اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢١ أيار ٢٠٢٥
تشكل تهديدات كلا من بريطانيا وفرنسا وكندا بفرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي في حال لم توقف الحرب فورا، تحولا لافتا في تعاطي الدول الغربية مع الحرب الدموية على قطاع غزة، بما يعكس تصعيدا واضحا في الخطاب الأوروبي تجاه الاحتلال، ويكشف عن تصاعد القلق الدولي من تفاقم الكارثة الإنسانية.
وفي خطوة غير مسبوقة، هددت الدول الثلاث في بيان مشترك، دولة الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ 'خطوات ملموسة' ضدها، في حال لم توقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة 'فورا'.
وكان الاحتلال الإسرائيلي، أعلن مؤخرا عن إطلاق عملية برية في عدة مناطق داخل قطاع غزة في إطار بدء عملية 'عربات جدعون'، في تصعيد خطير ضمن حرب الإبادة المتواصلة على القطاع منذ 20 شهرا.
وقالت الدول الثلاث: 'الوضع الإنساني في غزة غير مقبول'، مؤكدة أن قرار (إسرائيل) السماح بدخول بعض المساعدات الإنسانية إلى غزة 'لم يكن كافيا'.
ورحبت حركة حماس، بموقف الدول الثلاث، واعتبرته خطوة مهمة نحو استعادة المبادئ الأساسية للقانون الدولي، وطالبت في الوقت ذاته بـ'التحرك العاجل واتخاذ مواقف حازمة وإجراءات ملموسة لوقف العدوان الإسرائيلي، ومحاسبة قادة الاحتلال كمجرمي حرب'.
تحول غربي مهم
وقال المحلل السياسي اللبناني قاسم قصير إن البيان المشترك الصادر عن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا 'يُعد تحولا مهما في الموقف الأوروبي تجاه ما يجري في غزة، ويعكس تصاعد القلق الدولي من استمرار الحرب الإسرائيلية وسياسة الحصار والتجويع'.
وأضاف قصير لصحيفة 'فلسطين' أن 'هذا الموقف الأوروبي، وإن كان غير مسبوق من ثلاث دول وازنة على الساحة الدولية، لا يزال في إطار الإدانات السياسية ولم يتحول بعد إلى ضغط فعلي على (إسرائيل) لوقف عدوانها، سواء عبر العقوبات أو وقف تصدير السلاح أو دعم تحقيقات الجرائم'.
وتابع: 'البيان يضعف الخطاب الإسرائيلي الذي يحاول تبرير الحرب تحت غطاء محاربة الإرهاب، ويعيد التأكيد على أن ما يجري في غزة هو جريمة بحق المدنيين تستوجب المحاسبة. لكنه لن يغيّر موازين القوى على الأرض ما لم يترجم إلى إجراءات عملية'.
وأشار قصير إلى أن استمرار المواقف الغربية المنددة بالحرب يساهم تدريجيًا في كسر الغطاء السياسي الذي تتمتع به (إسرائيل)، ويمنح القضية الفلسطينية زخمًا دوليًا كان مفقودًا منذ سنوات. لكنه شدد في الوقت نفسه على أن 'الواقع لن يتغير ما لم تتحرك العواصم الكبرى لإجبار (إسرائيل) على وقف الحرب ورفع الحصار'.
تصعيد في الخطاب الاوروبي
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي د. وديع أبو نصار، إن البيان المشترك الصادر عن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا 'يمثل تصعيدًا واضحًا في الخطاب الأوروبي تجاه (إسرائيل)، ويعكس شعورًا متناميًا بالحرج الدولي من استمرار الحرب الكارثية على قطاع غزة'، خاصة مع تزايد التقارير التي تتحدث عن مجاعة وجرائم حرب.
وأوضح أبو نصار لـ'فلسطين' أن 'هذا الموقف يشكل ضغطًا معنويًا وسياسيًا على الحكومة الإسرائيلية، لكنه لن يكون كافيا لوقف الحرب ما لم تُترجم هذه التصريحات إلى إجراءات ملموسة، مثل فرض عقوبات، أو تقليص التعاون العسكري، أو دعم خطوات قانونية ضد (إسرائيل) في المحاكم الدولية'.
وعن توقيت صدور البيان، أشار أبو نصار إلى أنه جاء نتيجة تراكمات، أبرزها تصاعد الضغوط الداخلية في هذه الدول من قبل الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى تصاعد الغضب العالمي من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، في ظل استمرار الحرب لأكثر من عام ونصف، وتزايد مشاهد الأطفال الشهداء والجوعى التي يصعب تجاهلها إعلاميا وأخلاقيا.
وأضاف: 'من المهم أن نفهم أن هذه الدول لا تتحرك فقط بدوافع إنسانية، وإنما أيضا لحماية صورتها ومصالحها الاستراتيجية، في ظل تنامي الانتقادات داخل مجتمعاتها'.
وفيما إذا كان هذا البيان قد يمهّد لاعتراف رسمي بهذه الدول بالدولة الفلسطينية، قال أبو نصار: 'قد يكون البيان تمهيدا لمواقف أكثر تقدما، خاصة أن هناك حديثًا متزايدًا داخل بعض الدول الأوروبية، مثل إيرلندا وإسبانيا وبلجيكا، حول ضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كجزء من حل الصراع. ولكن من السابق لأوانه اعتبار هذا البيان خطوة مباشرة في هذا الاتجاه، دون رؤية تغير فعلي في سياسات هذه الحكومات'.
وختم بالقول: 'البيان خطوة مهمة، لكنه يحتاج إلى مواقف أوروبية جماعية، خاصة من الاتحاد الأوروبي، كي يكون له أثر فعلي على سلوك (إسرائيل) وسير الحرب'.