اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
مشاهد الدمار الواسعة الممتدة على مدّ البصر، التي حوّلت مشروع بيت لاهيا، مسقط رأسه، إلى كومة من الركام، والمئات من الأقارب والمعارف الذين تفرّقوا بين شهيد وجريح وأسير ومفقود فلم يجدهم في استقباله حين خرج من المعتقل، جعلت المحرر كرم عبد الناصر وادي (20 عاماً) يعيش حالة من الصدمة والذهول لم يفق منها حتى اللحظة.
كان كرم يحتفي بنجاحه في الثانوية العامة وحصوله على معدل 81٪ في الفرع الأدبي، ويستعد لدراسة تخصص الوسائط المتعددة في الجامعة، حين اندلعت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. بدأت معاناة النزوح ليجد نفسه نازحاً إلى مدرسة 'خليفة بن زايد'، التي اقتحمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في التاسع من ديسمبر 2023، مطالباً جميع الرجال فوق سن السادسة عشرة بالتجمع في الساحة.
خرج كرم مع الرجال إلى الساحة، وهناك بدأ الاحتلال بعملية فرز واعتقل كرم مع نحو 300 آخرين، ليقاسي ظروف اعتقال غاية في القسوة. يقول: 'أسوأ ما في الاعتقال الإهمال الطبي المتعمّد. أُصبت بالجرب، ولم يقدموا لنا أي علاج'.
ويضيف: 'عانيت من مرض الجرب خمسة أشهر، ولا تزال آثاره واضحة على جسدي من أخمص قدمي حتى وجهي. أما التعذيب وكيل الاتهامات فكان عذاباً من نوع آخر'.
ويشرح: 'لفقوا لنا التهم بالانتماء للفصائل الفلسطينية والمشاركة في السابع من أكتوبر، وكانوا يعقدون لنا محاكم صورية. كنت أرفض كل التهم، فيعيدونني للتحقيق المؤلم من جديد'.
أما حملات القمع – وفق وادي – فحدّث ولا حرج، إذ كانت يومية، ترافقها قلة الطعام والشراب والتجويع المتعمد، والانقطاع التام عن العالم الخارجي.
يستذكر بألم ما جرى معه بعد عام وثلاثة أشهر من الانقطاع الكامل عن العالم: 'اعتُقل أسير من منطقتنا، وأخبرني بأن والدي واثنين من أشقائي قد استشهدوا في حوادث مختلفة. كان وقع الصدمة ثقيلاً لا يُحتمل'.
ولم يخطر ببال كرم، حين تلقّى خبر استشهاد والده وشقيقيه، أن الواقع بعد الإفراج سيكون أشدّ قسوة. فقد اكتشف أن اثنين آخرين من أشقائه تعرّضا للاعتقال مثله، بينما كان الدمار الذي عمّ قطاع غزة، وخاصة مشروع بيت لاهيا، يفوق الخيال. لم يفارق كرم ركام منزل عائلته، يبكي والده وإخوته الذين دُفنوا في المنطقة دون أن يحظى بوداعهم.
وما زال مسلسل الصدمات يتوالى، إذ وجد أن جدته واثنين من أعمامه وعدداً من أبناء أعمامه قد استُشهدوا. يقول: 'وجدت أقاربي ومعارفي بين شهيد وأسير وجريح ومفقود... كل يوم أكتشف فقداً جديداً'.

























































