اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن مقترحٍ أمريكي بالاتفاق مع 'اسرائيل' لوقف الحرب على غزة لإخراج 'اسرائيل' من حالة العزلة الدولية والدبلوماسية التي وصلت ذروتها منذ بدء الحرب على غزة ، كما يضمن تدمير حركة حماس ونزع سلاحها المهدد لوجود 'اسرائيل' كما يولي القطاع لحكم 'توني بلير' كحاكمٍ مؤقت.
في خطوةٍ تترجم الدعم الأمريكي المطلق ل 'اسرائيل' وإعادة الأخيرة لفرض هيمنتها وسيطرتها على المنطقة باعتبارها الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية بعد موافقة الدول العربية والاسلامية ذات الوزن في الاقليم على المبادرة، ليمهل ترمب حركة حماس فرصةً للرد بالموافقة على المبادرة حتى مساء يوم الأحد بتوقيت واشنطن.
وخلال المهلة كان رد حماس على المقترح الأمريكي ليس جديدًا، حيث إنها تصرفت تصرفًا عقلانيًا يصب في مصلحة شعبها ويظهرها كلاعب سياسي يستثمر كافة أوراق الضغط التي يمتلكها مع مراعاة المعاناة التي يعانيها أهل القطاع حيث لم ترفضه رفضًا قاطعًا فتشرعن الاستمرار في الحرب ولم تقبله كما هو فتكون قد رضخت للمطالب الأمريكية التي تحقق المصالح 'الاسرائيلية'.
حيث إنها لم توافق على نزع السلاح ولم تتنازل عن موقفها بالانسحاب الكامل من القطاع ولم تقبل بأقل من عملية تبادل للأسرى وتوفير ظروف أمنية لذلك، كما أنها لم تقبل بلجنة دولية تحكم غزة سواء بقيادة بلير أو غيره مع التزامها بضرورة بقاء البيت الفلسطيني مستقل في حكم ذاته دون إشراك الخارج.
وقد زادت حماس من خلال ردها في عملية ترسيخ إعادة ترتيب البيت الفلسطيني رافضةً لعب نتنياهو على وتر الانقسام الفلسطيني، كما لم تسمح للإدارة الأمريكية بإعطاء الغطاء الشرعي لاستمرار الإبادة بحق الشعب الفلسطيني بعد موافقة الدول العربية والاسلامية الوازنة على المبادرة.
لتكون قد أعادت الكرة لملعب الإدارة الأمريكية، وتضع نتنياهو في زاوية عدم القدرة على المناورة كثيرًا لكنه كعادته سيراوغ من أجل عدم إسقاط حكومته، لذا يمكن أن يذهب نتنياهو لإشعال جبهاتٍ أخرى لتستمر الحرب وتشتعل في الاقليم.
لذلك أعتقد أن على دول المحور (إيران، لبنان، اليمن) دراسة المتغيرات اللإقليمية بعناية، ويُضافُ لها هذه المرة سوريا التي كانت سابقًا ضمن المحور (قبل سقوط النظام) والتي لم تتوقف 'اسرائيل' عن الاعتداء عليها في محاولةٍ منها لترسيخ احتلال أجزاء منها تحت بند الضرورة الأمنية، كما أظهرت تقارير 'اسرائيلية' عن تعبئة الجيش المصري لقواته في مناطق سيناء المحاذية للحدود المصرية 'الاسرائيلية'.
بالتزامن مع ذلك كان خطاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في القمة العربية التي حمل فيها مبادرةً مصريةً للدول العربية بتشكيل تحالف يمنع 'اسرائيل' من الاعتداء على الدول العربية بعد محاولتها اغتيال قادة حماس في الخارج مغيرًا للأبجديات السياسية المصرية حيث وصف 'اسرائيل' في خطابه ب 'العدو'في سابقةٍ تعتبر الأولى من نوعها منذ توقيع اتفاقية السلام كامب ديفيد في العام 1979.
بهذا تناور حماس سياسيًا بذكاء عالي كما يناور ذراعها العسكري في الميدان، لذلك لا يمكن التفرقة بين الجناح السياسي والجناح العسكري في حماس فالقول يعود أولًا وآخرًا للميدان، كما أن الإدارة الأمريكية توقن تمامًا أن العملية العسكرية التي كان من المخطط تنفيذها من القوات 'الاسرائيلية' ضد أهل القطاع ليست سوى موتًا جديدًا ستفرضها عليهم، فحدود المعاناة الممكنة تجاوزت الحدود التي يمكن أن تؤثر على الإرادة السياسية لديهم.
الخلاصة:
يكشف المقترح الأمريكي عن تحول أعمق في طبيعة الصراع الفلسطيني 'الاسرائيلي'، حيث لم يعد مقتصرًا على المقاومة الفلسطينية أو محور المقاومة برمته بل تعدى ذلك أشواطًا بعيدة ليصبح اختبارًا لشرعية النظام الاقليم، حيث إن العزلة التي تحاول الولايات المتحدة إقناذ الاحتلال منها لم تكن عزلة دبلوماسية فحسب بل تتعدى ذلك لعزلة دبلوماسية سياسية أخلاقية، كما أن الولايات المتحدة تحاول ترميم صورتها أمام شعبها الناشئ على القيم الأمريكية من خلال المقترح.
فيما تبرز حماس كلاعب سياسي يعيد تعريف موازين القوى في المنطقة خلال الحرب مع مراعاة رأي القوى والفصائل الفلسطينية، كما أن دخول قوى جديدة على خط المعادلة كمصر وسوريا يشير لمرحلة تتبدل فيها الاصطفافات ويعاد خلالها قراءة الأمن القومي العربي من زاوية التهديد 'الاسرائيلي' وليس من منظور التحالف معه كما كان يجري خلال اتفاقات أبراهام.
لذا، يمكن أن يحمل المقترح حال البدء في مسار المفاوضات لتحقيق اختراق يؤدي لصفقة تبادل وانسحاب كامل من القطاع وإدخال للمساعدات وإعادة إعمار القطاع بدايةً لمرحلة إعادة تموضع إقليمي تُكتب ملامحها عربيًا واسلاميًا، خصوصًا أن رد حماس لم يتربط بتنازلات كبيرة إنما بتحقيق المطالب التي طالبت بها منذ بدء الحرب.