اخبار فلسطين
موقع كل يوم -شبكة مصدر الإخبارية
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
رام الله – مصدر الإخبارية
عمَّقت إسرائيل أزمة السلطة الفلسطينية المالية بعد امتناعها عن تحويل أموال العوائد الضريبية عن شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين؛ ما جعل السلطة عاجزة عن دفع جزء من رواتب موظفيها وكثير من التزاماتها الأخرى.
وقال المحاسب العام في وزارة المالية محمد ربيع للإذاعة الرسمية، الثلاثاء، إنه «لا موعد محدداً حتى الآن لصرف الرواتب»، تاركاً نحو 240 ألف موظف في وضع مجهول.
وجاء تصريح ربيع بعد مطالبات نقابات وموظفين بصرف رواتبهم، وحملة غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتدفع السلطة منذ أكثر من عامين رواتب منقوصة للموظفين في القطاعين المدني والعسكري، بسبب اقتطاع إسرائيل نحو 50 مليون دولار من العوائد الضريبية، تساوي الأموال التي تدفعها السلطة لعوائل مقاتلين قضوا في مواجهات سابقة، وأسرى في السجون الإسرائيلية.
وعمَّقت الحرب على غزة هذه الأزمة، بعدما بدأت إسرائيل باقتطاع حصة القطاع كذلك، وحصة أخرى لتعويض عائلات قتلى إسرائيليين، وحصص ثالثة لتحصيل بدل «ديون» على الفلسطينيين مثل أثمان كهرباء ووقود وخدمات طبية.
أموال المقاصة
بموجب «اتفاق أوسلو»، تجمع وزارة المالية الإسرائيلية الضرائب نيابة عن الفلسطينيين عند استيراد السلع من الخارج إلى السلطة الفلسطينية، وتُجري إليها تحويلات شهرية تشكل 75 في المائة من ميزانيتها السنوية، وتتراوح بين 750 و800 مليون شيقل في الوضع طبيعي.
وتحاول السلطة دفع ما قيمته 70 في المائة من رواتب موظفيها شهرياً، واضطُرت إلى دفع راتب شهر أبريل (نيسان) على دفعتين بواقع 35 في المائة لكل دفعة.
وبحسب وزارة المالية، فإن قيمة المتأخرات المستحقة للموظفين في ذمتها حتى نهاية مايو الماضي تبلغ نحو 1.8 مليار دولار.
وتقول السلطة الفلسطينية إن مجموع الأموال المحتجزة من أموال المقاصة لدى إسرائيل وصل إلى 8.5 مليار شيقل (2.5 مليار دولار).
ويأتي الضغط الإسرائيلي في وقت تراجعت فيه المساعدات الخارجية بقوة.
وقال ربيع إن 70 في المائة من إيرادات السلطة تأتي من أموال المقاصة، و25 في المائة من الإيرادات المحلية، بينما لا تتجاوز المنح والمساعدات الخارجية 5 في المائة.
اتصالات مكثفة
تُظهر الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة المالية الفلسطينية أن خزينة السلطة تلقت 400 مليون شيقل فقط في أول 4 أشهر من العام الحالي، ذهب منها 75 مليون شيقل إلى دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين ودعم مشافي القدس.
ومع امتناع إسرائيل عن تحويل أموال المقاصة عن شهري مايو ويونيو، والبالغة نحو 890 مليون شيقل بعد الاقتطاعات، كثفت السلطة اتصالاتها مع وسطاء ودول عربية وأوروبية من أجل الضغط على إسرائيل للانتظام في تحويل أموال المقاصة، والإفراج عن الأموال المحتجزة، وبدأت تفكر في بدائل محتملة.
وأثارت وزيرة الخارجية والمغتربين، فارسين شاهين، الموضوع مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط، دوبرافكا سويكا، في بروكسل.
وأكدت شاهين أن الأموال المحتجزة في إسرائيل تمثل حقاً مشروعاً للشعب الفلسطيني، وطالبت بضرورة ممارسة الضغط من جميع دول الاتحاد الأوروبي على الحكومة الإسرائيلية للإفراج الفوري عن أموال المقاصة، معتبرة استمرار احتجازها غير قانوني.
وقالت: «إن التعامل مع إسرائيل بالأساليب التقليدية لم يعد مجدياً، وهناك حاجة فعلية لفرض عقوبات بسبب انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي».
لكن هذه الضغوط لم تلقَ استجابة في إسرائيل.
وقال ربيع: «كل الضعوط من دون نتائج».
الخطط البديلة
أجبر هذا الوضع السلطة على التفكير في إيجاد خطط بديلة لصرف الرواتب أو جزء منها.
وقال ربيع: «وضعنا خططاً بديلة لصرف الرواتب، قد تتضمن الاستعانة بتمويلات مختلفة عبر البنوك، رغم أن السلطة تجاوزت سقف الاقتراض منها، والذي تجاوز حالياً 3 مليارات دولار».
والأسبوع الماضي، أكد مسؤول فلسطيني أن السلطة قد تدفع نسبة 35 في المائة وربما أكثر أو أقل، بحسب ما يتوافر لها من موارد.
وشكَّل هذا ضغطاً أكبر على الوضع الاقتصادي في الضفة، والموظفين عموماً.
وبعد سلسلة من الإضرابات والتهديدات وموجات الغضب، وجَّهت الحكومة الفلسطينية تعميماً إلى جهات الاختصاص للتواصل مع قطاعات التعليم العالي والاتصالات وهيئات الحكم المحلي وهيئة التقاعد «لاتخاذ ما يلزم من إجراءات تُراعي الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها موظفو القطاع العام في ظل تأخر صرف الرواتب واستمرار الأزمة المالية نتيجة استمرار الاحتلال في احتجاز أموال المقاصة».
وقالت الحكومة إن ذلك يأتي «في إطار تمكين الموظفين من أداء مهامهم، وتعزيز روح التعاضد والتكاتف في ظل الحصار المالي، وتقديراً لصمود الموظفين العموميين».
وبحسب مركز الاتصال الحكومي، فقد أكد التعميم ضرورة ضمان استمرار وتسهيل حصول الموظفين العموميين على الخدمات الأساسية من الماء والكهرباء والاتصالات والإنترنت، وضمان عدم انقطاعها، إلى جانب التعليم العالي، بما يضمن تقسيط رسوم الطلبة، وضمان عدم اتخاذ أي إجراءات بحقهم فيما يتعلق بالالتزامات المالية إلى حين انتهاء الأزمة المالية، وانتظام صرف الرواتب.