اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٦ أيار ٢٠٢٥
﴿ادخُلوا عَلَيهِمُ البابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ)* المائدة23
في صخب المعركة وعنف الطوفان، يقف المؤمنون في غزة كالسدّ المتين، حاملين عهد الله في صدورهم، يخترقون الجدران التي زُرعت فوق الأرض وتحتها، يصرخون {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} بعزيمة لا تعرف الهزيمة، محققين وعد الله العظيم. في كل خطوة، يتجسد الإيمان، وفي كل انتصار، تتجدد سنن الله التي لا تتبدل. هؤلاء الرجال الصادقون، بنور يقينهم وحجم إيمانهم، يكسرون قيود الظلم ويكتبون فصلاً جديدًا في تاريخ الصمود، مؤكدين أن النصر لا يُرسم إلا بإرادة لا تلين، وبوعدٍ إلهي لا يخلف.
هتاف الله تبارك وتعالى للمؤمنين بوعد الله والذين يسكنهم اليقين، فانطلقوا شطر أرضهم المحتلة المحصنة بالجدر فوق الأرض وتحتها، وتعلوها الأسلاك الشائكة وتحميها المجسات الإلكترونية والتقنية المتقدمة، وترصد الحركة فيها آلاف الكاميرات لتصطاد ذبابة في فضائها. وفرقة غزة العسكرية لجيش الاحتلال في نفير دائم تنتشر على كافة المحاور.
الذين آمنوا بالله واستجابوا لأمره { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ } البقرة 216، وأصحاب اليقين الجازم بوعد الله الذين يسكنهم الأمل والحلم، انطلقوا مشرقين وشمالًا { ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ } المائدة 23. وفي ساعات قليلة كانت مغتصبات الغلاف تسقط في قبضة { رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } الأحزاب 23 { فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا } الإسراء 5، ودشّنوا مرحلة الطوفان في السابع من أكتوبر المجيد وتجسدت سنة آلهية { إِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ } المائدة 23، بل وتجددت سنة ماضية { كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً } البقرة 249 { وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ } الحشر 5.
طوفان الأقصى، شباب غض مؤمن، دشنوا مرحلة { ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ } المائدة 23، فكانت آيات الله تتجسد بإسقاط كل اعتبارات التحصين والتكنولوجيا والسور تحت الأرض وفوقها، وجيش زعموا بأنه لا يُقهر، وعلى طول السلك الزائل { فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ } المائدة 23. فكان يوم السابع من أكتوبر المجيد سقوطًا مدويًا وهزيمة استراتيجية عسكرية وأمنية ومعلوماتية ونفسية في ساعات قليلة للكيان المؤقت. ويتجدد هنا التجسيد لآيات الله تعالى في طوفان ومحرقة غزة في 7 أكتوبر وما بعدها في إساءة الوجه الذي توعدهم الله فيه { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ } الإسراء 7. هذه الإساءة التي لم يعهدها العالم على المحتل الغاصب، بل وتجسدت فيهم آية أخرى { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ } آل عمران 112، رغم أنهم يعيشون مرحلة العلو والإفساد الكبير.
وهي آيات أخرى تجسدت في محرقة غزة، وخروج عصابات الاحتلال وهي تمارس الإجرام النازي وترتكب مجازر الإبادة الجماعية والحرق والتنكيل والتهجير. يرى العالم آية الله متجسدة بحرفيتها { لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا } الإسراء 4، وهذا الإفساد المقترن بالعلو الكبير والمدد البشري الظالم من أمريكا وعديد دول الظلم والإفساد، وهذه تجسيد لآية أخرى { وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ } آل عمران 112، حيث أن الإفساد الصهيوني كما توعدهم الله تعالى يكون بحبل من الله وهو مقطوع، وحبل من الناس وهو حبل أمريكا اليوم. وهذا الحبل سيُقطع قريبًا، حيث دولة العصابات الصهيونية تفقد وزنها الاستراتيجي إثر طوفان الأقصى ككيان وظيفي لم يعد قادرًا على القيام بدوره الذي كان سبب وجوده، مما سيخرجه عن الخدمة حتمًا فيما لا يزيد عن عقد من الزمن، والله أعلم.
الطوفان في مرحلة اللا تكافؤ يراه فريق واسع تهورًا حد الجنون، ولكن دعونا نرقب ونتابع سنن الله الماضية ووعده القاطع بما سيكشفه المستقبل القريب. ونقيم كم كان هذا الدخول من أعظم تحولات وتجليات التاريخ. ليس المطلوب توازن قوي كما صدعوا رؤوسنا لعقود، ولا جيوش مدججة بعشرات المليارات من الدولارات لترهق موازنة الدولة ثم تغدو جزءًا من بروتوكول حفل يوم الاستقلال وطابور شرف الرئيس. وإنما المطلوب إيمان جازم لرجال صدقوا فأعدوا المستطاع، ويتحقق وعد الله { وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ } التوبة 111، وتتحقق بهم ومعهم أيضًا سنة أخرى من سنن الله الغلابة { لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } العنكبوت 69.