في قلب الخليل… شاب يحوّل الزراعة إلى حكاية إلهام وتجديد

الخليل-معا-في سهل البقعة شرق مدينة الخليل، حيث تمتد الأرض بعطائها، تنمو قصة ملهمة تُروى بين خطوط الزراعة، يخطّها المهندس الزراعي محمد مصطفى الرجبي، خريج هندسة زراعية تخصص التصنيع الغذائي من جامعة القدس، بشغف لا يهدأ وإصرار على التغيير.

بعيداً عن النمط التقليدي، اختار الرجبي أن يبدأ من المعرفة. التحق بدورات تدريبية رقمية مع خبراء من مصر، وتعلّم اختيار الأصناف وتحسين جودة الإنتاج، فصار لكل نبتة موعد، ولكل موسم خطة. بين يديه، لم تعد الزراعة مجرد حرث وبذر، بل علم واستراتيجية تستجيب لحاجة السوق وتطلعات المستهلك.

'العلم هو الأساس، والتخطيط هو الطريق'، يقول الرجبي، الذي يدير مشروعاً زراعياً عائلياً إلى جانب أشقائه، حيث باتت مزرعتهم نموذجاً محلياً للزراعة الذكية، بالإنتاجية العالية، والتنوع المحسوب، والجودة المدروسة.

ويؤكد الرجبي على أهمية إنشاء مشتل وطني لإنتاج الأصول الزراعية المقاومة للأمراض، مطالباً بدعم مباشر من وزارة الزراعة بقيادة الوزير رزق سليمية، لتوسيع التجربة وتوفير شتلات قوية للمزارعين.

خلال زيارة المستشار الاقتصادي أحمد حسونة، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة محافظة، بدا الانبهار واضحاً عليه، وهو يتنقل بين خطوط الزراعة المنتظمة: خيار إلى جانب فاصولياء، وبندورة نادرة تُزرع لأول مرة في الخليل وانواع كثيرة من الخضار. رأى فيها حسونة أكثر من مزرعة، بل مشروعاً يحمل وعياً متقدماً واستثماراً زراعياً يضاهي التجارب الكبرى.

ووصف المستشار حسونة تجربة الرجبي بـ'الملهمة'، قائلاً: 'ما رأيناه هنا ليس مجرد مزرعة... بل نموذج يُدرّس في الاستثمار الذكي. هذه زراعة ترتكز على المعرفة والتخطيط، لا على العشوائية'.

ويرى المستشار حسونة أن هذه التجربة ليست مجرد نجاح فردي، بل خطوة نحو تمكين المزارعين الصغار، وتوحيد الجهود في إطار رؤية وطنية تنعش الزراعة وتدعم الاستقرار الاقتصادي والغذائي.

ودعا المؤسسات المعنية والمزارعين إلى زيارة المشروع والاطّلاع على تفاصيله، مشيداً بقدرة الرجبي على تحويل فكرة بسيطة إلى واقع نابض بالإنتاج والطموح.

وقال: ' يزرع الرجبي ما هو أبعد من المحصول… يزرع أملاً، ويستنهض قطاعاً يحتاج إلى من يروي تربته بالصبر والعلم'.