اخبار فلسطين
موقع كل يوم -عرب 48
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الأول ٢٠٢٤
يواصل الجيش الإسرائيلي حربه على غزة من عام، مستهدفًا المنازل والمرافق الحيوية بأسلحة محرمة دوليًا. خلفت الحرب حتى الآن عشرات الآلاف من الضحايا، إضافة إلى تدمير واسع للبنية التحتية، مما عمق أزمة السكن والمياه والغذاء في القطاع.
مع دخول حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة عامها الأول، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي الإمعان بهجماته الجوية والبرية العنيفة التي تستهدف منازل مأهولة وتجمعات للفلسطينيين دون سابق إنذار في مناطق مختلفة من قطاع غزة، ما يوقع خسائر بشرية ومادية كبيرة.
تغطية متواصلة على قناة موقع 'عرب 48' في 'تليغرام'
هذه الهجمات تستهدف في غالبية الأحيان مناطق زعمت إسرائيل أنها 'مناطق إنسانية آمنة'، وأجبرت الفلسطينيين على النزوح إليها قسرا في ظل ظروف صحية ومعيشية غير إنسانية. كما حولت آلة الحرب الإسرائيلية مناطق وأحياء سكنية كاملة إلى كومة من الركام مستهدفة بذلك المباني والأبراج السكنية والمؤسسات الحكومية والخاصة والقطاع الاقتصادي.
وفيما يلي رصد لمعالم الإبادة في قطاع غزة:
الخسائر البشرية
منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية، قصف الجيش الإسرائيلي بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، بنحو 83 ألف طن من المتفجرات، من بينها أسلحة محرمة دوليا مثل القنابل التي تزن 900 رطل من المواد المتفجرة.
هذه المتفجرات، التي ألقيت على رؤوس المدنيين في أنحاء القطاع المختلفة، تسببت حتى الجمعة باستشهاد نحو 41 ألفا و802 فلسطينيين بينهم 16 ألفا و891 طفلا، و11 ألفا و458 امرأة، و986 من العاملين في الطواقم الطبية، و174 صحافيا، و85 عنصرا في الدفاع المدني.
وأدى عدد الضحايا الكبير إلى تيتيم نحو 25 ألفا و973 طفلا في القطاع، بحسب المكتب الحكومي، حيث باتوا يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، ما يرفع عدد الأيتام في القطاع إلى 52 ألفا و322 طفلا بينما كان عددهم 26 ألفا و349 حتى عام 2020، وفق جهاز الإحصاء الفلسطيني.
أما عدد المصابين فقد وصل إلى 96 ألفا و844 آخرين، من بينهم أكثر من 22 ألفا و500 فلسطيني يعانون إصابات تغير حياتهم، بحسب بيان لمنظمة الصحة العالمية في 12 أيلول/ سبتمبر الماضي. وتشمل تلك الحالات 'إصابات خطيرة في الأطراف، وبتر أطراف، وأضرارا في النخاع الشوكي، وإصابات دماغية، وحروقا بالغة، تتطلب إعادة تأهيل.
يأتي ذلك وسط ظروف صحية صعبة يعاني منها القطاع من جراء نقص الكوادر والأدوية والمستلزمات الطبية والتدمير الممنهج للمستشفيات المركزية والصغيرة في القطاع، حيث تقول منظمة الصحة العالمية إن 17 مستشفى من أصل 36 في غزة ما زالت تعمل بشكل جزئي، فيما يتم بأغلب الأحيان تعليق خدمات الرعاية الصحية الأولية والمجتمعية بسبب انعدام الأمن، والهجمات الإسرائيلية، وأوامر الإخلاء المتكررة.
ووفقا للمعطيات الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن الجيش الإسرائيلي أخرج 34 مستشفى و80 مركزا صحيا عن الخدمة، كما استهدف 162 مؤسسة صحية و131 سيارة إسعاف.
الخسائر المادية: تدمير واسع يفاقم أزمة الإسكان
ويواصل الجيش الإسرائيلي قصف القطاع بالأسلحة المحرمة وأسلحة أميركية أبرزها: قنابل من نوع GBU-28، والقنابل الموجهة بنظام GPS بهدف تدمير البنية التحتية، وقنابل الفوسفور الأبيض، والقنابل الغبية أو غير الموجهة، وقنابل 'جدام – JDAM' الذكية، وفق المعطيات الصادرة عن المكتب الحكومي في الأول من أيلول/ سبتمبر الماضي.
وتسبب هذا القصف بتدمير أكثر من 75% من القطاع الإسكاني والمستشفيات والمدارس والكنائس، بحسب ذات المصدر. وبحسب تقييمات الأضرار التي أجراها باحثون في مركز الدراسات العليا في جامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريغون، ونشرتها مواقع أجنبية، فإن أكثر من نصف المباني في جميع أنحاء قطاع غزة تعرضت لأضرار، وارتفعت النسبة إلى ما يقرب من 80% في مدينة غزة.
