اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٧ أيلول ٢٠٢٥
توجّه الشاب محمد عوض (18 عاماً)، كغيره من آلاف الفلسطينيين، إلى منطقة زيكيم شمال قطاع غزة بحثاً عن كيس طحين يسد به جوع أسرته، لكن الرصاصة الإسرائيلية كانت أسرع، فاخترقت رأسه وأدخلته في غيبوبة طويلة انتهت به على سرير الشفاء مشلول اليد والقدم، نصف جسده مقيّد، وحلمه الكبير مكسور.
محمد لم يكن مجرد شاب يطارد رغيف خبز، بل كان لاعباً طموحاً يحلم بأن يصبح نجماً لامعاً في ملاعب كرة القدم، غير أن ذلك بات اليوم مستحيلاً.
انضم محمد إلى صفوف الفريق الأول في نادي اتحاد بيت حانون الرياضي، أحد أندية الدرجة الممتازة في قطاع غزة، ليبدأ مشواره نحو تحقيق حلمه.
لكن الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023 لم تدمّر الملاعب فحسب، بل دمّرت أيضاً مستقبل مئات الرياضيين. وتشير الإحصائيات إلى استشهاد أكثر من 788 رياضياً، بينهم 377 لاعب كرة قدم.
يقول محمد لـ فلسطين أون لاين: 'على مدار أيام طويلة لم نتذوق أنا وإخوتي الخبز، فقررت التوجه إلى منطقة زيكيم على أمل الحصول على كيس دقيق. وبعد دقائق من وصولي، اخترقت رصاصة رأسي فدخلت في غيبوبة طويلة. وعندما استيقظت وجدت نفسي بلا حركة، وأبلغني الأطباء أنهم اضطروا لاستئصال جزء من جمجمتي، وأنا أعيش اليوم بشلل نصفي ومعاناة لا أعرف متى تنتهي'.
ويضيف: 'وضعي الصحي حرج للغاية، حيث أحتاج إلى علاج طبيعي وتأهيل مستمر غير متوفر في غزة المحاصرة، وكل يوم يمر من دون علاج يهدد حياتي أكثر'.
كان محمد يحلم بارتداء قميص المنتخب الوطني الفلسطيني، وخاض تجربته الأولى مع فريق بيت حانون بقيادة المدرب محمد العيماوي والكابتن محرز أبو عودة، الذي استشهد هو الآخر أثناء محاولته الحصول على المساعدات. لكن الحرب أجهضت كل شيء، وجعلت محمد يركض خلف المساعدات بدلاً من الركض خلف الكرة، قبل أن تأتي الإصابة كرصاصة أخرى أنهت طموحه الرياضي.
ورغم كل ما أصابه، يتمسك محمد بخيط أمل رفيع: 'أحلم بالعودة إلى ممارسة كرة القدم. أعرف أن إصابتي قد تنهي مسيرتي، لكن ما أحتاجه فقط هو العلاج اللازم، فربما يكون هذا العلاج بوابتي الوحيدة للعودة من جديد'.
يتطلع محمد لأن يبدأ رحلة العلاج قريباً لإنقاذ ما تبقى من حياته، في ظل انعدام الإمكانيات الطبية في غزة. فقصة محمد ليست مجرد حكاية لاعب، بل صورة عن واقع رياضة فلسطينية تنهار تحت نيران الحرب: مئات الرياضيين بين شهيد وجريح، وبنية تحتية مدمّرة، وسط صمت دولي يشرعن استمرار المأساة.