اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شهاب للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٧ أيار ٢٠٢٥
تقرير - شهاب
في أحد أسرّة قسم سوء التغذية بمستشفى الرنتيسي التخصصي في مدينة غزة، ترقد الطفلة غادة ذات الأربعة أعوام، بجسد هزيل وعينين غائرتين تنظران بصمت موجع لا يشبه براءة الطفولة. لا شيء يشبه الطفولة في حياة غادة اليوم... سوى اسمها.
غادة تعاني من مرض السكري وسوء تغذية حاد، ومؤخراً اكتشف الأطباء أنها مصابة بحساسية القمح، ما يستدعي حمية غذائية دقيقة، لكن الواقع يقول شيئًا آخر. والدتها، سحر البهتيمي، تكاد تنهار وهي تروي معاناتها.
تقول الأم سحر (30 عاما) لوكالة شهاب، 'بنتي بحاجة لطحين خاص لحالتها، ما بنلاقيه بالسوق، ولا استلم شهريا اكثر من ٢ كيلو إذا توفر، وهذا ما بكفيها أبدًا... ولا حتى الدواء، الإنسولين غير متوفر، وأنا عاجزة قدام مرضها وجوعها.'
مأساة غادة ليست حالة فردية، بل جزء من أزمة متفاقمة تضرب أطفال غزة الذين يُحرمون من الغذاء والدواء بسبب استمرار الحرب وإغلاق المعابر.
طفلة أخرى... ونفس الجوع المؤلم
ليست غادة وحدها، بل هناك سارة ابو الخير، ذات الثلاثة أعوام، التي وصلت المستشفى بنفس الأعراض: نحول شديد، كتل عظمية تحت الجلد، والتهابات متكررة لا يوقفها دواء.
تقول والدتها سناء لوكالة شهاب، بحزن شديد: 'كانت سارة تحب الحليب، اليوم صار الحليب حلم. كل ما في الخيمة كسرة خبز وحفنة من العدس وبعض المعلبات، والطفلة بتبكي طوال الليل.'
وتضيف الأم لا يوجد أي نوع من الفواكه كما أن الخضروات أسعارها مرتفعة ولا استطيع شرائها، لذا اضطر لطبخ الفاصوليا والبازيلاء المعلبة والتي أوشكت على النفاذ.
وتتمنى سناء أن تتوقف الحرب وأن تفتح المعابر أبوابها لدخول المواد الغذائية بكافة أنواعها، معقبة ' بكفي جوع وحرمان للأطفال اللي ما الهم ذنب ولا خطيئة'.
كارثة
الطبيب راغب ورش أغا، رئيس قسم الجهاز الهضمي بمستشفى الرنتيسي، يشرح حجم الكارثة بصراحة مؤلمة قائلا:
'بيجينا أطفال كتير عندهم نقصان وزن شديد ومناعة ضعيفة، وهذا بيؤدي لالتهابات حادة، وبعض الحالات بتنتهي بالوفاة.
وأضاف في حديث خاص لوكالة شهاب، نحاول السيطرة على الالتهابات، بس بدون غذاء وحليب ودواء... إحنا بنعالج بالأمل مش بالأدوات.'
ويضيف: 'قبل الحرب كان عندنا ٨ أنواع من الحليب الخاص للأطفال، اليوم ما عنا ولا نوع. إذا استمر إغلاق المعابر، عدد الأطفال اللي راح يعانوا من سوء تغذية حاد رح يزيد، ومعه تزيد نسب الوفيات.'
من جانبها تدق المنظمات الدولية ناقوس الخطر
في آخر تقرير لها، حيث حذرت منظمة اليونيسف من كارثة إنسانية وشيكة في غزة، قائلة إن أكثر من ٣٠٪ من الأطفال تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، ونقص الحليب والأدوية يجعل الوضع يتجه نحو الكارثة بسرعة.
منظمة الصحة العالمية أكدت بدورها أن استمرار إغلاق المعابر سيؤدي إلى 'انهيار المنظومة الصحية بالكامل' في القطاع، وأن الأطفال هم أول الضحايا.
غادة، وسارة، وعشرات الأطفال الآخرين... وجوه صغيرة تقف في طابور الانتظار على أمل فتح معبر، أو عبوة حليب، أو جرعة دواء... قبل أن يفوت الأوان.