اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تشهد الضفة الغربية المحتلة تصاعدا غير مسبوق في اعتداءات المستوطنين، تزامنا مع دعم سياسي وعسكري مباشر من حكومة اليمين الإسرائيلي، في ظل صمت دولي يعمّق الأزمة ويزيد من خطورة المشهد.
ويرى محللون ومختصون أن هذه الاعتداءات لم تعد حوادث متفرقة، بل أصبحت جزءا من مشروع سياسي–أيديولوجي منظم يهدف إلى خلق واقع استيطاني جديد، وتمزيق جغرافيا الضفة الغربية، وتدمير إمكانيات قيام دولة فلسطينية مستقبلية.
يصف المختص في الشأن الإسرائيلي نزار نزال، المستوطنين بأنهم 'جيش مواز' يعمل بالتوازي مع جيش الاحتلال، ويمارسون العنف الممنهج لفرض السيطرة على الأرض وتقويض أي افق سياسي للحل.
ويؤكد نزال لصحيفة 'فلسطين'، أن الاعتداءات اليومية التي ينفذها أكثر من 320 ألف مستوطن مسلح تأتي ضمن 'خطة إحلالية' تهدف إلى تفريغ الضفة من سكانها الأصليين، وإضعاف المجتمع الفلسطيني عبر تدمير مصادر رزقه.
بنية تنظيمية للاستيطان
يشير نزال إلى وجود أربع جمعيات استيطانية رئيسية تشكل العمود الفقري لاعتداءات المستوطنين وهي شعبة الاستيطان بالهستدروت، والناطور الجديد، والأرض المتصدعة، وجمعية افتاك.
ويوضح أن 'افتاك' تعمل من واشنطن وتحظى بدعم كبير من الإنجيليين البروتستانت، فيما تتلقى الجمعيات الثلاث الأخرى دعما مباشرا أو غير مباشر من حكومة نتنياهو المتطرفة، التي تمنح المستوطنين الغطاء الكامل للاستمرار في العنف.
ولفت إلى أن حكومة الاحتلال تتبنى خطابا يبرر اعتداءات المستوطنين بزعم أنهم 'ضحايا يعانون نفسيا'، وهو ما يعتبره نزال تحولا خطيرا يعكس تحميل الفلسطينيين مسؤولية العنف الذي يمارس ضدهم، في عملية تزييف للواقع وإضفاء الشرعية على الانتهاكات.
ويرى نزال أن تكثيف الاعتداءات جزء من مسار سياسي إسرائيلي يهدف إلى منع أي عودة للمسار التفاوضي أو لأي رؤية لحل الدولتين، مؤكدا أن الاستيطان اليوم لم يعد توسعا عمرانيا فقط، بل مشروعا استراتيجيا لضم الضفة الغربية.
سياسة منهجية لتهجير الفلسطينيين
تترافق الاعتداءات مع عمليات ممنهجة لتدمير ممتلكات الفلسطينيين، من منازل وسيارات ومحلات تجارية وأراض زراعية، إضافة إلى حرق المزروعات ونهب المحاصيل، ما يؤدي إلى إفقار الفلسطينيين ودفعهم قسرا لمغادرة أراضيهم.
ويرى نزال أن هذه التطورات تنسجم مع 'خطة الحسم' التي طرحها بتسلئيل سموتريتش قبل سنوات، وصادق عليها نتنياهو عام 2022.
حرب شاملة لاقتلاع الفلسطينيين
الناشط خالد منصور، أحد قادة المقاومة الشعبية في شمال الضفة، يؤكد أن ما يجري ليس مجرد 'موسمية اعتداءات'، بل جزء من حرب طويلة الأمد تستهدف الوجود الفلسطيني.
ويرى في حديثه لـ'فلسطين'، أن غياب خطة فلسطينية جماعية للتصدي لهذه الهجمات منح المستوطنين فرصة للعمل كـ'ذراع تنفيذية لجيش الاحتلال'، في ظل حماية كاملة من قوات الاحتلال التي تطلق العنان للمستوطنين وتوفر لهم الحماية.
ويحذر منصور من أن الصمت الرسمي، سواء الفلسطيني أو الدولي، يشجع المستوطنين على التمادي، ويجعل مشروع التهويد يتمدد بلا كلفة، فيما تخسر الضفة المزيد من أراضيها يوميا.
عام الاستيطان والحسم
ويصف المحلل السياسي د.أشرف القصاص يصف الاعنداءات في الأشهر الأخيرة بأنه تصعيد خطير يتصل مباشرة بتوجهات حكومة نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، الذين يدفعون نحو ضم الضفة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها بالكامل.
ويشير إلى أن سموتريتش أعلن أن عام 2025 هو 'عام الاستيطان والحسم'، ما يعكس نوايا واضحة لتوسيع الاستيطان وتهجير الفلسطينيين في إطار مشروع ديموغرافي–سياسي.
ويوضح القصاص أن أكثر من 34% من أراضي الضفة صودرت تحت مسميات متعددة مثل 'الأراضي الزراعية'، وتستخدم اليوم لمشاريع طاقة أو لتوسيع البؤر الاستيطانية، فيما يقوم المستوطنون بدور الذراع المدنية لجيش الاحتلال.
تداعيات اجتماعية واقتصادية مدمرة
تؤدي هذه السياسات إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بين الفلسطينيين، وإلى تفكيك البنى الاجتماعية في القرى والمجتمعات الرعوية، في ظل غياب الحماية من السلطة أو الفصائل، واستمرار الهجمات التي تعطل النشاط الزراعي والرعوي.
ولمواجهة تلك التداعيات يدعو القصاص السلطة إلى لعب دور فعال في دعم صمود المواطنين، عبر برامج اقتصادية، وإعادة تأهيل البنية التحتية، واستصلاح الأراضي المتضررة.
كما يشدد على ضرورة إعداد خطة استراتيجية فلسطينية شاملة سياسية واقتصادية وأمنية وإعلامية، لكسر الصمت الدولي وتوثيق الانتهاكات وملاحقة المستوطنين قانونيا.
وخلال اليومين الماضيين، سجلت الضفة سلسلة اعتداءات عنيفة شملت إصابات بالرصاص والضرب، وهدم منازل، واعتداءات على مركبات، ومصادرة أراض، ومهاجمة رعاة الأغنام، أبرزها في منطقة خلايل اللوز جنوب بيت لحم، حيث أصيب عشرة مواطنين جراء اعتداءات المستوطنين.
كما هاجم مستوطنون رعاة أغنام في تجمعات بدوية شمال القدس وشرقها، في إطار التضييق المستمر على التجمعات الرعوية لإجبارها على الرحيل.
ووفقا لمركز 'مُعطى'، بلغ عدد الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال ومستوطنيه أكثر من 6870 انتهاكا خلال أكتوبر الماضي، بينها استشهاد 14 مواطنا وإصابة 301 آخرين.
تشكيل لجان حماية شعبية
ويدعو المحللون والمختصون إلى تفعيل اللجان الشعبية لحماية القرى، كما حدث خلال انتفاضة الحجارة عام 1987، لحماية السكان والتصدي لاعتداءات المستوطنين.
ويتفق المتحدثون على أن الصمت الدولي وغياب أي محاسبة قانونية للمستوطنين وحكومتهم رديف رئيسي لاستمرار العنف، بل وتشجيعه.

























