ومن أصل 400 ألف وحدة سكنية في القطاع، دمر الجيش الإسرائيلي نحو 150 ألف وحدة بشكل كلي، و200 ألف وحدة جزئيا، بينما تسبب بتحول 80 ألف وحدة لأماكن غير صالحة للسكن. وهذه المنطقة الجغرافية الضيقة التي تبلغ مساحتها 365 كيلومترا مربعا ويعيش فيها نحو 2.3 مليون نسمة، كانت تعاني قبل اندلاع الحرب من أزمة كبيرة في الإسكان، حيث بلغت نسبة العجز 120 ألف وحدة سكنية حتى مطلع عام 2023 .
وبلغ عدد الوحدات السكنية التي يحتاجها قطاع غزة في الوقت الحالي من جراء الحرب 270 ألف وحدة على الأقل وهو مجموع إجمالي العجز مع ما تم تدميره كليا. فيما يحتاج إلى إعادة تأهيل أو إعادة بناء نحو 280 ألف وحدة، وهي مجموع ما دُمر جزئيا إضافة للوحدات غير الصالحة للسكن.
إلى جانب ذلك، سعى الجيش الإسرائيلي إلى تدمير ملامح الحياة بغزة حيث حول القطاع وفق تصريحات مسؤولين أممين إلى منطقة 'غير صالحة للعيش'. وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فإن الجيش الإسرائيلي دمر 3 كنائس، و611 مسجدا بشكل كلي و214 بشكل جزئي، و206 مواقع أثرية وتراثية، و 36 منشأة وملعبا وصالة رياضية.
كما دمر الجيش الإسرائيلي 125 مدرسة وجامعة بشكل كامل، و337 بشكل جزئي، فضلا عن تدمير كامل لنحو 201 مقر حكومي.
تدمير مرافق المياه
وحتى حزيران/ يونيو الماضي، قدرت وكالة 'الأونروا' أن 67% من مرافق المياه والصرف الصحي والبنية التحتية في قطاع غزة مدمرة أو متضررة من جراء الحرب. وبحسب تقرير لمنظمة 'أوكسفام' في تموز/ يوليو الماضي، فإن الحرب أدت إلى إتلاف أو تدمير 5 مواقع للبنية التحتية للمياه والصرف الصحي كل ثلاثة أيام منذ بداية الحرب.
'جريمة الحرب المائية'
وبحسب بيان مشترك للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وسلطة جودة البيئة، في 5 حزيران/ يونيو الماضي، فإن إجمالي المياه المتوفرة في قطاع غزة تقدر بنحو 10-20% من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان.
وبذلك تراجعت حصة الفرد الفلسطيني في القطاع من المياه بنسبة 94% خلال الحرب، حيث بالكاد يستطيع المواطن في قطاع غزة الوصول إلى 4.74 لترات من المياه يوميًا، مقارنة بوصوله لنحو 26.8 لتر يوميا لعام 2022.
وتبقى حصة الفرد الفلسطيني في غزة ضئيلة بموجب ما أقرته منظمة الصحة العالمية من حق كل فرد الحصول على 120 لترا يوميا، بما يشمل الاستخدام الشخصي والمنزلي.
ويتعمد الجيش الإسرائيلي استخدام التعطيش كسلاح ضد الفلسطينيين في حرب الإبادة، وفق ما أفاد به مسؤولون حقوقيون، في ما صنفته 'أوكسفام' ضمن 'جرائم الحرب'، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي منع دخول الوقود اللازم لتشغيل محطات المياه المتبقية في القطاع، إلا بكميات شحيحة جدا ما يعيق من وصول الفلسطينيين لحصتهم القليلة.
وأشارت 'أوكسفام'، في ذات التقرير، إلى أن تدمير البنية التحتية للمياه والكهرباء والقيود المفروضة على دخول قطع الغيار والوقود (في المتوسط خمس الكمية المطلوبة المسموح بدخولها) إلى انخفاض إنتاج المياه بنسبة 84% في غزة، حيث تضررت أو دمرت 88% من آبار المياه و100% من محطات تحلية المياه.
وفي السياق، انخفضت الإمدادات الخارجية للمياه من شركة المياه الإسرائيلية 'مكوروت' بنسبة 78%.
'شبكات الصرف الصحي'
ومنذ بدء الحرب، بلغت نسبة ما دمرته إسرائيل من مضخات الصرف الصحي نحو 70%، فضلا عن تدمير 100% من جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومخبرات اختبار جودة المياه، وفق تقرير 'أوكسفام'.
