الاقتصاد أم السياسية .. ما أسباب ركود الأسواق في رمضان؟

عمون - تشهد الأسواق الأردنية خلال شهر رمضان المبارك لهذا العام ركودا غير مسبوق، دفع التجار لوصفه بالنكبة رغم ان الموسم الرمضاني عادة ما يكون موسمًا حيويًا للتجارة.

وتتعدد الأسباب التي ساهمت في ركود الأسواق، أبرزها تغير النمط الاستهلاكي خلال شهر رمضان وهو ما يتسبب بتقلبات العرض والطلب على المنتجات، إضافة إلى أن الأوضاع الاقتصادية والتحديات المالية التي يعيشها المواطن، إلى جانب الأحداث السياسية التي تشهدها المنطقة والعدوان على قطاع غزة.

الحقوقي والمحلل السياسي فوزي السمهوري أوضح لـ عمون أنه من حيث المبدأ هناك ترابط وثيق بين الأوضاع السياسية والإقتصادية بشكل عام، وخاصة في خضم الحروب أو النزاعات المسلحة.

وقال السمهوري، إن عدم الإستقرار يرخي بلا شك ظلاله ليس فقط على الأطراف المعنية، بل ايضاً على مستويات إقليمية ودولية، ومنها الاقتصادية كما هو حاصل في الحرب الاوكرانية وفي العدوان الهمجي الإرهابي الإسرائيلي على قطاع غزة وعموم الاراضي الفلسطينية المحتلة.

وأضاف أن تداعيات حرب الابادة والتطهير العرقي التي يشنها المستعمر الإسرائيلي لها تأثير خاص على البلاد لما تمثله فلسطين من قضية إستراتيجية للأردن بحكم الرابط التاريخي والجغرافي والديمغرافي رسميا وشعبيا.

وأوضح وجود عوامل عدة أدت إلى حدوث تراجع تراكمي على النشاط الإقتصادي منذ بداية العدوان الوحشي الإسرائيلي، أبرزها البعد النفسي للمواطن وهو يراقب المجازر المرتكبة على الشعب الفلسطيني عبر الفضائيات، ومتابعته للعجز عن إيقاف العدوان الذي أوقع عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمصابين من أبناء فلسطين في غزة وفي مدن وقرى الضفة الغربية.

وتابع أن تصريحات قادة الكيان الإسرائيلي بما يمثلونه من عنوان ورمز للتطرف والإرهاب العالمي، عن نواياهم التوسعية العنصرية والإرهابية لإعادة سيناريو أحداث عامي 1948 و1967 من تهجير قسري للشعب الفلسطيني خارج فلسطين تنفيذا للمخطط الإستعماري الإحتلالي الذي يصنف كجرائم حرب وتطهير عرقي وضد الإنسانية وصولا لتنفيذ 'يهودية الدولة'، والذي بدوره أسس لواقع عدم اليقين ومرحلة ترقب لدى شريحة واسعة من المواطنين وهو ما أدى إلى إتباع سياسة تقنين الإنفاق وبالتالي تراجع نشاط قطاع التجزئة الذي يعكس حركة النشاط الإقتصادي.

وبين السمهوري أن القلق من إتساع رقعة الحرب إقليميا وخاصة الجبهة اللبنانية وتصاعد حدة الحرب مع الحوثيين بناء على المعطيات اعلاه، جعلت المواطن يتبع سياسة التحوط النقدي وإنحسار الإستثمار الداخلي والخارجي، وهو ما يؤكد بأن هذه العوامل تقف وراء ركود الأسواق في شهر رمضان.

وتوقع، أنه وفي حال تم الاتفاق على هدنة مؤقتة خلال الأيام القادمة فيمكن ان تؤدي إلى تنشيط قطاع التجزئة.

من الناحية الاقتصادية، أكد الخبير الاقتصادي مازن ارشيد لـ عمون، أن الأردن يواجه في رمضان الحالي وضعًا اقتصاديًا تُعد فيه الأسواق من الأصعب خلال العقد الماضي، ويرجع ذلك جزئيا الى الارتفاع في الأسعار، والذي يؤثر سلبًا على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة مع ارتفاع تكلفة المعيشة وثبات الأجور والرواتب، مما يضعف القدرة الشرائية ويقلل الإقبال على الأسواق.

وأضاف أن معدل التضخم في الأردن قد شهد ارتفاعًا، حيث بلغ حوالي 2% على أساس سنوي في يناير، بسبب ارتفاع مؤشر المجموعة السلعية في البلاد، إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية والذي يؤثر بشكل مباشر على نفقات الأسرة، حيث تشير دراسة إلى ارتفاع أسعار 22 سلعة أساسية بنسبة 5% للخضار، وارتفاعات في أسعار اللحوم والمواد التموينية الأخرى كالسكر والارز والحليب المجفف التي يتم استيرادها عادة بأسعار عالمية مرتفعة.

وأكد ارشيد أن الارتفاع في تكلفة المعيشة يؤثر بشكل كبير على المواطنين الأردنيين، خاصة الفئات ذات الدخل المحدود والطبقة المتوسطة، الأمر الذي يدفعهم إلى ترشيد الشراء واعتماد سلوك المقاطعة للسلع مرتفعة الأسعار.

وقال إنه وعلى الرغم من الجهود الحكومية لضبط الأسواق وفرض سقوف للأسعار على بعض السلع، فإن تأثير هذه الجهود قد يكون محدودًا في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.