اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٣ أب ٢٠٢٥
يعاني المواطنون في قطاع غزة إحباطا وغضبا متزايدين من جراء تفشي ما يُعرف بـ'نظام السعرين' للسلعة الواحدة، حيث يختلف السعر بشكل كبير بين الدفع نقدًا والدفع عبر التطبيقات الإلكترونية، خاصة مع استئناف إدخال السلع إلى القطاع الذي يواجه حصارًا شديدًا وأزمة سيولة خانقة.
تروي السيدة أم ياسر الخالدي أنها اشترت السكر بـ14 شيقل نقدًا، بينما يصل سعره عبر التطبيق إلى 20 شيقل. وتضيف: 'عندما اشتريت علبة لحمة اكسترا دفعت 26 شيقل نقدًا، مقابل 35 شيقل على التطبيق. أشعر أنني مضطرة أحيانًا لقبول الأسعار الأعلى لأن الكاش غير متوفر دائمًا، وهذا أمر غير عادل'.
أما المواطن محمد زيادة فيشتكي من أن بعض السلع لا تتوفر إلا عبر التطبيقات وبأسعار مرتفعة جدًا، مشيرًا إلى أن بعض التجار يبررون ذلك بأن المورد الإسرائيلي يشترط التحويل الإلكتروني فقط، ما يرفع الأسعار. ويقول: 'أصبحنا في حلقة مفرغة؛ الكاش غير متاح دائمًا، والأسعار على التطبيق مرتفعة ولا تتناسب مع دخلنا'.
بدوره، يشدد المواطن حسين العطار على البعد الشرعي: 'ما يقوم به بعض الباعة يشبه الربا في نظري. نحن نخشى عند الشراء أن نقع في الحرام، خصوصًا عندما يكون الفرق كبيرًا بين الكاش والتطبيق ويبدو وكأنه زيادة إجبارية غير عادلة'.
أزمة سيولة وتشوه في السوق
تشير هذه التجارب إلى أزمة أعمق مرتبطة بنقص السيولة النقدية في غزة، حيث أدى شح العملة وارتفاع تكلفة 'التكييش' إلى خلق سوق مشوه. وأصبح الدفع الإلكتروني خيارًا إلزاميًا لدى بعض التجار لتغطية التزاماتهم، خاصة مع الموردين الإسرائيليين الذين يفرضون التحويلات الإلكترونية فقط.
الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر يؤكد أن وجود سعرين للسلعة الواحدة يؤدي إلى تشويش المستهلك وتقويض ثقته في السوق، كما يضاعف أعباء المعيشة على المواطنين ويزيد من فرص الاستغلال المالي. ويضيف: 'الحل يكمن في فرض معايير واضحة للإعلان عن الأسعار لتكون متساوية لجميع طرق الدفع، بما يحقق العدالة الاقتصادية ويلتزم بالمبادئ الشرعية'.
ويتابع أبو قمر: 'الانقسام السعري لا يعكس أزمة السيولة فقط، بل يعمّق التضخم ويقلل القدرة الشرائية للمواطنين. بعض التجار يستخدمون سياسة التسعير الوهمي؛ يرفعون السعر لمستوى مبالغ فيه ثم يخفضونه تدريجيًا ليبدو مناسبًا، رغم أنه أعلى من السعر العادل'.
فقدان العدالة الاقتصادية
يرى أبو قمر أن السياسات السعرية غير المتوازنة تستغل أزمة المواطن وتفاقم معاناته الاقتصادية، ما يجعل السوق أكثر هشاشة وأقل عدالة في ظل محدودية الموارد. ويخشى المواطنون أن يكرّس التعامل بسعرين مختلفين حالة من الظلم المالي، ويضيف ضغوطًا نفسية واقتصادية جديدة.
ويختم أبو قمر بالتأكيد على أن الشفافية في الإعلان عن الأسعار ليست مجرد مطلب اقتصادي، بل هي ضرورة شرعية أيضًا، لحماية حقوق المستهلكين وضمان سوق عادل في ظل الأزمات المستمرة.