اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تلقي معركة طوفان الأقصى بظلالها على الشعب الفلسطيني عمومًا وعلى المقاومة الفلسطينية خصوصًا، حيث يعاني الشعب الفلسطيني من ويلات الحرب المدمرة بعد استمرارها لمدة عامين تقريبًا.
فعلى صعيد البنية التحتية يعتبر قطاع غزة من المناطق المنكوبة حيث تزداد نسبة الدمار بداخله عن 70% وذلك حين نتناول مساحة القطاع الكلية البالغة 365 كم مربع، فيما لو اجتزأنا المساحة المسيطر عليها من قوات الاحتلال 'الاسرائيلي' والبالغة قرابة 53% فإن نسبة الدمار تتعدى المذكور بكثير.
كما أن المقاومة الفلسطينية خرجت بعد الحرب منهكةً لانقطاع طرق الامداد من الخارج واعتمادها على التصنيع المحلي في ظلّ وصول قوات الاحتلال 'الاسرائيلي' لعمق القطاع، ما أدى لكشف العديد من ورش التصنيع العسكري التابعة لها، كما أن اغتيال العديد من قادتها وجنودها في ساحة المواجهة أثر على بنيتها دون أن يظهر ذلك في تكتيكاتها العملياتية، بل استمرت المقاومة بقتالها بأساليب متعددة أنهكت قوات الاحتلال.
وعلى الصعيد 'الاسرائيلي'، فقد أنهكت قوات الاحتلال 'الاسرائيلي' على كافة الصعد، فعلى الصعيد الميداني تكبدت القوات العاملة في مسرح العمليات خسائر فادحة ما جعل القياداة الميدانية تضغط بشكلٍ غير مسبوق على القيادة العسكرية العليا لتضغط الأخيرة على المستوى العسكري لوقف الحرب بسبب الاستنزاف في القوات البشرية والمعدات الميدانية التي تستهدفها المقاومة بشكلٍ مباشر بقذائف وعبوات محلية الصنع.
كما أن ارتكاز قوات الاحتلال على قوات الاحتياط خلق أزمة متعددة الأبعاد، فعلى الرغم من حشد قوات الاحتياط للحرب من أعمالهم المدنية وغيرها إلا أن الحكومة 'الاسرائيلية' كانت تتنصل من واجباتها تجاه أولئك الجنود، حيث عانى مئات الجنود من قوات الاحتياط من اضطرابات ما بعد الصدمة دون اعتناء من حكومة الاحتلال، حيث ذكرت دراسة لصحيفة هآرتس أن 50% من المذكورين يجدون صعوبةً في العودة لأعمالهم.
كما أنه حسب دراسة لجمعية نيتل أن من بين المئات من جنود الاحتياط الذين تقدموا بطلبات للمساعدة النفسية، نصفهم لم يتمكنوا من العودة للعمل أو أنهم غير قادرين على الاندماج في بيئات العمل من جديد، على الرغم من خضوع بعضهم للمتابعة والدعم النفسي، ومن بين أولئك أصحاب شهادات أكاديمية يواجه 30% منهم صعوبة في العودة للعمل أو الدراسة.
من الجدير ذكره استهداف المقاومة الفلسطينية لناقلة جند مدرعة بداية الحرب البرية على غزة في أكتوبر 2023، ما أدى لمقتل 15 جنديًا بداخلها وإصابة البعض الآخر، يعود أحد الجنود المصابين بعد نجاته وخروجه من المشفى ليلتقط صورةً تذكارية في مدرعة (النمر) المستهدفة حينما كان بداخلها.
ليظهر ذلك مدى الأثر النفسي العالق في داخل الجندي 'الاسرائيلي' بعد الحرب على غزة، كما شهدت وسائل الاعلام 'الاسرائيلية' حالات انتحارٍ عديدة من جنود الاحتياط والتي كان آخرها انتحار شرطي 'اسرائيلي' كان يعمل في قسم مركز شرطة سيديروت حيث انتحر خلال العام الجاري بعد قتاله ضد مقاتلي المقاومة الفلسطينية صبيحة السابع من أكتوبر 2023 خلال سيطرتهم على مركز الشرطة، ويرتفع بذلك عدد المنتحرين ل22 منتحرًا منذ بداية العام الحالي.
كما يتعرض جنود الاحتلال لملاحقاتٍ قضائيةٍ دولية، حيث برزت العديد من المؤسسات الحقوقية في العالم لملاحقة مجرمي الحرب حال خروجهم من 'اسرائيل'، وقد رفعت مؤسسة هند رجب الحقوقية أمس الجمعة شكوى جنائية ضد الجندي 'الاسرائيلي' (إلكانا فيدرمان) أمام المدعي العام الاتحادي الألماني بتهمة ارتكابه لجرائم حرب وإساءة معاملة المعتقلين الفلسطينيين وعرقلة وصول المساعدات الاغاثية للشعب الفلسطيني، وقد كان يعمل الجندي المذكور في الكتيبة 94 التابعة للواء كفير ومنظمة تساف 9 المتطرفة.
وكانت المؤسسة قد طالبت باعتقاله على الأراضي الألمانية وتوقيفه احتياطيًا وإصدار مذكرة توقيف بحقه في أراضي الاتحاد الأوروبي خوفًا من هربه، مستندةً في اتهامتها على أدلةٍ رقمية واسعة النطاق تظهر تورطه المباشر فيما ذكر، كما لم تكن حالة الجندي المذكور الوحيدة أو الأولى من نوعها.
بل تعدى ذلك حتى منعت براغ عاصمة التشيك أحد الجنود 'الاسرائيليين' من إكمال سياحته برفقة زوجته وأولاده لتورطه في جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، وذلك بعد إصدار فرنسا لائحة اتهام تتعلق به، الأمر الذي اضطره للعودة ل 'اسرائيل'.
وتعتبر كل تلك الحالات من الآثار الجسيمة على الاحتلال 'الاسرائيلي' عمومًا وجنوده خصوصًا حيث من الممكن أن تتشكل عقدة فيتنام التي كان يعاني منها الجيش الأمريكي خلال حربه في فيتنام لدى قوات الاحتلال 'الاسرائيلي' فيصبح الجندي في حالة من النبذ والانكار ما يجعله غير مقبول مجتمعيًا لدى المجتمع 'الاسرائيلي'، خصوصًا وأن الأخير ينظر للحياة نظرة الرفاهية الضرورية وإن فرض القتال فإن حالة النبذ للجنود تدخل المجتمع 'الاسرائيلي' في حالة من التفكك والتشرذم الغير مسبوق.
الخلاصة:
أعتقد أن استمرار المؤسسات الحقوقية وتوظيف المقاومة الفلسطينية للعمليات النفسية بالشكل الصحيح الذي يلعب على أوتار النفسية 'الاسرائيلية' يسهم بشكل كبير جدًا في إنهاك أركان المجتمع 'الاسرائيلي' وضربه في مقتل خصوصًا إن تم التركيز على التفرقة العنصرية التي يعمل الاحتلال على إخفائهها عن السطح بمصطلح بوتقة الصهر الذي جاء مع إقامة 'الدولة' على أرض فلسطين في العام 1948.

























































