لغز كيسنجر: ما وراء نظرية مؤامرة حرب يوم الغفران؟

نشرت القناة الـ 13 العبرية، تقريرًا تحت عنوان: 'لغز كيسنجر: ما وراء نظرية مؤامرة حرب يوم الغفران؟'.

وقالت القناة الإسرائيلية: 'لم نكن لنحقق نجاحاً أكبر حتى لو قمنا بتحضير السيناريو!': هنري كيسنجر للرئيس الأمريكي جيرالد فورد حول حرب يوم الغفران'.

التاريخ – السادس من أكتوبر عام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين، الوقت – قبل الساعة الثانية بعد الظهر ببضع دقائق. دولة إسرائيل بأكملها صامتة، فقط أصوات المصلين تُسمع من المعابد، هذا هو يوم الغفران. لقد تم حشد قوات الاحتياط قبل ساعات قليلة ولكن لا أحد يفهم السبب. إن الحكومة الإسرائيلية، بقيادة غولدا مائير، تعيش في خضم نقاش عاصف حول ما إذا كان ينبغي توجيه ضربة استباقية للجيش المصري، الذي ينوي، وفقاً لمعلومات استخباراتية مبكرة، مهاجمة إسرائيل. لكن النقاش يطول ولا يوجد اتفاق. وفجأة، غطى صوت صفارة الإنذار كل شيء – سوريا ومصر تعلنان الحرب على إسرائيل. وتستمر الحرب ثمانية عشر يومًا، سواء من الجبهة الجنوبية أو من الجبهة الشمالية، وتودي بحياة 2656 إسرائيليًا. هذه هي أصعب حرب عرفتها دولة إسرائيل على الإطلاق.

الإخفاقات الاستخباراتية لدولة إسرائيل

السبب الرئيسي لعدم تطور نظريات المؤامرة حول حروب مثل 'الأيام الستة' أو 'عملية الجرف الصامد'، ربما هو أن الإخفاقات وسلوك الإدارة في هذه الحرب، كان غير منطقي تقريبا. لذا، لكي نفهم نظرية المؤامرة وراء حرب يوم الغفران، دعونا نحاول أن نفهم أين بدأ كل شيء.

لقد تلقت دولة إسرائيل معلومات استخباراتية مبكرة من عدد من المصادر تفيد بأن الحرب ستندلع، ومع ذلك، تظل الدولة الفتية غير مبالية. وردت تقارير عن تحركات غير عادية للقوات العسكرية المصرية من وحدة تجميع أمان بشكل يومي تقريبًا، بالإضافة إلى تقارير تفيد بأن السوريين كانوا يزيدون قواتهم وأفرادهم العسكريين. لكن التقارير لم تؤخذ على محمل الجد.

العاهل الأردني الملك حسين، الذي كان على اتصال وثيق برئيسة الوزراء في ذلك الوقت، غولدا مائير، أخبرها صراحة أن سوريا ومصر يعتزمان مهاجمة إسرائيل، ولكن هنا أيضا، تلاشت المعلومات تحت الكبرياء الإسرائيلي بعد عام 67. كما أبلغت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إسرائيل، بأن سوريا تعتزم الهجوم. حتى أن العميل أشرف مروان التقى برئيس الموساد في ذلك الوقت تسفي زامير، وأعطاه الخطط الحربية الدقيقة لسوريا ومصر. ولسوء الحظ، يمكننا الاستمرار في التحذيرات لأن هذه القائمة الحزينة تطول، لكن الإجابة على السؤال 'لماذا لم يفعل أحد أي شيء؟'، تظل غامضة.

نتائج الحرب وبداية نظريات الاتصال

في نهاية حرب يوم الغفران، تم إنشاء لجنة أغرانت، وهي لجنة حكومية برئاسة رئيس المحكمة العليا السابق الدكتور شمعون أغرانت، للتحقيق في الكارثة، واستقالة رئيسة الوزراء غولدا مئير ورئيس الأركان ديفيد إليعازر من منصبيهما. فصل اللواء إيلي زايرا وجنرال القيادة الجنوبية شموئيل جونين من الجيش الإسرائيلي. إن كامل وجود الوطنية والدولة الذي ساد في دولة إسرائيل منذ نشأتها ينهار، والهيئات المركزية في البلاد، وخاصة وسائل الإعلام، التي كانت حتى ذلك الحين هيئة موالية للحكومة، تغير وجوهها وتبدأ حقبة ما بعد الحداثة الجديدة في دولة إسرائيل.

الآراء السائدة حول سبب التجاهل التام لتلك العناصر المركزية في الإدارة تعود بالأساس إلى مشاعر النشوة والفخر بعد حرب الأيام الستة. كما أن الانتخابات المقبلة والاعتبارات السياسية وراء التعبئة الجماهيرية للاحتياط في يوم الغفران، والازدراء الكبير للجيوش العربية، وخاصة الجيش المصري، 'المفهوم' الذي صاغه قسم أبحاث أمان، وخاصة غطرسة الجيش. سلاح الجو الإسرائيلي الذي لن يهزمه أي عدو.

