مواصفات لقبول السكان الجدد في المستوطنات "الإسرائيلية"

يمنح القانون الإسرائيلي المستوطنات التي تقطنها 400 عائلة، الحق في تشكيل لجان لتحديد معايير يتم وفقها قبول الراغبين في الإقامة فيها، يطلق عليها 'لجان القبول'.

وذكر تقرير نشرته صحيفة 'ذي ماركر'، أن القاسم المشترك للفئات التي ترفض تلك اللجان السماح لها بالسكن يتمثل في أنها تنتمي إلى الفئات الضعيفة اجتماعياً، وأن مستوطنات الضفة الغربية المحتلة تمنع المطلقين والعلمانيين، وكل من لا يتبنى التوجهات الأيديولوجية اليمينية من السكن فيها.

وأعادت الصحيفة إلى الأذهان حقيقة أن الكثير من الأزواج الشباب يتوجهون للإقامة في مستوطنات الضفة الغربية، وأن ذلك ليس لدواع أيديولوجية، بل لأسباب اقتصادية، حيث إن أسعار الشقق في هذه المستوطنات متدنية مقارنة بالأسعار داخل إسرائيل.

واستدلت الصحيفة بما حدث للمستوطن نريا حبرا (38 سنة) والذي اضطر إلى الإقامة بالأحياء اليهودية في القدس المحتلة لأن 'لجان القبول' في ثلاث مستوطنات واقعة في الضفة الغربية رفضت طلبه السكن فيها لأنه 'مطلق'. ونقلت عنه قوله إن 'بعض المستوطنات يمكن أن تسمح لمن ترفضه لجان القبول بالإقامة، لكن من دون تقديم كثير من الخدمات، خصوصاً الخدمات الأمنية، وذلك لإجباره على مغادرة المكان طواعية. اتصلت بوزير المالية، بتسليل سموتريتش، وطلبت مساعدته، فتواصل مع حاخامات داخل المستوطنات التي رفضت قبولي، لكنه لم ينجح في تغيير قرار لجان القبول'.

وأشارت الصحيفة إلى أن لجان قبول مستوطنات في الجليل والنقب ترفض السماح لفلسطينيي الداخل بالسكن فيها لدواع عنصرية، وأن هؤلاء توقفوا عن تقديم طلبات للإقامة فيها.

ومن أجل توسيع دائرة 'التجانس الأيديولوجي والاجتماعي' داخل مستوطنات الضفة الغربية، تقدمت حركة 'الصهيونية الدينية'، بمشروع قانون يسمح للمستوطنات التي تقطنها أكثر من 1000 عائلة بتشكيل لجان قبول لتحديد معايير الذين يسكنون فيها.

ويشير موقع 'شومريم'، الذي يعنى برصد أنماط الحراكات الاجتماعية في إسرائيل، إلى واقعة تقدم عائلة بطلب إلى لجنة القبول في إحدى مستوطنات الضفة الغربية، والموافقة على الطلب، لكن بعد تخصيص المستوطنة بقطعة أرض لتبني العائلة بيتها عليها، انفصل الزوج عن زوجته، فتراجعت لجنة القبول عن منح الإذن بالإقامة في المستوطنة، وأكد الزوج أنه تم رفض الطلب على الرغم من أنه ينتمي إلى ذات التيار الديني، لكونه مطلقا.

ونقل الموقع عن شخص رفض طلبه للسكن في إحدى مستوطنات الضفة، قوله إن 'رفض الطلب جاء لأن أعضاء اللجنة معنيون بأن يشبه جميع سكان المستوطنة بعضهم البعض من حيث أنماط السلوك الاجتماعي والتوجهات الأيديولوجية'.

وحدث تطور على عمل وصلاحيات لجان القبول في عام 2011، حين سن الكنيست قانوناً ينظم تشكيلها، ويمنحها المسوغ القانوني لرفض قبول أشخاص لا ينسجمون مع المعايير التي تحددها، وذلك لقطع الطريق على تقديم التماسات أمام المحكمة العليا.

وأوضح موقع 'شومريم' أن القانون 'صيغ بشكل فضفاض يمنح لجان القبول هامش مناورة كبيرا، ويمكنها من رفض أو قبول الطلبات حسب معايير تضعها بنفسها. فعلى الرغم من أن القانون حظر رفض قبول إقامة شخص بسبب دينه، أو قوميته، أو جنسه، إلا أنه في الوقت ذاته منح اللجان الحق في رفض أو قبول الطلبات استنادا إلى رؤيتها لمتطلبات 'التكيف مع النسيج الاجتماعي'، ما يسمح لأعضاء اللجان بالتغطية على الأسباب الحقيقية لرفض طلبات الإقامة في المستوطنات. وكان الهدف من سن القانون هو تقليص قدرة فلسطينيي الداخل على السكن في مستوطنات منطقتي النقب والجليل.

وضرب الموقع مثالا بعائلة قعدان، وهي من فلسطينيي الداخل، والتي رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية التماسا قدمته للإقامة في إحدى البلدات الزراعية في الجليل، وأوضح أن كثيرا من الشكاوى قدمها أشخاص تم رفض قبول طلبهم السكن لمجرد أنهم 'شرقيون' أو 'مثليون'.

ولفت المحامي جيل جان مور، محامي 'جمعية حقوق المواطن' في إسرائيل، إلى أن 'لجان القبول' تبرر رفض كثير من طلبات السكن بالقول إن 'هذا ما يتطلبه الحفاظ على التضامن الاجتماعي'؛ لافتاً إلى أنه 'تبين أن هذا المسوغ غير موضوعي كون الكثير من العوائل التي تقطن في القرى والمستوطنات لا ترتبط ببعضها بعلاقات'.

وأبرز الصحافي شوكي سديه، معد التحقيق الذي نشره 'شومريم' حول هذه الظاهرة، حقيقة أن 'منتدى كهالات'، وهو مركز أبحاث يتبع التيار الديني القومي اليهودي، هو الذي يقف وراء المبادرات الهادفة إلى تكريس ظاهرة 'لجان القبول'، ونقل تجربتها إلى بلدات وقرى أكبر، لافتاً إلى أن هذا المنتدى يقف أيضاً وراء خطة 'التعديلات القضائية' التي طرحتها حكومة بنيامين نتنياهو، والهادفة إلى تقليص صلاحيات الجهاز القضائي في إسرائيل.

وتقر الصحافية إميلي عمروسي، الناطقة السابقة بلسان 'مجلس المستوطنات اليهودية' في الضفة الغربية، بأن حرص هذه المستوطنات على التشبث بلجان القبول يهدف إلى الحفاظ على 'الطابع الديني' لها، لكنها تضيف: 'تبين أن عددا من المتدينين المتزوجين الذين سمحت لجان القبول لهم بالسكن في المستوطنات هم من المتحرشين بالأطفال'.