ليس هناك انسانا حقيقيا واحدا يرفض وقف هذه الإبادة الجماعية متعددة رؤوس الموت و الهلاك و العذاب بالقصف و الردم و التجويع و التشتيت و التهجير و التطبيب ، لستة أشهر متواصلة ، فكيف يكون هذا خير لنا ؟ .
أولا : إن قتل الناس على هذه الشاكلة الابادية ، مصحوبة بتجويعهم حتى الموت ، ليس شأنا حمساويا صرفا ، ولا حتى فلسطينيا ، بقدر ما هو شأن اممي عالمي ، يتعلق بالمواثيق الدولية و شرعة حقوق الانسان و قوانين الحرب ، و لهذا هبت جماهير الناس بغض النظر عن جنسياتهم و اعراقهم و آرائهم يطالبون إسرائيل بوقف ذلك ، و قد استجابت معظم حكومات دول العالم للعمل على ذلك ، بما فيه ادخال المساعدات ، مصحوبا ذلك بجملة ادانات واستنكارات لهذا السلوك اللا انساني لهذه الدولة .
ثانيا : هذه الدولة ، لم تعد على قلب رجل واحد او حزب واحد ، بل تضربها اختلافاتها و صراعاتها في صميمها و كينونيتها و جيشها و امنها و رخائها و انسانيتها و ديمقراطيتها و بقائها ، آخر ما حرر على هذا الصعيد ما صرح به عضو مجلس الحرب غادي ايزنكوت بأن تحرير الاسرى هو الأولوية وليس القضاء على حماس .
ثالثا : قليل من الوقت بدون الهدنة ، سنراها يتم جلبها للمحاكم الدولية . الامر نفسه سنراه في مجلس الامن بدون الفيتو الأمريكي او الفرنسي او البريطاني ، إذ لم تستطع شوارع هذه الدول العريقة ان تحتمل ما يفعله ساستها في الاروقة الأممية لحماية هذه الدولة من نفسها .
رابعا : الخلاف العميق الذي لم تعد تستطيع الام فيه السيطرة على جنوح ابنتها ، و الابنة التي تجاهر بخرف أمها و شمطائيتها و تصابيها ، الامر الذي دفع أمريكا بتوصيل مساعدات إنسانية عبر الانزال الجوي ، و قريبا البحري ، و بنهاية العلاقة مع الملك نتنياهو و استبداله بالامير بني غانتس . هذا الخلاف له ارهاصات عميقة قادمة ، لطالما ظل الملك متمسكا بأهدافه أضغاث أحلامه مستندا في تحقيقها الى 'ريا و سكينة' ، بن غفير و سموترتش الخارجين من صحف الزابور و اله الشر المستطير يهوه .
خامسا : تقتصر التدخلات و الوساطات الامريكية و العربية فقط على عودة الرهائن الى بيوتهم و عائلاتهم ، نتحدث عن حوالي مئة شخص معظمهم من الجنود والضباط ، أثبتت القسام انهم لن يعودوا الا بالتفاوض غير المباشر . نحن أيضا لنا عشرات الاف البيوت التي تدمرت ، و الاف العائلات التي ابيدت ، و سبعة عشر ألف طفل تيتموا ، ومليون انسان نزحوا ، فكيف يمكن ان توافق مصر او أمريكا على عدم عودتهم الى ما تبقى من منازلهم ، ثم تريد ان تحصل على موافقة حماس كصك وطني .
لقد تدرجت حماس بهذا القائد الجيفاري السينواري ، في غمرة قصيرة ، من حركة اخوان الى حركة تحرر وطني تحظى بالاحترام الفلسطيني و العربي و الإسلامي و الاممي ، بينما انحدرت إسرائيل من دولة ديمقراطية الى دولة إبادة جماعية .