اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شهاب للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٤ تموز ٢٠٢٥
خاص - شهاب
في تطورٍ عسكري ميداني جديد يُعد من الأقوى منذ بدء حرب 'الإبادة الجماعية' على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسفر كمين محكم نفذته المقاومة الفلسطينية في منطقة بيت حانون شمال القطاع عن مقتل وإصابة أكثر من 20 جنديًا 'إسرائيليًا' بينهم ضابط كبير، وفق اعترافات رسمية لدى الاحتلال.
الحدث الذي وُصف بأنه من أصعب الضربات التي تلقاها جيش الاحتلال خلال الحرب، يعيد فتح النقاش حول قدرة المقاومة على فرض المعادلة الميدانية، رغم مرور نحو 21 شهرًا على العدوان المتواصل.
'الرواية الإسرائيلية تُقرّ بالفشل'
يرى المحلل المختص في الشأن 'الإسرائيلي' د. عمر جعارة أن العملية في بيت حانون لم تكن مفاجئة فقط في حجمها، بل في توقيتها ومكانها أيضًا، موضحًا أن الرواية 'الإسرائيلية' نفسها اعترفت بتعرض الجنود لانفجارات متتالية، أوقعت سبعة قتلى و14 جريحًا.
ويضيف جعارة لـ(شهاب): 'الرواية تقول إن القوات كانت تفتش عن خلايا مقاومة داخل البيوت المهدمة، وانفجرت العبوة عندما تمركزوا، ثم استُهدفت قوة الإنقاذ أيضًا'.
ويرى أن فشل الاحتلال في تأمين المنطقة رغم تفريغها من السكان وقصفها بشكل متكرر، يكشف زيف ادعاءاته بتحقيق سيطرة ميدانية.
'رسالة تفاوضية'
من جانبه، وصف الكاتب والمحلل السياسي ماجد الزبدة العملية بـ'النوعية والمركبة'، موضحًا أنها وقعت في أخطر نقطة تماس شمال شرق القطاع، في منطقة مكشوفة للعدو وقريبة من المستوطنات المحاذية للقطاع.
واعتبر الزبدة خلال حديثه لـ(شهاب) أن نجاح المقاومة في زراعة حقل ألغام وتنفيذ هجوم من نقطة صفر، رغم الوجود العسكري المكثف، يُعد مؤشرًا على تطور استخباري وميداني كبير.
وقال الزبدة: 'العملية جاءت في توقيت تفاوضي حساس، وتؤكد أن المقاومة تملك الكلمة في الميدان'. كما ربط الزبدة بين العملية وتلك التي جرت سابقًا في خانيونس، مشيرًا إلى أن العمليتين تفندّان ادعاءات الاحتلال بالقضاء على قدرات المقاومة.
'تطور تكتيكات المقاومة'
فيما أكد الكاتب السياسي د. أمين الحاج أن الكمين يعكس تطورًا نوعيًا في عمليات المقاومة، لا سيما في قدرتها على اختراق مناطق يدعي الاحتلال السيطرة عليها بالكامل.
وقال د. الحاج لـ(شهاب): 'العملية كشفت فجوة كبيرة في السيطرة الميدانية للجيش الإسرائيلي، الذي رغم تفوقه التكنولوجي فشل في منع المقاومة من زراعة العبوات واستدراج القوات'.
ويرى الحاج أن الكمين يوجه ضربة قاسية للرواية الأمنية 'الإسرائيلية' خاصة في ظل محاولات نتنياهو إقناع الرأي العام بجدوى استمرار العمليات.
ويضيف أن توقيت العملية، بالتزامن مع المفاوضات والزيارات الدبلوماسية، يعقّد الموقف التفاوضي 'الإسرائيلي' ويُبرز أوراق المقاومة السياسية والميدانية.
'نظريات اليوم التالي سقطت'
الباحث السياسي محمد القيق رأى في العملية رسائل واضحة بأن السيطرة في الميدان هي للمقاومة، فوق الأرض وتحتها. وقال: 'أن تنجح المقاومة في تنفيذ هجوم بهذه الجرأة في منطقة مكشوفة وتحت نيران تمهيدية كثيفة، يعني أن كل نظريات اليوم التالي للعدوان قد سقطت'.
ويرى القيق في حديث لـ(شهاب) أن الكمين نسف محاولات الاحتلال للضغط على المقاومة عبر المفاوضات، والحملات الإعلامية، والتجويع الجماعي، معتبرًا أن نتنياهو لا يزال عاجزًا عن تحقيق أي انتصار يُقدّمه لجمهوره.
وفي السياق، أكدت كتائب القسام أن الكمين ضد وحدة 'نيتساح يهودا' تم تنفيذه على مراحل متتالية في منطقة بيت حانون، واستُخدمت فيه عبوات متفجرة موجهة ومعلومات استخبارية دقيقة. وقال مصدر في القسام إن هذا الهجوم هو الثالث ضد نفس الكتيبة، التي استُهدفت سابقًا في عمليتي الزراعة والسكة.
وأوضح المتحدث العسكري باسم الكتائب أبو عبيدة أن الكمين يمثل 'ضربة إضافية لهيبة جيش الاحتلال'، مؤكداً أن المقاومة مستمرة في معركة استنزاف طويلة ستكبد الاحتلال المزيد من الخسائر.
وشددت الكتائب على أن الكمين يبرهن على فشل محاولات الاحتلال في تأمين المناطق، وعلى قدرة المقاومة في قلب المعادلة رغم الحصار والتدمير الشامل، محذّرة نتنياهو من أن استمرار وجود قواته داخل غزة هو القرار الأكثر غباءً، والذي قد يُفضي إلى أسر جنود جدد.
بذلك، تمثل عملية بيت حانون علامة فارقة في مجريات الحرب المستمرة، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، في الميدان، وفي أروقة المفاوضات السياسية على حد سواء.