اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١١ أيار ٢٠٢٥
يثور الغضب في أوساط الفلسطينيين في إثر ازدياد الأنباء عن خطة أمريكية–إسرائيلية مشتركة لتحويل نقاط توزيع المساعدات الإنسانية إلى ما يصفه المواطنون بـ'معسكرات إذلال جماعي'، يديرها جيش الاحتلال الإسرائيلي في إطار مخطط يربط الغذاء بأهداف أمنية وعسكرية مكشوفة.
تقضي الخطة بأن تدخل يوميًا 60 شاحنة مساعدات فقط إلى قطاع غزة، تُنقل إلى مراكز توزيع مُخصصة تُقام في جنوب القطاع، وتشرف على تأمينها من الخارج قوات الاحتلال الإسرائيلي. أما توزيع المساعدات، فتتولاه شركات أمنية أمريكية بالتعاون مع مؤسسات دولية وأممية. وسيجري تمويل المساعدات من دول مانحة أو من المؤسسات ذاتها، على أن يتم تفتيشها بدقة وفق المعايير الإسرائيلية.
ووفقًا للخطة، يتعين على كل فلسطيني أن يتوجه مرة واحدة أسبوعيًا إلى هذه المراكز للحصول على مساعدات بالكاد تكفي لأيام معدودة، في طوابير يراها كثيرون طوابير إذلال منظم، تُفرض على شعب محاصر ومنكوب.
يقول الطالب الجامعي خميس الدريملي (22 عامًا): 'أرفض بشكل قاطع أن يتولى الاحتلال توزيع المساعدات على أهلنا في غزة. هذا الاحتلال لا يقدم شيئًا لوجه الإنسانية، بل لكل خطوة عنده ثمن، ولكل إجراء حساب سياسي وأمني. ما يُراد لنا هو أن نمدّ أيدينا له، لا فقط طلبًا للطعام، بل تمهيدًا لتقبّل وجوده كأمر واقع، وتناسي أنه محتل قاتل'.
ويضيف لصحيفة 'فلسطين': 'أنا كطالب لا أبحث فقط عن سدّ رمقي، بل عن العيش بكرامة. المساعدات حقّنا، وليست منّة من أحد. من يصوّرها كعمل إنساني بريء يُضلّل الناس. رأينا ما حدث في شمال القطاع، كيف تم تصوير الناس وهم يتلقون المساعدات، ثم اختفى بعضهم بعد عبورهم نقاط التوزيع. الاحتلال لا يعطي بلا مقابل'.
وتابع الدريملي: 'ما يُخطط له الآن هو محاولة لقتل الوعي، وترويض الناس على الخضوع. وإن سكتنا اليوم، سنصحو غدًا لنجد أن دواءنا وغذاءنا وتعليمنا يمرّ جميعًا من تحت أقدام الاحتلال. يجب أن نتحرك، شعبيًا ومؤسساتيًا، قبل أن يصبح هذا الواقع المفروض أمرًا لا رجعة فيه'.
أما أم محمود زقوت، وهي نازحة من شرق خان يونس إلى مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، فقدت اثنين من أبنائها في الحرب، فتقول: 'فقدتُ اثنين من أولادي في غارة إسرائيلية خلال الحرب. لم يتبقَّ لي شيء أخشاه، إلا كرامتي، ولن أفرّط بها'.
وتضيف: 'يريدون منا أن نقف في طوابير الذلّ عند مراكز يتحكم بها الاحتلال، وكأننا قطيع بلا إرادة. يقولون إنها مساعدات، وأنا أقول إنها فخ. إذلال منظم، يغرسونه في عقولنا ليكسرونا من الداخل'.
وتابعت زقوت: 'أنا جائعة، وأبنائي جياع، نعم. لكننا نصبر على الجوع، ولا نُسلم كرامتنا لعدوّ قتل أبناءنا ودمّر بيوتنا، واليوم يريد أن يطعمنا تحت البندقية والكاميرا. لا نريد طعامًا ملوثًا بالذلّ، نريد مساعدات من أيادٍ نظيفة، من شعبنا أو من مؤسسات نزيهة. أما الاحتلال، فدمه على يديه، ولا نثق به'.
واختتمت حديثها بالقول: 'العيش بلا كرامة هو موت بطيء، ونحن اخترنا الحياة أعزاء، ولو جياعًا'.
الكرامة لا تُشترى
من ناحيته، اعتبر خليل مطر، أحد وجهاء وأعيان مخيم الشاطئ للاجئين، خلال حديثه مع صحيفة 'فلسطين'، أن ما يُنفّذ تحت عنوان توزيع المساعدات 'ليس عملًا إنسانيًا، بل خطة أمريكية–إسرائيلية خبيثة لترويض الناس وخلخلة ثوابتهم'، مؤكدًا أن الاحتلال 'لا يوزع الغذاء، بل يوزع الذل. يريدنا أن نمرّ تحت كاميراته وبنادقه لنأخذ كيسًا من الطحين'.
ويضيف: 'نحن في غزة مجروحون، نعم، لكننا لم نفقد كرامتنا. وأنا، بصفتي مختارًا ورجلًا شهد الاحتلال منذ بداياته، أؤكد أن ما يُراد لنا هو الانكسار النفسي، وتفكيك وحدتنا الاجتماعية، وتحويلنا إلى أفراد معزولين يتسابقون على الفتات، بلا تكافل ولا عزّة'.
ويناشد مطر جميع المؤسسات الدولية ووجهاء العائلات والعشائر: 'لا لتسليم الغذاء عبر الاحتلال، لا لمعسكرات الإذلال الجديدة'، مطالبًا بأن تُدار المساعدات عبر مؤسسات دولية نزيهة أو لجان شعبية من أبناء القطاع، 'لا عبر عدوّنا الذي يقتلنا صباحًا ويُطعمنا مساءً ليُجمّل صورته'.