اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
بينما لا تزال آثار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة تتفاعل على المستويين السياسي والميداني، تبدو حكومة الاحتلال الإسرائيلي في سباقٍ لإعادة ترتيب أولوياتها نحو الضفة الغربية المحتلة، في مشهد يثير تساؤلات حول نوايا اليمين الحاكم وخططه لما بعد الحرب. فهل يشكل الاتفاق محطةً انتقالية لحكومة الاحتلال نحو تنفيذ مشروع الضم بصورة تدريجية؟ أم أنه مجرد توظيف سياسي مؤقت لكسب الداخل الإسرائيلي وتثبيت أجندة اليمين المتطرف؟
وصدّق الكنيست الإسرائيلي، أول من أمس، بالمناقشة التمهيدية على قانون فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، وذلك بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس لدولة الاحتلال. وجاء بعد شهر من قول ترامب إنه لن يسمح لـ(إسرائيل) بضم الضفة الغربية.
دلالات سياسية
المختص في الشأن الإسرائيلي نزار نزال رأى أن مصادقة 'الكنيست' على قانون فرض السيادة على الضفة الغربية يُمثل امتدادًا لمشروع سياسي قديم يعكس توجهًا عمليًا لترسيخ الضم الزاحف القائم على الأرض منذ سنوات.
وقال نزال لـ 'فلسطين أون لاين'، إن مشروع القانون 'ليس جديدًا، لكنه جاء في توقيت حساس للغاية'، موضحًا أن مقدّم المشروع أحد أعضاء حزب الليكود، لكنه فُصل من الحزب لاحقًا بسبب الإحراج الذي سببه للحكومة في ظل الرفض الأميركي القاطع لمثل هذه الخطوات.
وأضاف أن التوقيت 'يحمل دلالات سياسية كبيرة'، إذ يتزامن مع وجود شخصيات أميركية بارزة في (إسرائيل) مثل نائب الرئيس جيه دي فانس والسيناتور ماركو روبيو، ومع تعهد الرئيس ترامب لقادة عرب ومسلمين بعدم السماح لـ(إسرائيل) بضم الضفة الغربية.
وأشار إلى أن القانون لا يزال في مراحله الأولى، إذ 'يحتاج إلى القراءة الأولى والثانية والثالثة ليصبح نافذًا، وهي عملية قد تستغرق عدة أشهر'، لكنه شدد على أن خطورته تكمن في انسجامه مع خطة الحسم التي وضعها زعيم اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش عام 2017، والهادفة إلى إنهاء الوجود الفلسطيني السياسي في الضفة.
ويرى نزال أن التصويت التمهيدي على القانون يمثل تحديًا مباشرًا للولايات المتحدة، رغم أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حاول تجنب الصدام مع واشنطن في هذه المرحلة. وقال: 'نتنياهو يدرك أن الإدارة الأميركية منشغلة بملفات إقليمية عديدة، منها إيران، وحزب الله، وملف غزة، لذلك يحاول الموازنة بين طموحات اليمين المتطرف ومصالحه مع واشنطن'.
وأوضح أن تصريحات السيناتور روبيو، التي قال فيها إن 'الوقت غير مناسب' للضم، تكشف أن 'واشنطن لا ترفض المبدأ بقدر ما تعترض على التوقيت'، ما يعني –بحسب نزال– أن 'الفترة القادمة قد تشهد ظروفًا تعتبرها (إسرائيل) والولايات المتحدة أكثر ملاءمة للمضي في هذا المسار'.
وأكد نزال أن 'الضم جارٍ على الأرض منذ سنوات دون إعلان رسمي أو ضجيج إعلامي'، فيما وصفه بـ'الضم الزاحف أو الصامت'. وقال: 'الضفة تغير وجهها تمامًا بفعل الإجراءات الإسرائيلية، التي تهدف لضم نحو 83% من مساحتها، بما يشمل مناطق (ب) و(ج)، ولم يعد الحديث مقتصرًا على مناطق (ج) كما في السابق'.
وحول إمكانية أن يؤدي القانون إلى تصعيد ميداني جديد في الضفة الغربية، قال نزال إن 'الاحتمال الأكبر أن يكون التصعيد من طرف واحد'، موضحًا أن 'السلطة في رام الله تمارس قدرًا مما أسماه 'الضبط الميداني'، فيما جرى تصفية أو اعتقال معظم المقاتلين الذين كانوا يشكّلون نواة للمقاومة المسلحة في الضفة'.
وأضاف أن 'ما قد يحدث هو تصعيد إسرائيلي عبر الهجمات على التجمعات السكانية، والإعدامات الميدانية، والاعتداء على المدارس والمستشفيات والأسواق، إلى جانب توسع الاستيطان وشق الطرق الالتفافية وطرد السكان من المخيمات مثل الجلزون والدهيشة وعايدة وبلاطة'.
ووصف نزال هذا المشروع بأنه جس نبض للعالم، موضحًا أن التصويت الكنيست 'كان اختبارًا لردود الفعل الدولية والعربية، تمهيدًا لتثبيت مشروع الضم في وقت لاحق'، مشيرًا إلى أن اليمين الإسرائيلي لن يتراجع عن رؤيته القائمة على فرض الأمر الواقع في الضفة الغربية بعد طي صفحة حرب غزة.
بداية مسار
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب أن التصويت التمهيدي على مشروع قانون فرض السيادة على الضفة يمثل بدايةً عملية لمسار الضم الإسرائيلي، الذي بدأ الإعداد له منذ مطلع العام الجاري.
وأوضح حرب لـ 'فلسطين أون لاين'، أن (إسرائيل) اتخذت منذ فبراير/ شباط 2024 سلسلة من القرارات البرلمانية الرافضة لأي حلول سياسية أو إملاءات دولية تتعلق بـ'حل الدولتين'، وصولًا إلى قرار الكنيست في يوليو/ تموز الماضي القاضي بفرض السيادة على المستوطنات في الضفة الغربية.
وبين أن التصويت الأخير يعني 'البدء العملي بإمكانية فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية'، حيث يسعى المستوطنين الى فرض السيادة للتحرر مما يعتبرونه قيودًا أمنية يفرضها الجيش وتحد من حريتهم في البناء والتوسع داخل تلك المناطق'، لافتًا إلى أن هدفهم هو التعامل مباشرة مع الحكومة والمؤسسات الإسرائيلية دون وساطة المؤسسة العسكرية.
ورأى أن الخطورة قائمة رغم أن أغلب أعضاء الائتلاف الحكومي لم يصوتوا لصالح المشروع التزامًا بتعليمات نتنياهو، مبينًا أن الأخير 'يرغب في فرض السيادة والضم، لكنه لا يريد الإقدام على خطوة كهذه في هذه اللحظة السياسية الحساسة'.
وخلص حرب إلى أن 'الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في التشريعات، بل في الواقع الميداني الذي يتجسد من خلال توسع الاستيطان، وملاحقة الفلسطينيين، وعمليات الطرد والتهجير في مناطق (ج)، وهي سياسات تشجع المستوطنين وتدفع الحكومة إلى مزيد من الخطوات الرسمية لفرض أمر واقع في الضفة الغربية'.

























































