اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
﴿أَ*خرِجوهُم مِن قَريَتِكُم إِنَّهُم أُناسٌ يَتَطَهَّرونَ﴾*
الأعراف82
منذ أكتوبر 2023، نعيش في غزة محرقة إنسانية مدمرة حيث استُهدفت أهلنا وشعبنا العظيم والمرافق الحيوية بقصف جوي مكثف أسفر عن استشهاد آلاف الأطفال، وفق تقارير الأمم المتحدة. شهادات الناجين تكشف حجم المأساة؛ استخدم الاحتلال أسلحة محرمة دوليًا، كما نشهد تهجيرًا قسريًا ممنهجًا عبر النزوح، إن ما يجري في غزة هو إبادة جماعية تستهدف تدمير الإنسان الفلسطيني وحياة أجياله القادمة.
في قلب المحرقة، حين يتوهّم الاحتلال أن استيطانه سيدفن الذاكرة، ويقتلع الجذور، ينهض الفلسطيني من تحت الركام، يحمل حجارته وجراحه، ويعيد بناء حياته من العدم. هي مشيئة الله التي تصنع من شعب غزة أيقونة الرباط والصمود، وتثبت للعالم أن الأرض لا يملكها من يحتلها بقوة السلاح، بل من يسكنها بحبها ويضحي من أجلها. وستبقى فلسطين شاهدة أن الحق لا يُمحى بمجازر ولا تُبدد معالمه بالتدمير والابادة.
خطورة الاحتلال الاستيطاني تكمن في كونه مشروعًا إحلاليًا يهدف إلى إبادة أصحاب الأرض أو طردهم وإخراجهم، ليتم الاستيطان في أرضهم ومواقعهم، كما فعلت العصابات المهاجرة إلى أمريكا، حيث قتلوا الهنود الحمر ليحتلوا مكانهم، ما أدى إلى إبادة شعب كامل من السكان الأصليين.
كان مشروع دولة العصابات اليهودية في فلسطين، قبل أن ينشأ، قائماً على الاحتلال والاستيطان. وكانت المقولات المضللة التي استخدموها لتسويق اغتصاب فلسطين تدّعي أنها 'أرض بلا شعب' وأنهم 'شعب بلا أرض'، رغم علمهم بعكس ذلك، ولكنه التضليل { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ } النساء 46، إضافة إلى الوهم والخداع بادعاء العودة إلى 'أرض الميعاد'، التي خرجوا منها منذ آلاف السنين.
وحين مكّنت بريطانيا الظالمة العصابات اليهودية من فلسطين بعد احتلالها، وقدّمت وعد بلفور لتوطينهم فيها وجلبهم من كل مكان في العالم { جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا } الإسراء 104، لم تخرج بريطانيا إلا بعد إعلان دولة العصابات اليهودية. ومع كل قدوم إلى 'أرض السمن والعسل'، كانوا يقيمون المستوطنات والكيبوتسات، ليس باعتبارهم احتلالًا طارئًا، بل كمستوطنين بدلاء عن السكان الفلسطينيين الأصليين.
وحين استقر لهم المقام في الأراضي المحتلة، وملؤوها بالمستوطنات بعد النكبة، ثم بعد النكسة عام 1967، غرسوا المستوطنات في كل مكان: في القدس، والضفة الغربية، وقطاع غزة. واليوم، ضمن مخططاتهم حتى عام 2030، يهدفون إلى توطين مليون مستوطن في القدس، ومليون آخر في الضفة الغربية، إضافة إلى العودة للاستيطان في غزة بعد تنفيذ محرقة سادية، وتهجير السكان من بيوتهم، وتقطيع أوصال القطاع لمنعهم من العودة إليها.
المشروع الاستيطاني والتهجير هو السياسة التي تمارسها عصابات الإبادة السادية، بمحاولات إخراج أهل غزة إلى سيناء، وإجبار أهل الضفة الغربية على مغادرة أراضيهم نحو الأردن، من خلال المجازر المستمرة منذ النكبة وحتى اليوم، حيث ما زالوا يرتكبون عشرات المجازر يوميًا في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ولكنها مشيئة الله الغلّابة، وإرادته القاهرة، ومعيته الحاضرة، التي تجلت في ثبات أهل غزة العجيب والأسطوري، لأن الله اصطفاهم ليكونوا في خير الرباط، وعلى ساحل الشام، وفي بيت المقدس وأكنافه، ليواجهوا عصابات الإبادة، ويمنعوا مشاريع الاستيطان الإحلالية. وسينتهي هذا المشهد كما وعد الله عز وجل، بنهاية العصابات اليهودية على الأرض المقدسة، وبقاء أهلها وانتصارهم، بما ثبّتهم الله عليه وألهمهم من الجهاد والرباط (اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (آل عمران: 200).