ترامب للإسرائيليين: بيبي مقابل المساعدات و”المخطوفين”.. ونتنياهو للقضاة: أرأيتم؟

هآرتس - بقلم يوسي فيرتر-

بعد لحظة على عودة الزوجين القيساريين من رحلة نهاية الأسبوع، ستذهب المحكمة إلى إجازة حتى 5 أيلول القادم، وفي الأسبوعين التاليين سندخل إلى شهر الأعياد. لذلك، يصعب التشكك فقط بطلب التأجيل الذي قدمه نتنياهو، بل بالصورة التي عولج فيها هذا الطلب ككل محاكمته. الطلب الأول لا مضمون حقيقياً له، وكان واضحاً أنه سيرفض. والطلب الثاني غير مقنع أيضاً، ثم جاء الاحتفال السوقي مع رئيس شعبة الاستخبارات ورئيس الموساد. يصعب استبعاد أسئلة بخصوص تشكيلة القضاة الذين بدا سلوكهم الجبان من الأمور المشهورة، وشوهوا مفهوم “المساواة أمام القانون”.

قد يكون ما فعله ترامب هو القشة الأخيرة، قبل لحظة من سحق ما بقي من احترام للمحكمة بشكل نهائي، التي جعلتهم يشددون التعامل مع المتهم. في الأسبوع الأخير، شكر نتنياهو ترامب على منشوراته الداعمة، بما في ذلك المنشور الثاني الذي صدر أمس، والذي ظهر فيه تهديد مفهوم ضمناً لتعليق المساعدات العسكرية إذا لم يتم إلغاء المحاكمة. في الانتخابات الأخيرة، كان نتنياهو وعد بإعادة الكرامة الوطنية لإسرائيل. في الفترة الأخيرة تحت قيادته، تظهر إسرائيل كدولة محمية، أما هو فيظهر مثل ألكسندر لوكاشينكو إلى جانب فلاديمير بوتين. كان إلغاؤه مبتذلاً بشكل مطلق.

القضاة الثلاثة الذين بالغوا في كل ما يمكن إعطاؤه للمتهم، أدركوا مع مرور الوقت أنه يستهزئ بهم في معظم الأحيان. لا ثقة لديهم بالزبون، الذي أخبرهم ذات مرة بجدول أعمال دراماتيكي، ولكنهم اكتشفوا أن هذه الدراما مجرد فرصة لالتقاط الصور في جبل الشيخ. وبسبب ظهور لاعبي التعزيز -دادي برنياع والجنرال شلومو بندر- اقتنع القضاة جزئياً. عدم الثقة هذا لم يولد أمس، بل بني طبقة فوق طبقة في عشرات الساعات التي قدم فيها شهادته، والتي كان معظمها في التحقيق الأولي، الذي أدرك فيه القضاة رفقه فيلدمان وموشيه بار عام وعوديد شاحم، مع من يتعاملون. من يكذب بوقاحة وبشكل فظ في قضايا مدعومة بجبال من الأدلة، لن يتردد في الكذب أيضاً في مواضيع تتعلق بالأمن الوطني. لا يمكن الاعتماد عليه.

كبير المتهمين أخبرنا طوال سنين عن توقه الشديد للصعود وتقديم شهادته من أجل “تدمير الملفات التي حيكت ضده”. بدأت المحاكمة منذ ذلك الحين، ولم يكن هناك أي تلاعب أو خداع إلا وتم استخدامها بهدف إطالة المحاكمة وإلغاء وتأجيل وتدمير النقاشات خشية التحقيق المضاد. وعندما ازدادت الضائقة واقتربت الهاوية، فقد بات من غير المستغرب أنه تم إلقاء سلاح غير تقليدي إلى الساحة، على شكل الرئيس الأمريكي الذي يمقت جهاز القضاء في بلاده، بما في ذلك منظومة قضاء مستقلة ومساواتية. قال ترامب في التغريدة الأخيرة إن وجود نتنياهو “في محاكمة على لا شيء” يؤخر عودة المخطوفين. هذا ادعاء حتى درايفوس خاصتنا لم يتجرأ على قوله، لأن لصهيونيته حدوداً. بالعكس، هو يتفاخر مراراً “أعدت هذا العدد أو ذاك من المخطوفين” (205 في الإحصاء الأخير، 148 منهم على قيد الحياة).

إن ربط المخطوفين والحرب في غزة (التي جبت أمس القتيل العشرين منذ بداية الشهر الحالي) بالمحاكمة، إنما هي بهارات ترامبية. وسارع أتباع رئيس الحكومة إلى استغلاله. حملة السم تعززت بادعاء آخر، وهو أن الدولة العميقة هي المذنبة في عدم إعادة الخمسين مخطوفاً حتى الآن. نتنياهو لم يتأخر في القفز على العربة. في الفيلم الذي تم تصويره في مقر “الشاباك” في المنطقة الجنوبية (كيف لا يخجل الذهاب إلى هناك بعد كل القذارة التي ألقاها على هذا الجهاز)، وضع هدف إعادة المخطوفين على سلم الأولويات، وهذا يتساوق مع نص ترامب. دخل البيبيون في غيبوبة: لماذا استقبل تدخل الرئيس الأمريكي جو بايدن ضد الانقلاب النظامي بمباركة اليسار، في حين أن ترامب يحظى بمعاملة مختلفة.

إدارة بايدن نظرت بقلق إلى تحطم المجتمع الإسرائيلي، والإضرار الكبير بـ “القيم المشتركة” القابعة في الحلف القوي بين الدولتين، وإضعاف الردع الأمني، وتآكل أسس الاقتصاد، ومكانة إسرائيل الدولة. كان أمام أنظار بايدن خطر سيحدثه الانقلاب النظامي لأمن إسرائيل، كما حذر الاحتجاج.

“الرئيس الصهيوني الأخير” تجند لإنقاذ إسرائيل من التفكك. في المقابل، تم تجنيد ترامب لإنقاذ بيبي من التفكك على منصة الشهادات. هكذا يفضل أن يتوقف من دخلوا في حالة غيبوبة في الأستوديوهات عن محاولة تزوير

تشابه أعوج آخر. وهم بالمناسبة نفس الأشخاص الذين يسمون إرهاب المستوطنين في الضفة بألقاب مخففة خلافاً للقانون، ويطالبون بالتحقيق مع جنود الجيش الإسرائيلي الذين أطلقوا النار دفاعاً عن النفس.