اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٤ أب ٢٠٢٥
أعاد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إحياء مصطلح (إسرائيل الكبرى)، مشيرا في تصريحاته الأخيرة إلى ما وصفه بـ'مهمة روحية وتاريخية' تتجاوز 'حدود' (إسرائيل) الحالية، وتطال أراضي دول عربية مجاورة.
و قال نتنياهو خلال مقابلة مع قناة 'i24' العبرية: 'أنا في مهمة تمتد عبر الأجيال.. أشعر أنني في مهمة تاريخية وروحانية، فأنا مرتبط جداً برؤية 'إسرائيل الكبرى'، التي تشمل فلسطين والأردن وسوريا ولبنان وجزء مصر'.
وفي السياق ذاته، جاءت تصريحات وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، لتؤكد هذا التوجه التوسعي. ففي مقابلة مع قناة تلفزيونية أوروبية مؤخرا، قال إن '(إسرائيل) يجب أن تمتد لتشمل الأردن وأجزاء من مصر ولبنان والسعودية والعراق'، مؤكدا أن 'قدر القدس أن تمتد إلى دمشق'، مستندا إلى تفسيرات دينية اعتبرها موجهة لمسار إسرائيل المستقبلي.
البيئة مثالية لفرض المشروع
الخبير في الشؤون الإسرائيلية مراد السبع، يرى أن نتنياهو يسعى إلى استثمار البيئة الإقليمية والدولية عقب حرب 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، لتحقيق الحلم التوسعي الصهيوني، مدعوما بتواطؤ عربي وتخاذل واضح في المستويات كافة.
وأوضح السبع لـ 'فلسطين أون لاين'، أن هشاشة الأنظمة العربية المحيطة، وانشغالها بصراعات داخلية، جعل من مشروع (إسرائيل الكبرى) أكثر قابلية للتحقق، لا سيما في ظل انعدام أدوات الردع العربية على الصعيد العسكري والدبلوماسي، ما يفتح الباب لمرحلة خطيرة من التمدد الإسرائيلي.
ويضيف، أن (إسرائيل) اليوم تجد فرصة تاريخية في الانقسام العربي والتفكك الحزبي والطائفي، الذي غذته على مدى سنوات، لتسويق مخططاتها القائمة على تفريغ الأرض من الفلسطينيين وتوسيع حدود الدولة العبرية دون مواجهة جدية.
تنفيذ أحلام قديمة
بدوره، يرى هاني الجمل رئيس وحدة الدراسات الدولية والاستراتيجية في المركز العربي بالقاهرة، أن تصريحات نتنياهو تنسجم تماما مع أفكاره القديمة التي ضمنها في كتابه 'مكان بين الأمم' عام 1993، والتي يعكف اليوم على تنفيذها عمليا.
وقال الجمل لـ 'فلسطين أون لاين'، إن مشروع (إسرائيل الكبرى) يستند إلى قراءة توراتية مغلوطة، ويستغل الفوضى العربية لإقامة دولة تمتد من الفرات إلى النيل، في ظل تطويع الخريطة الجيوسياسية بما يخدم مصالح (إسرائيل) وتحالفاتها الاستراتيجية، خصوصا مع واشنطن.
وأضاف أن (إسرائيل) تستهدف كسر أي ممانعة إقليمية، بدءا من نزع سلاح حزب الله، وصولا إلى استغلال الانهيار الأمني والسياسي في دول مثل اليمن وسوريا، وانتهاء بمحاولة الضغط على مصر لتسهيل مخطط التهجير القسري للفلسطينيين.
تصدع القرار العربي
أما الكاتب السياسي ماجد الخواجا، فيرى أن تصريحات نتنياهو ليست مفاجئة، بل تعكس نهجا متأصلا في فكر القيادة الإسرائيلية، موضحا أن ضعف الوضع العربي الحالي شكل البيئة المثلى لمثل هذه المشاريع التوسعية.
ويؤكد الخواجا في حديثه لـ 'فلسطين أون لاين'، أن التوجه الإسرائيلي مدعوم بالكامل من مؤسسات الدولة العبرية، بما فيها الكنيست والمؤسسة العسكرية، وهو ما يجعل من تصريح نتنياهو الأخير تعبيرا رسميا عن مسار سياسي واضح، يستهدف إعادة رسم خريطة الإقليم.
ويحذر الكاتب الأردني من أن أدوات المقاومة التقليدية لم تعد قادرة على مجابهة هذه التحديات، في ظل الانتقال إلى حروب إلكترونية ومعلوماتية غير مسبوقة، فضلا عن حالة الشلل الكامل التي تضرب عمق القرار السياسي العربي.
مخططات لإعادة تشكيل المنطقة
من جانبها، تحذر الدكتورة نائلة الوعري، الباحثة في التاريخ الحديث والمعاصر، من أن تهديدات نتنياهو بتغيير خارطة الشرق الأوسط ليست مجرد تصريحات، بل هي امتداد لمخططات أمريكية إسرائيلية متكاملة لإعادة تشكيل المنطقة.
وتشير إلى أن مخطط تغيير خريطة سايكس-بيكو مدعوم بغطاء أمريكي واضح، يهدف لإحكام السيطرة الاقتصادية والسياسية على المنطقة، وإعادة توزيع النفوذ بما يخدم مشروع (إسرائيل الكبرى) وفق تصورات صفقة القرن والشرق الأوسط الجديد.
وتؤكد الوعري لـ 'فلسطين أون لاين'، أن إمكانية تغيير الحدود والكيانات السياسية أمر واقعي في ظل التراخي العربي، مستشهدة بتجارب سابقة مثل تقسيم العراق، وطرح مشاريع فدرالية في سوريا، إلى جانب الضغط المتزايد على الأردن ومصر ضمن سياقات التطبيع والتهجير.
ويجمع الخبراء في الشأن السياسي والتاريخي، أن تصريحات نتنياهو وسموتريتش لم تعد تعبيرات هامشية أو مواقف متطرفة، بل باتت تشكل نواة لرؤية سياسية تسعى حكومة اليمين المتطرفة الحالية لترسيخها واقعا.
ويحذرون من أن مواصلة الانقسام العربي والجمود السياسي سيمنح إسرائيل الوقت والمساحة لفرض خرائط جديدة على الأرض، ما لم تواجه بخطط إقليمية مضادة، تبدأ بالموقف الشعبي وتنتهي بإعادة هيكلة أولويات النظام العربي تجاه القضية الفلسطينية.