وتسبب هذا التدمير الواسع في تسرب مياه العادمة إلى الشوارع وخيام النازحين، حيث تتفاقم هذه المأساة في فصل الشتاء، ما يتسبب بانتشار الأمراض في صفوف النازحين. وحتى تموز/ يوليو الماضي، عانى أكثر من ربع سكان غزة، وفق أوكسفام، من 'أمراض خطيرة' كان يمكن الوقاية منها بسهولة؛ لكن انتشرت بسبب نقص المناعة المتزامن مع تسرب المياه العادمة وشح المياه اللازم للتنظيف والاستخدام الشخصي.
ووصل عدد من أصيبوا بالأمراض المعدية إلى أكثر من مليون و730 ألفا من أصل 2 مليون نازح، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة. كما ظهر مرض شلل الأطفال في القطاع لأول مرة منذ 25 عاما في آب/ أغسطس الماضي، ما دق ناقوس الخطر ودفع المؤسسات الصحية الدولية لتوفير التطعيمات وإطلاق حملة تطعيم في القطاع بالتعاون مع وزارة الصحة.
'التجويع سلاح آخر'
إلى جانب التعطيش، يستخدم الجيش الإسرائيلي التجويع كسلاح لقتل الفلسطينيين في حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها ضدهم في غزة، وسط إدانة أممية ودولية لذلك. ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حينما تشكلت ملامح المجاعة والتي بدأت في محافظتي غزة والشمال بسبب الحصار المشدد المفروض عليهما، تتواصل هذه الظروف الغذائية الصعبة التي تسببت بموت نحو 36 طفلا بسبب سوء التغذية.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، قالت الأونروا في بيان إن أكثر من 50 ألف طفل في القطاع بحاجة ماسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد، وذلك من أصل مليون و67 ألفا و986 طفلا دون سن 18 عاما، وفق تقرير للجهاز المركزي الفلسطيني.
وتتواصل حلقة التجويع في ظل منع إسرائيل وصول المساعدات الغذائية لغزة إلا بكميات شحيحة، إضافة لاستهداف المخازن الغذائية التي كانت تتواجد في القطاع والمخابز وشاحنات المساعدات والجوعى في تجمعات الانتظار للحصول على مساعدات.
وبحسب تقرير نشرته 'أوكسفام' في 6 أيلول/ سبتمبر الماضي، فإن 1 من كل 5 أشخاص يعيشون في غزة يواجهون 'مستويات كارثية' من الجوع، فيما قال برنامج الأغذية العالمي، في تموز/ يوليو الماضي، إن نصف مليون شخص في القطاع يواجهون 'مستويات كارثية' من الجوع.
وبينما كان يصل قطاع غزة نحو 600 شاحنة محملة بالمواد الغذائية يوميا قبل اندلاع الحرب، تقلصت الأعداد إلى نحو 50 شاحنة أو أقل، فيما تمنع إسرائيل في بعض الأيام دخولها.
ولا يتوقف الأمر على شح كميات الغذاء الواصلة للقطاع، إنما يتعلق أيضا بنوعيته حيث يعتمد غالبية الفلسطينيين هناك على المعلبات التي بالعادة تخلو من العناصر الغذائية المهمة وتحتوي على المواد الحافظة الضارة التي تخفض من مستويات المناعة.
وتشير منظمات أممية إلى تقليص العائلات الفلسطينية بغزة لوجبات الغذاء اليومية وسعراتهم الحرارية بشكل كبير، دون تحديدها.
التدمير الاقتصادي
دمرت إسرائيل بشكل ممنهج القطاع الاقتصادي بما فيه المنشآت والمصانع والمزارع وأسواق الأسماك، ما تسبب بخسائر مالية أولية مباشرة قدرها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة بحوالي 33 مليار دولار أميركي.
وبحلول كانون الثاني/ يناير الماضي، تسببت الحرب بفقدان نحو ثلثي الوظائف التي كانت موجود قبل اندلاعها، وفق ما ذكره تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد).
وإثر ذلك ارتفعت نسبة البطالة في القطاع من 45% قبل الحرب إلى 80% بعد الحرب، وفق تقرير لمنظمة العمل الدولية في يونيو الماضي.
وبذلك تكون نسبة الفقر في القطاع بحسب تقرير أونكتاد ارتفعت إلى 100%، بينما كانت 50% قبل الحرب وفق أرقام المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
ووفق أونكتاد، فقد تضرر ما نسبته 80 - 96% من الأصول الزراعية في القطاع، بما في ذلك أنظمة الري ومزارع الماشية والبساتين والآلات ومرافق التخزين، ما أدى إلى شل القدرة على إنتاج الغذاء وتفاقم مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة بالفعل.
وأوضح تقرير أونكتاد أن 82% من الشركات في غزة، التي تشكل محركا رئيسيا للاقتصاد، مؤكدا أن الحرب 'وضعت اقتصاد القطاع في حالة خراب'.