اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
بعد فشل (إسرائيل) في إخضاع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عسكريًا رغم استخدام أقصى درجات القوة على مدار أكثر من عامين، تسعى واشنطن اليوم إلى إعادة صياغة المشهد عبر أدوات سياسية ودبلوماسية جديدة تُبقي على هدفها المركزي: إخراج حماس من معادلة الحكم في غزة وتفكيك بنيتها السياسية والعسكرية، ولكن دون خوض حرب مباشرة.
في هذا السياق، يرى الأستاذ في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، د.حسن منيمنة، أن ما يبدو 'هدنة' في غزة ليس سوى مرحلة جديدة من الصراع تُدار بوسائل مختلفة، وأن الولايات المتحدة تعمل على تحويل الفشل العسكري الإسرائيلي إلى خطة سياسية طويلة المدى، تهدف لتغيير قواعد اللعبة تحت غطاء 'السلام' و'إعادة الإعمار'.
مرحلة جديدة
ويقول منيمنة لـ 'فلسطين أون لاين'، إن جوهر الأزمة لا يكمن في حجم الخروقات الإسرائيلية فحسب، بل في غياب التوافق على ما بعد المرحلة الأولى من تبادل الأسرى، وهو ما يمهد لمرحلة جديدة من الصراع 'تُدار تحت مسمى الهدنة'.
ويضيف: ان 'الموقف الأمريكي والإسرائيلي يذهب إلى أن حماس قد وافقت على تسليم السلاح، بينما تؤكد الحركة أنها لم توافق على ذلك إطلاقاً، وأن موقفها يقوم على توجه لإدارة فلسطينية ذاتية محلية في غزة، مع إعادة إعمار وحماية دولية'. مشيرًا إلى أن (إسرائيل) والولايات المتحدة لم توافقان على هذا التوجه، ما يجعل الحديث عن تقدم في الاتفاق أمراً غير واقعي.
ويرى أن الانتقال إلى المرحلة الثانية غير متحقق أساسًا، إذ يقول: 'ليس هناك انتقال إلى المرحلة الثانية، هناك تأسيس لمرحلة جديدة هي مرحلة استمرار الحرب مع زعم السلام أو على الأقل زعم الهدنة'.
ويستشهد بتصريحات نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس الذي وصف ما يحدث بـ'المناوشات الطفيفة'، وبما قاله ماركو روبيو عن أن 'الخطة لا تزال قائمة' وأن '(إسرائيل) لم تتخل عن حقها بالدفاع عن النفس»، وهذا يعني بحسب منيمنة أن 'الحرب مستمرة بوتيرة مختلفة'.
ويضيف أن الهم الأميركي الاستراتيجي يبقى 'تحقيق الأهداف المتوافق عليها أميركياً وإسرائيلياً، أي إنزال الهزيمة بحماس بشكل نهائي'، موضحًا أن (إسرائيل) فشلت في تحقيق ذلك عبر 'القوة الضاربة' ثم عبر 'القوة ما فوق الضاربة والإفراط في استخدام القوة'، وأن ما يجري اليوم هو 'شكل ثالث من السعي لتحقيق هذه الأهداف، مع إزالة العقبة الأساسية أمام ذلك وهي الأسرى الإسرائيليين الذين تم تسليمهم'.
ويعتبر منيمنة أن وصف الإدارة الأميركية للعدوان المستمر بأنه 'مناوشات' بعد استشهاد عشرات الفلسطينيين، مقابل اعتبار مقتل جنديين إسرائيليين 'خطاً أحمر'، يكشف محاولة لفرض واقع سياسي جديد يقوم على 'تأطير الحرب كسلام'.
ويجزم أن التحركات الدبلوماسية الأميركية الأخيرة، بما فيها زيارات ويتكوف وكوشنر وماركو روبيو، لا تهدف للضغط على (إسرائيل)، بل 'لمطالبتها فقط بأن يأتي عملها ببعض التلطيف كي لا يحرج الرئيس الأميركي'، مؤكداً 'لا يمكن الافتراض بأن (إسرائيل) تتمرد على دونالد ترامب. هناك تناغم وتوافق بالمطلق'.
وعن تصريحات الرئيس الأميركي بأن لـ(إسرائيل) حق الانتقام من حماس، وأن الحركة سيتم القضاء عليها إذا لم تلتزم، يقول منيمنة إن 'هذا كان واضحاً منذ البداية'، إذ أن الهدف خطة ترامب، كما يرى، كان 'نزع ورقة الأسرى لدى حماس ومن ثم إيجاد السبيل الجديد للسعي للقضاء على حماس'.
ويضيف أن حديث ترامب عن 'التعامل بإنصاف' لا يحمل أي عدالة حقيقية، لأن 'معادلة أن الحياة الفلسطينية ليست لها القيمة التي هي للحياة الإسرائيلية قد تثبتت'، مشيرًا إلى أن الحديث عن 'إنهاء الحرب' كان دائماً 'من أجل إعادة الأسرى الإسرائيليين، وليس من أجل وقف معاناة الفلسطينيين'.
وعن ملف إعادة الإعمار، يقول منيمنة إن التصريحات الأميركية بخصوص 'ضمان استمرار الهدوء ودعم إعادة الإعمار' يجب أن تُقرأ عمليًا كطلبٍ للدول العربية لتمويل العملية، 'فالمطلوب هنا بالطبع هو تمويل عربي لإعادة الإعمار... وإعادة الإعمار تتم في المناطق الخاضعة لسيطرة (إسرائيل) وليس في المناطق الخاضعة لسيطرة حماس، بينما واشنطن لن تدفع، بل ستراقب وتشرف'.
وفي ختام حديثه، يؤكد منيمنة أن التوازن الإقليمي ما يزال قابلاً للتغيير إذا توفرت الإرادة والآليات: 'للدول العربية وللدول في المنطقة وللعالم أدوات كثيرة من أجل تصويب الموقف الأميركي ودفع هذا الموقف باتجاه الإنصاف الحقيقي. من هذه الأدوات ما تم استعماله من جانب قطر تحديداً... وكذلك ما أقدمت عليه السعودية تحديداً من اتفاق دفاعي مع باكستان... لو أن هذه الدول تألفت من أجل منظومة دفاعية لأرغمت الولايات المتحدة على إعادة النظر في هذا التأييد المطلق لـ(إسرائيل)'.
يذكر أنه في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، توصلت حماس و(إسرائيل) إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وفق خطة للرئيس الأميركي، وبوساطة من مصر وقطر وتركيا، لكن (إسرائيل) واصلت خرق اتفاق وقف إطلاق النار، مما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا الفلسطينيين.

























































