اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٥ أب ٢٠٢٥
في محاولة مرتبكة لتسويغ قصف مستشفى ناصر الطبي بخان يونس وما خلّفه من عشرات الشهداء والجرحى بين الصحفيين وفرق الإنقاذ والمرضى، قدّم جيش الاحتلال رواية أشبه بالاعتراف الصريح بالجريمة.
مسؤول أمني زعم أن كاميرا مثبّتة على سطح المستشفى كانت “توثق تحركات قواته” وأنها استخدمت من قبل حماس، وبناء على ذلك صدر إذن لإزالتها عبر طائرة مسيّرة. لكن بدلاً من ذلك، أطلقت دبابة قذيفتين: الأولى على الكاميرا، والثانية على من هرعوا لإنقاذ الضحايا.
المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي أصدر بيانًا أعلن فيه أن رئيس الأركان أيال زامير وجّه بفتح “تحقيق أولي”، مع الإعراب عن الأسف لإصابة “غير المتورطين”، مؤكداً أن الجيش “لا يستهدف الصحفيين بصفتهم هذه” ويعمل على “تقليص المساس بهم”.
غير أن جوهر الرواية يقرّ بأن قرار الاستهداف كان متعمداً، وأن “التحقيق” ليس إلا غطاءً دعائياً يرافق كل جريمة موثقة. تسلسل الأحداث يكشف نمطاً ثابتاً: قصف الهدف أولاً، ثم قصف المسعفين ومن يحاولون إنقاذ الضحايا.
هكذا تحوّل “التبرير” إلى إقرار غير مباشر بأن ما جرى في ناصر لم يكن خطأ عابراً، بل جزء من سياسة ممنهجة تقوم على إسكات الصحافة، شلّ فرق الإنقاذ، ومحو كل ما يوثق الجرائم في غزة.
من جهته، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أنَّ هذه الجريمة المركّبة تشكّل مصيدة محسوبة لاستهداف فرق الإنقاذ والصحافيين وإسكات الشهود وتقويض فرص نجاة الفلسطينيين.
ووثَّق فريق الأورومتوسطي الميداني رصد تحليق مسيّرة إسرائيلية على ارتفاع منخفض جدًا في سماء مجمع ناصر الطبي قبل استهداف المكان.
وأشار إلى أنَّ الهجوم لم يكن عشوائيًا بل متعمدًا ونُفّذ بتوجيه استخباري دقيق شمل معلومات تفصيلية حول طبيعة المكان المستهدف وهوية الضحايا.
وأوضح، أنَّ هذا النمط لا يشكّل حادثًا منفردًا بل سياسة إسرائيلية متكرّرة وموثّقة في مواقع متعددة خلال الإبادة الجماعية.
وشدد الأورومتوسطي على أنَّ ما جرى جريمة متعدّدة الأركان، إذ استهدف الجيش مرفقًا طبيًا محميًا، وقتل طبيبًا وصحافيين أثناء أداء مهامهم، واستهدف مرضى خلال محاولات إسعافهم، وقتل وأصاب عناصر من الدفاع المدني أثناء قيامهم بواجب الإنقاذ.
وطالب بإنفاذ قواعد القانون الدولي الإنساني لضمان حماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وتوفير حماية خاصة وفعّالة للطواقم الطبية وفرق الإنقاذ والصحافيين، وضمان تمكينهم من أداء مهامهم الإنسانية دون تهديد أو استهداف، وتأمين المرافق الصحية وتجنيبها أي اعتداءات عسكرية.
وحذّر من أنّ صمت المجتمع الدولي إزاء جرائم الإبادة الجماعية التي تنفّذها إسرائيل شكّل غطاءً مباشرًا لتماديها في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، وأسهم عمليًا في نزع الحماية عن الأشخاص والأعيان المحمية صراحة بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك المستشفيات والمرافق الطبية والطواقم الإنسانية والصحافيون.
ودعا الأورومتوسطي الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تبنّي قرار عاجل بموجب إطار 'الاتحاد من أجل السلام' لتشكيل قوة دولية لحفظ السلام ونشرها في قطاع غزة، بما يكفل وقف الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، وضمان حمايتهم، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وحماية المرافق الطبية والإغاثية، وإنهاء الاستهداف الممنهج لها.
وأكّد المرصد أنّ تفعيل هذا المسار يُعد واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا على عاتق المجتمع الدولي لحماية أكثر من مليوني إنسان في غزة من جرائم الإبادة الجماعية والانتهاكات الجسيمة المستمرة.