لكن الكثير من الناس الطيبين لم يكتفوا بهذا لهذه الأسباب. كان الشعور بالخسارة شديدا للغاية، وانهار الأمن القومي على الأرض، لذلك ليس من المستغرب أن تصدعت ثقة المواطنين في الحكومة.

نظرية 'المؤامرة الثلاثية'

النظرية الرئيسية المتعلقة بحرب يوم الغفران صاغها الدكتور أوري ميلشتاين، الذي كتب فيما بعد كتابًا حولها بعنوان 'النصر ذو احتمالية منخفضة – حقائق حول حرب يوم الغفران'، وتسمى النظرية 'لغز كيسنجر' أو 'طريقة ميلشتاين'. وهي تدعي أن الرئيس المصري أنور السادات، ووزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، ووزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان، دبروا مؤامرة كان من المفترض أن تؤدي إلى اتفاق سلام، وهو ما يدعو إلى السخرية إلى حد ما. ومن هنا أيضًا يأتي اسمها الآخر – 'المؤامرة الثلاثية'.

في قاعدة النظرية، فإن دولة إسرائيل 'سوف تسمح' للجيش المصري باختراق حدودها وتحقيق نصر بسيط في قناة السويس، وبالتالي يستعيد الجيش المصري شرفه المفقود عام 67، ويقوض الأمن الإسرائيلي. وبعد ذلك ستهزم دولة إسرائيل الجيش المصري وتعيد تاجها إلى مجدها السابق، ولكن ليس قبل أن تصبح مستعدة للتخلي عن السيطرة على شبه جزيرة سيناء. وسوف تجادل مصر بأن الجيش الإسرائيلي متفوق على جيشها، وليس أمامه خيار سوى التوصل إلى اتفاق سلام.

محرك الدمية الأمريكية والدور الإسرائيلي

وبحسب النظرية فإن هنري كيسنجر كان كاتب السيناريو والمخرج والممثل الرئيسي في الحرب. والولايات المتحدة التي كانت في ذلك الوقت تخوض حرباً باردة ضد الاتحاد السوفييتي، وضعت لنفسها هدفاً يتمثل في نقل مصر من الحماية السوفييتية إلى الحماية الأميركية، وكان الطريق إلى تحقيق هذا الهدف هو أن تقوم الولايات المتحدة بفرض وقف إطلاق النار على دولة إسرائيل، والانسحاب من قناة السويس. وبهذه الطريقة ستدرك مصر أن الولايات المتحدة متفوقة على الاتحاد السوفييتي، كما ستحصل الولايات المتحدة على اتفاقية سلام تاريخية تحت جناحيها، وهي خطوة سياسية من شأنها أن تساعد في تعزيز الحكومة الحالية التي حكمت الولايات المتحدة.

ولكي يتم تنفيذ 'المؤامرة' كما هو مخطط لها، يجب على دولة إسرائيل أن تتجاهل المعلومات الاستخباراتية التي تأتي من مصادر أجنبية، وألا تحشد جيش الاحتياط، وألا تشن هجوما مفاجئا على مصر. وبما أن عدد قليل جدا من الناس يعرفون عن وجودها، فلا ينبغي الكشف عن الخطط السرية. ومن الناحية العملية، وعلى الرغم من ما يسمى 'التزام' ديان تجاه كيسنجر، فقد تم حشد قوات الاحتياط، لكن حقيقة حشدها بعد خمس ساعات فقط من وصول نبأ الحرب المؤكد، تعزز أنصار النظرية.

الإجابات على النظرية

وحتى يومنا هذا، تثير هذه النظرية غضبًا كبيرًا بين العديد من المواطنين الإسرائيليين، ولكن أيضًا بين عدد غير قليل من أتباع الحسيدية. ليس من المؤكد أن جرح حرب يوم الغفران الدموي سيلتئم، لذا سنعود ونقول إن هذه نظرية مؤامرة، وليس هو الرأي المقبول حول اندلاع الحرب. وفي معارضة النظرية، نُشر كتاب 'فعل لم يكن أبدًا' من تأليف أفيرام باركاي، الذي يعارض بشدة نظرية الارتباط لميلشتاين.

وفي نفس الوقت سنذكر أيضًا – لا تخف من طرح الأسئلة، اهتم وتحقق، وتحقق من جوانب عديدة، وإذا كانت هناك جملة تصف الواقع الذي نعيشه اليوم، فمن المحتمل أنه 'لا يوجد' حقيقة واحدة'. آمل أن تكونوا متعلمين، حتى المرة القادمة.

أقرأ أيضًا: بين حرب يوم الغفران وصفقة السلام مع السعودية